رمضان في القرية هو رمضان الذي يحن إليه دائمًا الشاعر حسن طلب، حيث يوجد فيه الصائمون صائمين كما ينبغي، ويمتلئ ليله ونهاره بالهدوء والسكينة الرمضانية، فلم يكن شهر الاستهلاك والتبضع مثلما هو الآن، فيقول "هذه الأيام لا علاقه لها برمضان نفسه، فقد أصبح رمضان شهر الاستهلاك والبهرجة، للأسف تحول إلى مولد، بعد أن كان شهر الصيام والتعبد والروحانيات".
تعلّم "طلب" من القرية الصبر وتذوق الجمال في أشياء بسيطة، فوجد الجمال في بيئة فقيرة، بيئة القرية ذات الصلة بالإنسان والطبيعة، هناك في طهطا، طهطا المهد.. طهطا اللحد، كما يعنون أعماله الشعرية الكاملة، الصادرة حديثًا.
في الصغر، قضى رمضانه يتتبع خطوات المسحراتي برفقة أقرانه، ويغزل من سعف النخيل مشاعل ضوء، ويضع فيها شمعة، فلم تكن ثقافة الفانوس في القرية موجودة آنذاك.
وفي الصبا، قضى الشاعر حسن طلب، رمضانه، يكتب مختارات في شعر الصوفية، ليلقيها في مجالس الذكر والمتصوفة، فالنزعة الصوفية بداخله ظهرت كمردود لمكتبة والده المأذون الشرعي، الذي كان يمتلك مكتبة كبيرة وعريقة تزخر بالكتب الدينية والسير، ومنها سيرة عنترة بن شداد وسيف بن ذي يزن وغيرهما.
هو الآن، يقضي رمضان هاربًا من ضجيج رمضان، والزحام والمدينة التي تحولت إلى سوق في رأيه، فيُحيي ذكريات الشهر الكريم بإعادة قراءة دواوين الشعر الصوفي كاملة، خصوصًا المنسيين من الذاكرة، ومنهم الشتتلي وهو شاعر مهم، وعفيف الدين التملساني، وغيرهما.