رغم تأكيد بعض الأثريين أن أسطورة "لعنة الفراعنة" هو اختراع المصريين القدماء أنفسهم لحماية مقابرهم من السرقة، حيث نقشوا كتابات تحذر السارقين وتتوعدهم بالموت واللعنات، فإن بعض الأثريين يذهبون إلى أن لعنة الفراعنة في عصرنا الحديث ظهرت بعد قيام العالم تيودور بلهارز الذي اكتشف أخطر وأشهر مرض يصيب المصريين وهو البلهارسيا، حين قام بشراء مومياء أدت لإصابته بالحمى.
وازدادت الخرافة شيوعًا بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في عشرينيات القرن الماضي، وظهور كتب أجنبية مترجمة تتحدث عن قصص من لعنة الفراعنة.
كان الفنان العالمي توم كروز قام منذ عدة أيام بالدعاية لفيلمه الجديد "المومياء" محذرًا من فتح توابيت مومياوات تونا الجبل بالمنيا، التي اكتشفت بعثة جامعة القاهرة بها مايقدر بـ17 مومياء بشرية وحيوانية.
يقول الأثري الطيب عبدالله لـ"بوابة الأهرام" إن "اعتقادات لعنة الفراعنة، التي هي خرافة، تملك شيوعًا في أوروبا وأمريكا، لافتًا إلى أنها بدأت بعد فتح مقبرة توت عنخ آمون عام 1922م، وهي المقبرة التي بدأ اكتشافها بسلسلة من الحوادث الغريبة التي بدأت بموت كثير من العمال القائمين بالبحث في المقبرة، وهو ما حير العلماء والناس، وجعل الكثيرين يعتقدون فيما سمي بلعنة الفراعنة". وأضاف أنه "من المدهش أن لعنة الفراعنة صاحبت توت عنخ آمون حتى في عام 2005م، حين تم إخراج موميائه من مقبرته لتشب عاصفة قوية أرجعها البعض إلى لعنة الفراعنة"، لافتًا إلى أن "لعنة الفراعنة لا تتماشى مع الأساليب العلمية، ولا يقبلها العقل ولا المنطق".
وأضاف الطيب أن هناك أفلامًا سينمائية عديدة "أضرت بالآثار المصرية والترويج لها"، لافتًا إلى أنه "لا بد أن تقوم مصر بالعودة لإنتاج مسلسلات وأفلام يتم تصويرها في المناطق الأثرية، ولابد أن يتم التسهيل للكاميرات للتصوير في المناطق الأثرية كالمعابد والقصور القديمة".
"رغم أن اكتشاف تونا الجبل الأخير ضم أهم طائر كان يقدسه الفراعنة وكان يعيش في البيئة المصرية قديمًا قبل اختفائه من مصر منذ 200 عام، وهو طائر أبو منجل، فإن الميديا العالمية اهتمت بالمومياوات البشرية فقط رغم أهمية طائر أبومنجل". هذا ما يقوله الباحث الأثري فرنسيس أمين، لافتًا إلى أن طائر أبو منجل "مختلف اختلافًا كبيرًا عن طائر أبو قردان صديق الفلاح".
ويضيف أمين أن طائر أبو منجل، الذي كان من الرموز المهمة في مصر، "يحنط بهيئتين، على هيئة قرد أو طائر"، لافتًا إلى أنه "من أشهر المومياوات البشرية التي تضمها المنطقة هي مومياء إيزادور العاشقة التي ماتت غريقة، كما تم اكتشاف أجمل توابيت مصر الخشبية في المنطقة وهو تابوت كبير كهنة جحوتي".
ويشير أمين إلى أنها "توابيت مطعمة بالعاج والأحجار الكريمة، وتم نقلها إلى متحف القاهرة حيث تمثل التوابيت نوعًا من الإبداع غير العادي".
ويوضح فرنسيس أمين أنه "لأهمية طائر أبو منجل إله الحكمة عند المصريين فقد اتخذ شعارًا في مكتبات بروكسل ببلجيكا"، لافتًا إلى أن "خرافة لعنة الفراعنة أفادت كثيرًا؛ حيث قامت العائلات الأثرية التي تمتلك الكثير من المومياوات بتسليم ما تمتلك من المومياوات بعد شيوع هذه الخرافة".
وأضاف أن هناك أفلامًا عالمية "أضرت كثيرًا بالآثار المصرية، مثل فيلم مثل فيلم "الوصايا العشرة" الذي كان يخدم الفكر الصهيوني الإسرائيلي وفيلم المومياء الذي تم تصويره في تسعينيات القرن الماضي؛ حيث تسبب عرض فيلم المومياء في إحجام السائحين عن شراء الجعارين في مصر بسبب مشاهد الفيلم التي جعلت الجعران حشرة تلتهم البشر".
ويشير أمين إلى أن "فيلم (موت علي النيل) من تأليف أجاثا كريستي، وهو من أفلام الأبيض والأسود وتم عرضه في ثلاثينيات القرن الماضي ساهم كثيرًا في الترويج لمصر وآثارها؛ لما كان يمتلكه الفيلم من حبكة درامية خلاف الأفلام الأجنبية الأخرى التي أضرت بالآثار الفرعونية وساهمت بشكل كبير في تأصيل نظرية الخرافة، وهي لعنة الفراعنة، وغيرها من الأفكار غير المقبولة.## ## ## ## ## ## ## ## ##