أنامل صغيرة تعزف على واحدة من أعزب الآلات الموسيقية "الكمان"، تلفت موهبتهم أنظار الكبير قبل الصغير، هما لا يعترفان بأعمارهما الصغيرة "٨، ١٠" سنوات نظرًا لثقتهم الكبيرة بأنفسهن خلال عزفهم غير مكترثين بما يوجد أمامهم من جمهور قد يمثل لهم رهبة مما يجعلهم أكثر حرفية وتمكن من عزفهما الذي يبديان فيه وكأنهما يقومان بتمشيط شعرهما أو ارتداء ملابسهما نظرًا لهذا التمكن الواضح عليهما.
"الموهبة والإبداع وراثة في جينات العائلة"، أميرة ومريم عازفتي الكمان هما نجلا عازف البيانو الشهير أحمد أبو زهرة، والعازفة المجرية نورا إيمودي، أما الجد فهو واحد من أعرق فناني مصر المخضرمين، عبد الرحمن أبو زهرة الذي قضى عمره يختار أدواره بعناية شديدة حتى يظل محتفظًا بمكانته لدى جمهوره، هذه العائلة الفنية شديدة الخصوصية بالتأكيد تركت آثارها على هذه الورود الصغيرة ليستكملا مشوار العائلة في مسار جديد "العزف على الكمان.
أميرة ومريم حصلتا على جوائز من مسابقات موسيقية في ألمانيا والمجر، وقدمتا حفلات في فرنسا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسلطنة عُمان بالإضافة إلى القاهرة والإسكندرية، كما قاما بالعزف ضمن أوركسترا بودابست أمام 12 ألف شخص، وسبق لإحداهما "أميرة" أن قامت بالعزف في المكسيك أمام خمسة الآف متفرج وهي في عمر السابعة، هذا بالإضافة لقيام محافظ الحي الذي تقيمه فيه العائلة بألمانيا بإطلاق لقب "سفراء السلام الموسيقي" على الطفلتين.
ومؤخرًا شاركت الطفلتان في برنامج "آراب جوت تالنت" واللتان ظهرا في أولى حلقاته التي عرضت يوم السبت الماضي، لكن على العكس هذه الفرحة التي كان من المفترض أن تستكمل البهجة المرسومة على وجهما، انقلب الأمر إلى حالة حزن وبكاء شديد بعد عرض الحلقة الأولى من البرنامج بسبب خطأ فني حدث في الصوت المذاع بالحلقة.
لكن المفاجأة لم تنته عند هذا الأمر، بل زاد على ذلك استبعاد الموهبتين من البرنامج وهو ما كشف عنه والدهما الفنان أحمد أبو زهرة في أول حوار له تنفرد به "بوابة الأهرام" والذي يتواجد حاليًا في سلطنة عمان، وذلك بعد أزمة عرض الحلقة الأولى وما حدث من خطأ صوتي نتج عنه إفساد الفقرة الموسيقية التي ظهرت بها الطفلتان، والتفاصيل يرويها في السطور القادمة...
"عادة في التصوير أو في أنواع معينة من الموسيقى يتم تسجيلها بطريقة معينة بمعنى أنه يكون هناك ميكروفون عند كل آلة، ومن المفترض أن هذه الميكروفونات تذهب بعد ذلك إلى الميكسر "mixer" الذي يتولى مهامه مهندس الصوت، ويقوم بوظيفتين الأولى خلال بث الصوت حيًّا في قاعة العرض، والآخرى خلال التسجيل حيث يعيد توزيع الميكروفونات ويقوم بإدخال وإخراج أصوات الميكروفونات بحسب ما يريد، أو بمعنى أدق يمكن أن يأخذ الصوت في كل آلة وحده ويركبه مع بعضه في التسجيل وهنا حدث الخطأ لأن المهندس لا يعرف هذا العمل الموسيقي العالمي الذي قدموه بناتي ولم يسمعه من قبل لأنه ليس أغنية معروفة مثلًا ل شيرين وغيرها، وبالتالي قام بتركيب فروق زمنية خاطئة بين البيانو وآلتي الكمان.
بعد عرض الحلقة، تواصلت مع إدارة البرنامج، وأرسلت إيميل وطلبت منهم إعادة تصحيح هذا الخطأ، وذلك بعد أن دخل أولادي في حالة حزن شديدة وبكاء بعد رؤيتهم للعرض الذي قدموه لأنهم لم يقوموا بهذا العزف السىء الذي بدى في الحلقة، وللأسف لم يحدث رد من القناة، وحصل صمت تام بعدها تواصلت مع الفنان أحمد حلمي وهو مشكور أرسل نفس الكلام، وجاءني رد منه بأنهم سيقوموا بتصحيح المشكلة ولكن حتى بعد مرور خمسة أيام من عرض الحلقة لم يحدث شيئًا والله وأعلم إيه السبب".
هنا سألت أبو زهرة عما إذا كانت أزمة الحلقة ربما تعوق مشاركتهم فيما بعد بالبرنامج ويرفضان المواصلة فيه، وهو ما كشف عنه قائلًا: للأسف لم يعد قرار الاستمرار بأيدينا، فهناك مفاجأة لم يتوقعها أحد ولا أحد يعرفها حتى الآن وهي أنه أرسل لي إيميل رسمي من البرنامج يوم الجمعة الماضي، أكدوا لي فيها أن المحكمين قرروا استبعادهم من البرنامج لعدم اكتمال موهبتهم، والحقيقة لم يبلغنا أحد أن هناك اختيارات تحدث من وراء الكاميرا لأنني لو كنت علمت ذلك لا يمكن أن أقبل مشاركتهم بالبرنامج.
ويستكمل: هناك نقطة مهمة أود الإشارة إليها، أن إدارة البرنامج هي التي اتصلت بي، وظلت تطاردني على مدار ستة شهور من أجل المشاركة بعد أن شاهدوا فيديوهات بناتي على اليوتيوب، والحقيقة أنني لم أكن أريد ذلك ولم نذهب إلى الاختبارات أو شىء في البداية بالإضافة لتحفظي من ظهورهم بالبرنامج خشية أن تكون الإمكانيات الموسيقية غير مضبوطة أو لا تساعدهم على الظهور بالشكل الصحيح، لكنهم قالوا لي أطلب ما شئت وسنقوم بتوفيره، وبالفعل طلبت بيانو معين وميكروفونات معينة لكن للأسف كل شىء تم إفساده في الميكسنج، خصوصًا وأن المهندس استبعد صوت البيانو تمامًا الذي شاركتهم به والدتهم بالعزف.
وما أثار دهشتي أنه بعد هذا الإلحاح بالمشاركة، أرسل لي الإيميل بالاستبعاد ليلة عرض البرنامج دون أن أسمع وأشاهد أو أسجل اعتراضي على الحلقة، وهذا جاء أيضًا بعد مطاردات جديدة منهم لتسجيل الحلقة الثانية في المرحلة الثانية، وكلما كانوا يخاطبوني في الأمر كنت أطلب منهم تحديد معاد التسجيل والذي كان من المقرر أن يكون في إبريل المقبل نظرًا لارتباط بناتي بمواعيد حفلات أخرى، وعندما طلبت ذلك فوجئت بخطاب الاعتذار.
"بوابة الأهرام" سألت العازف العالمي عن تعليقه على الأمر بشكل عام من حيث المشاركة بالبرنامج، وعن الخطوات المقبلة المقرر ل أميرة ومريم، فقال: ليس لدي أية تعليق سوى على مشكلة الصوت والغلطة الفنية التي حدثت في المكساج، والحقيقة أن بناتي الحمدلله محترفين في التعامل مع الجمهور والمسرح، والموضوع بالنسبة لهم ليس أكثر من تقديم عزفهم بشكل احترافي للجمهور وإعجابهم بأدائهم، لكونهم يحبون الموسيقى ويريدون توصيلها للناس بشكل يقربهم منها، وهذا في حد ذاته ما جعلنا نتضايق من أزمة الصوت لأنه عاق أهم هدف لديهم، لكن قضية المسابقة ليست أزمة لي أو لبناتي فهدفهم ليس الربح، ولكن الهدف هو توضيح أن هناك موهبتان مصريتين يرفعان اسم مصر في الخارج.
الخطوات المقبلة، هي استكمال حفلاتهم الشهرية في الخارج في إيطاليا، وألمانيا، والمجر، بالإضافة إلى حفل لابنتي أميرة بمكتبة الإسكندرية في مايو المقبل، وهذه هي خططهم الرئيسية بجانب دراستهم، فهدفهم هو نشر روح الموسيقى الجادة والمختلفة عبر أفق العالم.
- -