Close ad

عز الدين ميهوبي لـ"بوابة الأهرام": مصر والجزائر "معركة واحدة" ضد التطرّف والإرهاب

20-12-2016 | 09:38
عز الدين ميهوبي لـبوابة الأهرام مصر والجزائر معركة واحدة ضد التطرّف والإرهابوزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي
حاوره في الجزائر: ياسر بهيج
تحدث عز الدين ميهوبي وزير الثقافة الجزائري في الجزء الأول من حواره لـ"بوابة الأهرام" عن العلاقات الثقافية العربية، وكيفية الوصول لتكامل عربي من خلال التعليم، وكشف عن سر عدم فوز الأدباء العرب بنوبل، طيلة ما يقرب من 30 عامًا منذ حصول الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ عليها في العام ١٩٨٨. واستكمالًا للحوار، يتناول الوزير في الجزء الثاني منه العلاقات المصرية- الجزائرية، والجهود التي تبذل لتنميتها.
موضوعات مقترحة


* انتهى صالون الجزائر الدولي للكتاب أخيرًا ، وقد شاركت مصر فيه كضيف شرف ، فهل حققت المشاركة المصرية الزخم الذي كُنتُم تتمنونه ؟
- بلاشك أعطت زخمًا لتلك الطبعة الناجحة تنظيمًا ، وحضورًا ، ومشاركة ، وبلاشك فقد أعجبت الفعاليات المصرية الجمهور الجزائري ، وقد وصلتني أصداؤها ، كما نالت الأفلام المصرية المقتبسة عن أعمال روائية كالناصر صلاح الدين ، والقاهرة ٣٠ ، وغيرهما استحسان الجمهور أيضًا ، وقاعدة عرض الأفلام الروائية أرسيناها منذ ٣ طبعات سابقة للصالون ، لنوثق علاقة السينما بالأدب ، وعندما تكون مصر ضيفة شرف الصالون ، فلايمكننا أن نغفل الأفلام التاريخية العظيمة ، التي جسدت إبداعات نجيب محفوظ ، وإحسان عبدالقدوس ، وغيرهما من عمالقة الأدب.

* وماالفعاليات التي أعجبتكم بالمعرض؟
- لم أحضر كل الفعاليات ، ولكن في ظل كل هذا الزخم ، عندما تأتيك أحلام مستغانمي كظاهرة ثقافية ، تكسر الأبواب والشبابيك ، ويحبها الشباب والفتيات كثيرًا ، في كل أرجاء الوطن العربي ، فلابد أن تغطي على الفعاليات الأخرى ، بخاصة عندما يتهافت عليها شباب ، ونشء ، يحلمون بأن يكونوا مثلها .

* ومارأيكم في التمثيل المصري ، والمشاركة ببعض الوجوه الشابة ؟
- تمثيل مشرف ، وقد احتفينا برئيس البعثة المصرية الأستاذ محمد سلماوي ، ومنحته وزارة الثقافة الجزائرية درع الكمال ، وهو الوسام الكبير الذي نمنحه للمبدعين الذين تَرَكُوا أثرًا كبيرًا في حركة الثقافة العربية ، وإن كنّا نطمع أكثر في وجود بعض الأسماء الكبيرة من المبدعين والمثقفين المصريين الآخرين ، ولكن تلك الطبعة كانت فرصة لاستقدام الوجوه الجديدة ، والأجيال الشابة لتعرف بنفسها ، ويكون لها احتكاك بوسط ثقافي مختلف وكبير ، على اعتبار أن الأسماء الثقيلة معروفة للجماهير ، ويمكن أن تستقدمهم في أي مناسبات أخرى ، ووجودهم في الصالون كمن يضيف الماء للبحر.

* وماذا أثمرت زيارة وزير الثقافة المصري حلمي النمنم للصالون ؟
- أثمرت زيارة الصديق حلمي النمنم وزير الثقافة المصري عن الاتفاق على تعزيز التعاون الثقافي المشترك ، وإقامة جسور دائمة لتمكين الثقافتين المصرية والجزائرية ، من أن تكون لهما مكانة في البلدين ، فالثقافة قادرة على أن تحقق للمثقفين والمبدعين الحضور المطلوب كمنابر وفضاءات في كل بلد ، فنحن بحاجة فعلًا لهذا التماس الثقافي ، الذي نأمل في ان يحقق المرجو منه بنسبة كبيرة ، وقد طورناه بحيث لايقتصر على تبادل الوفود ، بل يمتد لمجالات مهمة كالآثار ، التي أول مرة نتفق فيها على استقدام خبراء أثريين من مصر ، للعمل مع نظرائهم الجزائريين ، في بعض المعالم الأثرية المهمة لدينا ، كأهرامات ولاية تيهرت ، وهرمي إيمدغاسن بولاية باتنة ، وهرم كليوباترا سيليني القريب من الجزائر العاصمة ، وغيرها كثير ، لنبحث عن سر وجود أهرامات في الجزائر.
كما سنعمق التعاون أكثر في مجال السينما بإنجاز مشاريع مشتركة ، يكون مضمونها إنتاجًا مشتركًا لبعض الأفلام التاريخية ، عن التقاطعات الموجودة بين تاريخي البلدين ، مثل المصاهرة التاريخية بين الملك الأمازيغي يوبا الثاني وكليوباترا سيليني ، بنت الملكة كليوباترا ، اللذين زوجهما القيصر أوكتافيوس ، فأصبحت أشهر زوجين في المنطقة ، فأردنا أن نحوِّل تلك المصاهرة التاريخية لعمل سينمائي مشترك ، وكنت قد درست الفكرة من قبل في العام ٢٠٠٥ مع المخرج الكبير يوسف شاهين ، الذي أعجب بالقصة ، لكنها لم تَر النور للآن ، فضلًا عن بعض الأفكار المرتبطة بالثورة الجزائرية ، وإظهار الدعم المصري القوي لنا وقتها ، عسكريًّا ، بإمداد أبطال المقاومة بالسلاح ، وسياسيًّا ، التي يمكن أن تتحول لأعمال سينمائية، أو درامية .

* وماذا أعددتم لمعرض القاهرة للكتاب في ٢٠١٨ ؟
- سنجهز تنوعًا ثقافيًّا غير مسبوق ، يعكس الثقافة الجزائرية بكل وجوهها ، وفتراتها ، من خلال أحدث وأهم العناوين لكل الناشرين الجزائريين ، في جناح واحد كبير ، يظهر تطور حركة النشر في الجزائر ، والمضامين ، وسأقدم الأسماء التي أراهن عليها في تطور حركة الأدب الجزائري ، من قصة ، ورواية ، وشعر ، سواء أسماء ثقيلة ، أو من سيكون لها ثقل فيما بعد ، بمعنى أننا سنعطي الفرصة للأجيال المختلفة ، كما ستكون هناك ندوات للعلاقات التاريخية بين البلدين ، وخاصة الثقافية ، وعرض أفلام سينمائية جزائرية ، شارك فيها ممثلون مصريون ، لنبرز أن التواصل الثقافي المشترك مازال موجودًا ، ولم ولن ينقطع أبدًا ، لابفعل السياسة ، ولا غيرها ، وسنقيم على هامش المعرض بعض معارض الفنون التشكيلية ، لتكون فرصة لنا للتعريف بالفن التشكيلي الجزائري المستنبط من أعمال أدبية ، ونُكرِّم شخصيات ثقافية في مصر لها بصمات جليلة ، سواء بآثر رجعي ، من فقدناهم ، أو مازالوا على قيد الحياة ، وأخيرًا ، سنوقع مشروعًا سينمائيًّا مشتركًا ، مما تحدثنا عنه ، ونتمنى أن نكون في مستوى تطلعات الشعبين المصري والجزائري .

* في الآونة الأخيرة ، ظهرت فجوة ثقافية بين البلدين ، بمعنى أن الأجيال الجديدة في مصر لاتعرف شيئًا عن الثقافة الجزائرية ولا أدبائها المحدثين ، والعكس صحيح .. فما سبب تلك الفجوة ، وكيف يمكن التغلب عليها ؟
- إشكالية كبيرة بين البلدان والعربية كلها ، وليس بين مصر والجزائر فقط ، وسببها الصعوبة التي يواجهها المثقفون بين البلدين ، بسبب تأشيرة الدخول التي قد تستغرق أيامًا للحصول عليها ، سواء في مصر أو الجزائر ، وأنا بصدد بحث عمل تأشيرة مخصصة للمثقفين ، يسهل استخراجها ، ولمدة زمنية طويلة ، ولتكن سنة ، أسوة برجال الأعمال ، ليتحرروا من هذا الروتين ، كما كان مفترضًا عقد قمة عربية للثقافة ، لتناقش جملة من قضايا الثقافة في أرجاء الوطن العربي ، كان منها عمل تأشيرة عربية موحدة ، تسمح للناشرين ، والسينمائيين ، والُكتَّاب ، التنقل بحرية بين البلدان العربية.

* هل أصلحت الثقافة ما أفسدته الرياضة بين مصر والجزائر؟
- تلك الأزمة لاتعدو سوى لحظات انفلات أعصاب ، بفعل الحماسة الزائدة بين لاعبي المنتخبين ، وجماهيرهما ، وانتهت ، وقد كنت وقتها وزيرًا للإعلام ، وقلت بعدها : "الحمد لله أنها مباراة كرة قدم ، من ٩٠ دقيقة ، وليست ٩٠ سنة ، وإلا كيف كان الأمر سيكون وقتها ؟!"، ولانريد أن نتذكرها الآن ، فقد تجاوزناها بكثير ، وحاليًّا العلاقات بين البلدين ، في الثقافة والرياضة ، على أفضل مايكون ، وأكثر متانة عن ذي قبل ، وأصبحت الأمور تجري بيسر وسهولة ، فالفرق تتنقل ، والرياضيون يأتون للتكريم هنا وهناك ، وقد كرمنا في السنوات الأخيرة ، مدرب المنتخب المصري الكبير الكابتن حسن شحاتة ، والنجم الخلوق محمد أبو تريكة .

* برأيكم .. هل انتصرت مصر والجزائر على الإرهاب ، وحققوا الأمن والاستقرار لشعبيهما ؟
- إلى حد كبير ، والحمد لله ، فمصر والجزائر معركة واحدة ضد الإرهاب ، لكن مااستجد الآن هو محاربة التطرّف الديني ، والفكري ، لأنه المعمل الذي يفرز المزيد من الإرهاب ، لذا يجب أن تُعالج المسألة من المنبع ، كما يقول الرئيس البوسني علي عزت بيجوفتش : "لاتقتل البعوض ، إنما جفف المستنقعات" ، أي ابدأ من الآن من حيث يجب ، والقضاء على التطرّف يبدأ من القضاء على الفراغ ، الذي يُنتِج أسئلة التشكيك ، والتخويف ، والتكفير ، وإعلان الحرب على الدولة ، ومؤسساتها ، فالهامش يجب ألا يظل هامشًا ، بل لابد من دمجه في معادلة التنمية ، فالثقافة لابد أن تصل إلى العشوائيات ، لأنه كلما زاد الفراغ ، ظهرت الأفكار المناوئة .. أفكار التمرد ..الغضب ، أما إن تكرس الثقافة في المدن الكبرى ، متجاهلًا الهامش ، فلتعلم جيدًا أن ذلك الهامش سيتحرك في لحظة ما وينتقم .

* لماذا لاتوجد اتفاقيات تبادل ثقافية بين مصر والجزائر ؟
- يوجد بالفعل ، وهناك حضور واسع للفرق الفنية الجزائرية في الرقص والغناء والمسرح ، بمختلف المهرجانات المصرية ، ليس في القاهرة فحسب ، بل وفي مدن داخلية أيضًا .

* ألا توجد على مستوى الأوبرا في البلدين؟
- دار الأوبرا في الجزائر جديدة ، وقبل الافتتاح ، كانت أول زيارة لمديرها إلى مصر ، حيث التقى نظيرته الدكتورة إيناس عبد الدايم ، وطلب منها الاستفادة من الخبرة المصرية ، ووجه لها الدعوة بحضور حفل الافتتاح ، ولكن ارتباطها في هذا الوقت ببعض الالتزامات في بيروت ، منعها من الحضور ، وقد أبرمنا الآن اتفاقيتين مع دار أوبرا لاسكالا الإيطالية ، ودار الأوبرا المصرية ، التي أخذنا عنها بعض الجوانب القانونية ، واستفدنا منها في مجال الإدارة ، ونعوِّل على مشاركة مصرية جزائرية مشتركة ، من خلال تقديم بعض العروض الفنية المصرية ، على دار الأوبرا لدينا ، وإرسال مجموعة من الفنيين الجزائريين للتدريب في مصر.

* وبالنسبة للسينما .. متى نرى ممثلين جزائريين في الدراما المصرية ، وأفلامًا مشتركة بين البلدين ، بخاصة أن وجود ممثلين من مختلف الأقطار في أفلامنا ومسلسلاتنا كلبنان وسوريا وتونس بات ظاهرة ، وبالعكس أيضًا يشارك ممثلونا في أفلامهم ؟
- المشاركة الفنية بين مصر والجزائر قديمة ، ترجع لثمانينيات القرن الماضي ، فتجد الفنان الجزائري الكبير علي كويرات في فيلم "عودة الابن الضال" ، ليوسف شاهين ، والفنان المصري الكبير عزت العلايلي في الفيلم الجزائري "طاحونة العم فاضل" ، وقد قمنا أخيرًا بتجربة مهمة مع تونس ، بإنتاج فيلم مشترك ، هو "القديس أوجستين" ، استعنا فيه بالمخرج المصري الكبير سمير سيف ليخرجه ، وكم كانت توليفة ناجحة للغاية ، ونحن الآن بصدد إحياء مثل تلك المشاريع المشتركة مع مصر ، لنصل إلى تجربة حيَّة مماثلة ، فيها ممثلون من البلدين.

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة