في بداية العام 119 هجريًا تم توثيق وكتابة أول وثيقة زواج نادرة تنشرها "بوابة الأهرام"، حيث تكشف الوثيقة التقسيط في أمور المهر "الصداق" في زواج بنت نائب الوالي الحاكم بإسنا جنوب محافظة الأقصر حاليًا.
موضوعات مقترحة
وتظهر الوثيقة كيفية تقسيط الصداق "المهر" والعدة في الطلاق بالقرش حيث كان يوازي 40 غرشا "قرشًا" لمدة 5 سنوات، والذي كان يوازي 230 درهم فضة وحجر، مثلما تؤكد الوثيقة النادرة التي أظهرت كافة المعاملات المالية في مصر منذ أكثر من 300 سنة.
قال الباحث التاريخي أحمد الجارد لــ"بوابة الأهرام" إن الوثيقة تعرض زواج رجل من فتاة تنتمي لآل حباتر الذين تم ذكرهم كثيرًا في كتب الرحالة الأجانب، وهم قوم زاروا الصعيد قبل الحملة الفرنسية، لافتًا إلى أن الوثيقة عمرها 309 سنوات وتعرض زواج الأغنياء والزعماء في الصعيد.
ويضيف "الجارد" أن الرحالة السويسري جون لويس بوركهارت حين زار مدينة إسنا بالأقصر في عام 1812م وسمى نفسه إبراهيم بوركهارت ذكر بيت "حباتر" ووصف قوتهم، لذلك وضعت الوثيقة أسماءهم كنواب للحكام.
وكشف الدكتور محمد إبراهيم عبدالعزيز عكاشة، أستاذ الآثار بجامعة قنا وصاحب دراسة وثائق الزواج والطلاق بمصر في العصر العثماني وأهميتها في الوقوف على القيم الإسلامية المفقودة في حياتنا المعاصرة لــ"بوابة الأهرام" أن الوثيقة نادرة جدًا بل تكون متفردة في وثائق الزواج في العالم العربي والإسلامي بسبب تقسيط الصداق، لافتًاإلى أن العملة المتداولة حينذاك كانت الغرش بـ"إلغاء" وكان الغرش يوازي 30 نصف فضة نقرة.
وأضاف أن عقود الزواج في العهد العثماني والمملوكي كانت أحيانًا تصف المطلقة والأرملة بأنها فتاة عذراء خلاف الحقيقة، لافتًاإلى أن هناك عقود زواج وضعت شروط السجن إذا أخل الرجل بالشروط، وهذا ماحدث كما تروي الوثائق، لافتًاإلى أن وثائق الزواج تستعرض حتى حالات الخلع.
وكذلك الكسوة المقررة التي كان الزوج مجبرًا على تقديمها للزوجة حيث كانت الكسوة بمثابة بدل نقدي شهري من حقها أن تشتري ما تشاء به من قماش وملابس، ومن حقها الرجوع عليه أمام المحاكم إذا لم يدفع، كما تستعرض أمور الصداق الذي له مسميات كثيرة، منها المهر.
قالت الوثيقة التي لم تذكر اسم العروس واكتفت بأنها إبنة الوالي، بينما ذكرت اسم الزوج وهو علي ابن المرحوم مسلم ابن الحاج علي مسلم: "الصداق وجملته أربعون قرشًا كل قرش ثلاثون ونصف ومائتا درهم فضة حجر وبساط، ما وصل منه في نظير العدة عشرة قروش والبساط الحالي بعد ذلك المائتا درهم فضة الحجر والخمسة قروش، يصير المتأخر بعد ذلك خمسة وعشرين قرشًا مقسطة إلى خمس سنوات تمضي من تاريخه عن كل قرش وربع قرش إلى غاية السنة الخامسة".
ويستكمل "الجارد" حديثه بأن الوثيقة أوضحت قيمة تقسيط الصداق وأمور العدة في الطلاق وغيرها لمدة 5 سنوات عن الزوج والكيفية التي يتم فيها التقسيط إلا إنها لم تظهر عن الأسباب التي دفعت بتقسيط قيمة المهر، وهل كان الزوج فقيرًا أم لا؟ مضيفًا أن الوثيقة أوضحت قيمة البساط "فراش" وعش الزوجية، حيث كانت الوثيقة تسبق عصرها في ظل المبادرات والحملات التي تدعو لإلغاء التكاليف الباهظة في العصر الحالي، وأنها قامت بالتسيير في أمور الزواج.
وجاء في الوثيقة الآتي: "أنه حل عليها ما بقى زوجها له بذلك من ولاية الإجبار وقبل ذلك والدها السيد أحمد حباتر، وذلك بشهادة الشيخ حجازي رمضان خطيب الجامع والسيد سلامة عبدالرحيم زيدان تزويجًا شرعيًا يقعد بإيجاب وقبول مبارك لكل منهما من صاحبه وجعل بينهما الخير، حرر ذلك يوم الأحد المبارك، الموافق العشرين من المحرم سنة 1119 هجريًا كاتبه السيد محمد السكري".
ويؤكد "الجارد" أن الوثيقة تم إرسالها بعد أن قام محمد السكري بكتابتها في محكمة إسنا بجنوب صعيد مصر لتكون شاهدة على الإجراءات التي اتخذها الزعماء في الصعيد، لتزويج بناتهم، سواء في المهور أو عدة الطلاق لتكون شاهدة على كافة المعاملات الإقتصادية التي كانت تتم في العصور السابقة".
1