من بين أيام العام كلها يبقى يوم 29 فبراير يوما فريدا، هذا اليوم الذي يحل ضيفا كل أربعة أعوام، صانعا لنفسه خصوصية ينفرد بها عن غيره من الأيام التي لابد، مجبرة، أن تكرر نفسها.
موضوعات مقترحة
ورغم حضوره القليل مقارنة بأقرانه من الأيام، فإن هذه اليوم شهد أحداثا كان لابد للتاريخ من أن يخلدها لولا أن هذا اليوم وقف معاندا التاريخ، لتبقى هذه الأحداث، سواء مواليد العظماء أو وفياتهم، أو الأحداث الوطنية المهمة، حائرة لا تذكر، حتى باتت شبه منسية.
الذين ولدوا في هذا اليوم، يرون فيه عيبا وميزة؛ ذلك أن أحدا لن يحتفل بميلاده سوى مرة واحدة خلال أربعة أعوام، أي مرات قليلة نسبيا مقارنة بغيره، في حين تبقى ميزته أنهم لن ينتظروا يوما كل عام يذكرهم بأنهم خطوا خطوة جديدة نحو خريف العمر، وأن ورقة من أعوام العمر قد سقطت.
أحد أولئك الأشخاص هو المؤلف الموسيقي الإيطالي جواكينو روسيني، الذي ولد في 29 فبراير من عام 1792 في مدينة بيزاروا بإيطاليا، هناك أيضا المغني الجزائري الشاب خالد، أو ملك الراي، الذي ولد في اليوم نفسه من عام 1960.
روسيني، صاحب المؤلفات الموسيقية الخالدة، من بينها أوبرا حلاق إشبيلية، ومسرحية عطيل لشكسبير، لا يتذكر العالم ميلاده كما يفعل مع غيره، ممن يقلون عنه أهمية، لدرجة أن محرك البحث "جوجل"، الذي اعتاد أن يحتفل بميلاد المشاهير لا بوفاتهم، لم يجد الفرصة ليحتفل بميلاده، الذي يحل ضيفا خفيفا، ليحتفل في 2012 بذكرى وفاته.
على الجانب الآخر، هناك من توفوا في هذا اليوم، ليفقدوا الفرصة في أن يتذكرهم شخص ما كل عام، ليضع صحبة من الزهور فوق قبرهم، أو حتى أن يذكرهم بمنشور على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، من بين هؤلاء المفكر الإسلامي خالد محمد خالد، صاحب الكتاب الشهير "رجال حول الرسول"، الذي توفي في مثل هذا اليوم من عام 1996.
ولسبب ما اختارت دولة باكستان أن تعلن عن حدث مهم في تاريخها، وهو تحولها إلى جمهورية إسلامية، عام 1956، في يوم 29 فبراير، مضيعة بذلك فرصة أن يكون ذلك اليوم عيدا وطنيا.
في حين يبقى هذا اليوم رحيما نسبيا بشعب المغرب الذي دهمه زلزال كارثي في عام 1960. الزلزال، الذي ضرب مدينة أغادير، أسفر عن مقتل ما يزيد على 12 ألف شخص، وعن مثل هذا العدد من الجرحى، وكأن القدر اختار هذا اليوم تحديدا، ليخفف من وقع هذا الحادث الأليم، حتى لا يذكرهم به كل عام.
وما زال هذا اليوم يواصل "ألاعيبه" حتى الآن، فبعد خمسة ترشيحات للمثل الشهير ليوناردو دي كابريو لجائزة الأوسكار، وبعد أن صار حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومحورا مهما لـ"كوميكس" هذه المواقع الساخرة، يفوز دي كابريو بالجائزة هذا العام.
ورغم أن هذا الفوز قد حقق لصاحب "تيتانيك" حلمه الذي تأجل لسنوات، فإنه فتح الباب لموجة جديدة من النوادر؛ إذ إن إعلان نتائج الجائزة تم في يوم 29 فبراير حسب البلدان العربية، الأمر الذي دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق حملة جديدة من السخرية، ظنا منهم أن دي كابريو لن يتمكن من الاحتفال بذكرى فوزه بالجائزة سوى بعد أربعة أعوام، لكن الحقيقة أن دي كابريو كان قد أفلت من ألاعيب 29 فبراير؛ ذلك أن الحفل كان قد انطلق في 28 فبراير، بسبب فرق التوقيت بين الولايات المتحدة والبلدان العربية، ينجو دي كابريو من نحس الأوسكار.