سنوات طويلة مضت على رحيل العندليب الذى نحتفل بذكرى ميلاده الثانية والتسعين، ومازال فى حوزة عائلته الكثير من الحكايات والأسرار لم تكشف بعد، وبمناسبة ذكرى ميلاده التقينا ابن شقيقه الفنان محمد شبانة الذى أكد أن حياة العندليب بها الكثير من الأسرار حول مسيرته وزواجه وقصص الحب وعلاقاته ووصيته الأخيرة.
موضوعات مقترحة
وقال إنه أغلى إنسان فى حياته، وإنه قضى طفولته فى حضن وحنان عمه حليم الذى يعشقه كإنسان قبل الفنان ويعشق أغانيه.
فى هذا الحوار تنفرد «نصف الدنيا» بحكايات خاصة عن التسجيلات الصوتية التى تؤكد عدم زواجه من سعاد حسنى.. وتفاصيل أخرى كثيرة.
- بداية ماذا يمثل عبدالحليم حافظ لك وللعائلة وماذا تعلمت منه؟
عبدالحليم حافظ هو أجمل وأغلى شيء فى حياتى وحياتنا كأسرته، فهو قدوتى فى الحياة ومثلى الأعلى تعلمت منه الصبر والإنسانية والاجتهاد والإتقان والإخلاص فى العمل وحب الخير للجميع، تعلمت منه الإيثار فكان يفضلنا على نفسة كعائلة، فهو أيقونة عائلتنا وسيظل عبدالحليم حافظ تاريخا لعائلة شبانة.
- عرفناه كفنان فكيف كان حليم الإنسان؟
عبدالحليم الإنسان كان أعظم مئات المرات من حليم الفنان كان قلبا يمشى على قدمين وهذا هو وصف أصدقائه المقربين.
أنعم عليه الله بسر القبول لكل المحيطين به، فيعتبره من تعامل معه كأنه من أفراد عائلته كابن أو أخ أو حبيب أو أب وذلك لروحه الجميلة، وابتسامته الدائمة رغم مرضه وتواضعه، ولم يختلف على حبه أحد عشقه الجميع وعشقوا أغنياته.
- رغم أنه توفى وأنت لم تتجاوز ست سنوات فإن هناك ذكريات تجمعكما احك لى عنها؟
بالتأكيد ذكريات طفولتى مرتبطة به فعشت طفولتى فى حضن عمى عبدالحليم حافظ، فكان يعاملنى معامله خاصة ويدللنى طوال الوقت لأنى الطفل الوحيد الولد فى العائلة، وكنت الأقرب إليه وفى مكانة مختلفة عن الجميع، ومن أهم وأجمل ذكرياتى معه أنه كان يجلسنى على رجليه أثناء البروڤات وفى يوم كسرت العود الخاص به وشعرت وقتها بالخوف والرهبة وكنت أنتظر أن ينهرنى كعقاب لكنه طلب من العواد على الفور عمل عود جديد له وعود صغير لى.
حليم كان يسمعنى وأنا أغنى ويقبِّلنى ويشحعنى دائما لدرجة أنه طلب من الترزى الخاص به تفصيل جلباب مغربى لى مثل جلبابه الذى كان يرتديه فى البروڤات لكى أرتدى مثله تماما، كما طلب منه أن يصنع لى بذلة أرتديها فى حفلاته.
وقد أكرمنى الله بخمسة أطفال أول طفل أسميته عبدالحليم تخليدا لاسم عمى، فقد كان حريصا كل الحرص على أن يظل اسم عائلة شبانة قائما وتتوارثه الأجيال.
- من المتعارف عليه علاقة عبد الحليم الوطيدة بأسرته فاحك لى عنها؟
بالفعل «عمو» حليم كانت علاقته وطيدة الصلة بأفراد العائلة جميعهم، فكنا كعائلة نجتمع بمنزله يوميا ونظل منذ الإفطار حتى النوم، وكان يحرص على أن نجلس معًا لنتناول وجبة الإفطار، فكنت أدخل غرفة الطعام «أضرب له تعظيم سلام عسكرى»، وكان يطلب من عبده الخادم أن يحضر لى إفطارا مميزا يوميا، وكان يعتاد يوميا أن يعطينى كوب اللبن ونتقاسم البيض المسلوق فآخذ الصفار ويأخذ هو البياض، ونأكل بسكويت الشاى بالعسل، وكان حريصا على أن يدخلنى مدرسة فى إنجلترا مع ابنة نجاة الصغيرة لأتعلم أعلى مستوى من التعليم البريطانى، ولكن القدر لم يحقق له ما أراد، وكانت علاقته قوية بجميع الأسرة، فرغم انشغاله كان يخصص فترة المساء للجلوس معا وتبادل أحداث اليوم، وكان يبادر بتقديم الدعم والمساعدة للجميع حتى قبل أن يطلبوا منه شيئا.
- بعيدا عن الأضواء كيف كانت طقوسه وكواليسه العائلية رغم انشغاله بالفن والبروڤات اليومية؟
كان يستيقظ الساعة الثانية مساء ثم يفطر ويتحدث فى التليفون ليحضر البروڤات ثم يجلس ليقرأ القرآن الكريم إلى موعد البروڤات، كان متدينا إلى أقصى الدرجات وسباقا إلى فعل الخير فى السر والعلانية.
- بالتأكيد حكى لك والدك عن طفولة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ فكيف كان وهو طفل؟
والدى حكى لى عن طفولة عبدالحليم بقرية الحلوات..كان طفلا «شقى» إلى أقصى الحدود، يعاكس البنات فى القرية ويصطاد الدبابير بالنبل ويغنى فى الغيط وهو طفل، مما جعل أهل القرية يطلقون عليه لقب الأستاذ، لأن الفلاحين جميعهم كانوا يتركون الغيطان ويأتون إلى غيطنا للاستمتاع بصوت عبدالحليم حافظ.
- ما أكثر شىء كان يسعده وأكثر ما كان يغضبه؟
أكثر ما يسعده القدرة على إسعاد الجميع بخاصة أفراد أسرته بأى شكل وبأى طريقة، وكان يحزن عندما يجد أى شخص فى ضيق ويفعل ما فى وسعه لمساعدته.
- ما أهم المذكرات الصوتية لعبدالحليم التى تود أن تكشفها عبر صفحات مجلة «نصف الدنيا»؟
المذكرات الصوتية بها قصة حياته بأدق تفاصيلها كاملة، كما كشف فيها أيضا عن جزء مهم من حياته الشخصية والعاطفية فكشف خلالها أسرارا لم تذع من قبل عن أسباب عدم زواجه بالفنانة سعاد حسنى، كما حكى فى المذكرات عن رحلاته سواء الشخصية أو رحلات العمل إلى مختلف أنحاء العالم، أو رحلات العلاج التى لم يعرفها أحد أيضا، وحكى عن أصدقائه المقربين وكشف عن الحب الأول والأخير فى حياته.
- تشتاق المعجبات إلى معرفة من الحبيبة الأولى والأخيرة للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ؟
كانت سيدة مطلقة لديها طفلان ولكنها توفيت قبل إتمام الزواج.
- وما الأغنية التى غناها لها خصيصا؟
غنى لها وقتها أغنيته «فى يوم فى شهر فى سنة» وكان شديد التأثر وقتها فظهرت معبرة إلى أقصى الدرجات.
- وما أحب أغانيه إلى قلبك؟
بالنسبة لى أعشق أغانيه كلها وكنت أحب سماعه، وأستمتع بكلامه فقط حتى من دون غناء، ولكنى أحب أغانى «ماشى على الطريق، وموعود، وأهواك، وقارئة الفنجان».
- رغم حبه المعروف للنجمة شادية فلماذا من وجهة نظرك لم يكلل هذا الحب بالزواج؟
لأن عبدالحليم حافظ رجل شرقى وهى نجمة معروفة ولم تترك الفن وهذا رأيى الشخصى وتفسيرى لعدم تتويج الحب بالزواج.
- وما آخر طلب طلبه منكم بخصوص فنه ومعجبيه قبل رحلته الأخيرة إلى لندن وهل أوصاكم وصية محددة؟
أوصى وصية شفهية بأن تظل شقته مفتوحة لمعجبيه وكل ما كتب على الإنترنت من وحى خيالهم إنما الأساس فى المذكرات الصوتية أو الشفهية له.. فكان يعتبر جمهوره كبقية أفراد عائلته ولهم الحق فيه تماما، لذا أوصى بأن تظل شقته مفتوحة لهم وأن الوصية تنتقل إلى الأحفاد من عائلة شبانة.
- تنفيذا للوصية وإحياء وتخليدا لذكراه حرصتم كعائلة فى يوم ميلاده ورحيله على فتح أبواب منزله للمعجبين من مصر والدول العربية ومختلف بلدان العالم فماذا يمثل لكم هذا اليوم؟
ذكرى جميلة ومؤلمة فى آن لنا كعائلة فهى مؤلمة بالطبع لفقداننا له وجميلة أيضا لأن معجبيه يحرصون على التوافد من أنحاء العالم لإحياء ذكراه فى شقته.. وهذا الطقس الجميل ورؤية حب الجميع له بعد هذه السنوات يعوضنا الكثير عن فقدانه فهو فنان لا يكرر، قدَّم كل جميل للإنسانية والفن وبالفعل ظاهرة حب جمهوره له وحرصهم على التوافد علينا تعوضنا الكثير عن فراق الغالى.
- هل هذا الطقس الجميل مازال موجودا فى ظل انتشار وباء ڤيروس كورنا؟
العام الماضى وهذا العام احتفلنا بذكراه كعائلة فقط ولم نفتح الشقة لأحد نظرا لتفشى وباء كورنا خوفا عليهم من التزاحم وخوفا على العقار وسكانه وخوفا على سكان الشارع بأكمله لأنه فى هذه المناسبة يتوافد إلينا الآلاف وهذا يعد أكبر خطر فى ظل وباء كورونا فقررنا أن نحتفل بالذكرى بمفردنا كعائلة حفاظا على سلامة الجميع.
- من الذى كان يسكن مع العندليب بمنزله؟
الحاجة فردوس والحاج شحاته والحاجة علية.
- آخر مكالمه بينك وبينه فى لندن طلب منك الدعاء له بالرحمة وتوفى بعدها بيومين احك لى عن هذه المكالمة؟
طلب منى الدعاء له بالرحمة كما طلب أن يقوم والدى والحاجة دوسة بتوزيع صدقة على روحه فى سيدنا الحسين والدعاء له بالرحمة وتوفاه الله بعد يومين بالضبط.
- من المتعارف عليه أن عبدالحليم حافظ كان سباقا إلى فعل الخير فاحك لى عن بعض المواقف؟
بالفعل كان يفعل الخير دائما، فكان دائم السفر إلى قريته الحلوات مسقط رأسه للاطمئنان على أهل البلد ودعمهم ماديا وكان حنونا إلى أقصى الدرجات مع الجميع، فأنشأ مسجد الفتح فى الحلوات، ومن الموقف الشهيرة التى يحكيها أهل الحلوات أنه أثناء مروره للاطمئنان عليهم وكان يومها حاصلا على دفعة نقدية من حساب إحدى أغنياته، فقد كان هناك فلاح يجهز لفرح ابنته فأعطاه وقتها كل ما فى جيبه دون تردد وكان يعنى فى أفراحهم كتحية من ابن بلدهم لهم،إضافة إلى ذلك أحيا خمسة حفلات بالشرقية مجانًا وقدم خدمات كثيرة لأهل البلد، فأدخل المياه والكهرباء إلى قريته وأنشأ وحدة صحية لهم فكان بالفعل إنسانا بمعنى الكلمة.
- ما أهم المقتنيات الشخصية التي تحتفظ بها فى بيتك له بخلاف المقتنيات الموجودة فى منزله؟
المقتنيات كثيرة ومتعددة من وثائق شخصية إلى الملابس والإكسسوارات والساعات والأحذية والمايكات الخاصة بحفلاته.
- هل بالفعل مقتنيات حليم من ملابس وساعات وأحذية كانت ماركات عالمية؟
عبدالحليم حافظ كان إنسانا بسيطا وكان هناك بعض الماركات العالمية ولكنها كانت بسيطة فى ذوقها، فكان لا يتعالى على أحد إنما كان بسيطا مثل أى شخص عادى بالمجتمع.
- كان عاشقا للسيارات فما السيارة المفضلة لديه؟ وهل كنت تتنزه معه بها؟
كان يفضل الفيات 130 وحضرت معه فرح ابنة الرئيس السادات وكانت وقتها سيارة نادرة ولم يكن وقتها فى مصر سوى أربع منها فقط كما أنها كانت نادرة على مستوى العالم لذلك مازلنا محتفظين بها إلى الآن.
- وما خطتكم كأسرة للاحتفاظ بهذه المقنيات الثمينة تخليدا وإحياء لذكراه؟
ندرس الآن كأسرة فكرة إقامة متحف يحتوى مقتنياته كلها إضافة إلى جميع متعلقاتة الشخصية فهى كثيرة، ويمكن أن نقدم من خلاله ثلاثة متاحف لقيمتها وثرائها.
- ما آخر تطورات قضية تراث عبدالحليم ومشكلاته؟
القضية منذ 25 عاما ومستمرة إلى الآن فى المحاكم ولن أفرط فيه أبدا ولم أبع حصتى فى الشركة، بالعكس أحاول استردادها بالكامل واسترداد بقية الحصص وهذا شغلى الشاغل، وبالتأكيد الحق سوف يعود إلى أصحابه عاجلا أم آجلا.
ـ ما فكرة نادى العندليب الدولى؟وهل المشروع مازال قائما؟
فكرة نادى العندليب الدولى تجميع لعشاق عبدالحليم حافظ من مختلف بلدان العالم ونقدم احتفالا عنه فى كل بلد وسينفذ قريبا.
- وما أهم المشروعات التى تحرصون وتحلمون بإقامتها كعائلة لتخليد ذكرى العندليب؟
أحاول أن أنشئ له متحفا متنقلا فى جميع أنحاء العالم وأحلم بعمل متحف ثابت باسمه فى مصر، وأتمنى عمل أكاديمية لتعليم فنون الطرب الأصيل باسمه، وتقديم جائزة الفنون المختلفة باسمه لأنه قدوة لكل فنان فى مختلف بقاع العالم.
-ما أهم الأماكن التى كان يحرص على زيارتها والسفر إليها للاستمتاع ببعض أوقاته؟
كان يحب السفر إلى باريس ولندن ولبنان وبيروت وسويسرا، ولكن أغلب الأوقات كانت عملا أو سفرا للعلاج في الخارج للأسف الشديد.
- كان والدك محمد شبانة الصديق المقرب له ومدير أعماله فاحك لى عن هذه العلاقة الوطيدة؟
والدى رحمه الله كان توءم روح عبدالحليم وكانت بينهما كيمياء خاصة، فكان مدير أعماله وشريكه الأول والأخير فى رحلات العمل والتنزه،لم يتركه فى رحلة بمفرده أبدا لدرجة أنه قبل وفاة والدى أوصى بدفنه بجانب أخيه عبدالحليم حافظ وبالفعل نفذت الوصية رغم صعوبتها.
- من أقرب الأصدقاء إلى قلبه؟
الموجى وكمال الطويل ومحمد عبدالوهاب.
- ومن المطربون والمطربات الذين كان يستمتع بأصواتهم؟
أم كلثوم.. وفيروز وشادية.
-أخيرا ما رسالتك إليه؟
ستظل داخل قلبى وروحى ما حييت وسيظل اسمك عماد عائلة شبانة وتتوارثه الأجيال وداعا عمو حليم الحبيب.