Close ad

الشاعر العراقى كاظم الحجاج: نحن جيل المحظوظين فى العالم كله

18-5-2021 | 22:04
الشاعر العراقى كاظم الحجاج نحن جيل المحظوظين فى العالم كلهكاظم حجاج
العراق - حسناء الجريسى
الأهرام العربي نقلاً عن

كتابة الرواية فن صعب

موضوعات مقترحة

التجديد مطلوب دائما لكتابة القصيدة

عندما تجلس إليه وتتجاذب معه أطراف الحديث، تستشعر من خلال كلماته أنه شاعر زهد الدنيا ومن عليها، لذلك قرر أن يعتزل القراءة فى المهرجانات الشعرية، بحيث يقتصر حضوره على الاستماع لباقى الشعراء، إنه الشاعر كاظم الحجاج، أشهر شعراء العراق وتحديدا البصرة واحة الشعر، منجزه الشعرى يتميز ببساطة لغته وميله إلى بناء عالم ساخر تحكم نهاياته مفارقات تضفى على القصيدة نكهة وتميزا خاصين به وهذا يتضح فى أغلب دواوينه..ومن دواوينه التى أصدرها منذ السبعينيات ديوان «أخيرا تحدث شهريار» وإيقاعات بصرية، وغزالة الصبا، وما لا يشبه الأشياء، وجدارية النهرين ودائما يتميز بأن عالمه شديد الخصوصية، فله أسلوب مبتكر حتى فى عرض قضايا الوطنية فهو دائما مهموم بالقضايا الوطنية، ودائما يطمح من خلال قصائده إلى تواصل المتلقين معه فى رحلة ساخرة ينتصر فيها للمظلومين والبسطاء .

دائما تقول إنك من جيل المحظوظين؟

أنا من جيل الأربعينيات، الجيل الذى عاصر نكبة فلسطين، وانتهاء الحرب العالمية الثانية ، ظهر حس بشرى متقدم جدا لنبذ الحروب والفاشية والنازية التى خربت العالم، فظهر اتجاه تقدمى لبناء الحياة ، حتى مشروع مارشال برغم أنه مشروع استعمارى، كان مخططا له إعمار أوروبا، كان مشروعا ناجحا لأن الغرض منه ليس فقط إعادة إعمار وبناء المدينة، أو الشارع أو بناء الإنسان، نحن جيل شهدنا ثورة الثقافة الفرنسية وثورة الطلاب، وظهور جيفارا وعلو اليسار والتقدميين فى العالم، نحن جيل المحظوظين فى العالم كله، أعتبر فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات أفضل ثلاثين سنة فى خدمة البشرية.

أفهم من ذلك أن الإبداع، يولد من رحم المعاناة وما الذى اختلف اليوم عن فترة الخمسينيات والستينيات؟

العرب جميعا عانوا حوالى 400 عام من الاستعمار العثمانى، هذه الفترة تركت انطباعا لا يمحى إلا بعد سنوات طوال، وبعد الاستعمار العثمانى جاءنا استعمار آخر، لكنه أكثر تحورا وهو الاستعمار البريطانى والفرنسى، الذى دخل للبلدان العربية، لكنه أعطى وجها آخر، جاءنا بالمطابع والترجمة والسينما والمسرح، لكن ظهرت الثورات التحررية نقيضا له، أعتبر الحروب التحررية التى حدثت نقيضا للاستعمار البريطانى فى العراق ودول الشام، ومصر أعطت دفعة تقدمية ، جعلت الشعور الوطنى المفقود لدينا يظهر ويتضخم، كان الاستعمار سيئا لكن ردود فعله إيجابية.

هناك من يرى أشعارك قريبة من لغة الإعلام فما تعليقك على هذا القول؟

نحن تربينا فى فترة وطنية أشبه بالقومية التى عاشتها مصر بعد 1952، هذه طبعتنا جميعا بطابع الوطنية والمقاومة، فقدنا كثيرا، منها بعض المميزات الجمالية فى سبيل أن نقول كلمة لأن جمهورنا، وقتها كان يريد الكلام المباشر الذى يفهمه، حتى فى السبعينيات وكانت أفضل مراحل الثقافة العربية، كانت السينما العربية رائجة بشكل غير عادى، خصوصا أفلام عادل إمام وقتها، وكانت السينما الهندية أكثر جماهيرية من السينما الفرنسية والإيطالية، هذه الفترة جعلتنا أقرب إلى السياسة منها إلى الفن، وهذا استمر حتى الآن لم نستطع الخلاص منها.

دائما تؤكد أننا فى زمن الرواية فلماذا كل هذا الإصرار على كتابة الشعر؟

صحيح لم أكتب الرواية لكن لابد أن نعترف بالحقيقة، هى فعلا تتصدر المشهد الأدبى، لكن بالنسبة لى أعتبر كتابة الرواية فنا صعبا، لكنى فى المقابل كتبت عددا من المسرحيات والمقالات الأدبية والثقافية، وأرى أن الغرب تقدم علينا كثيرا فى كتابة الرواية، لأنهم يمتلكون الحرية الكاملة فى الكتابة، فليس لديهم مقص الرقيب ولا قائمة الممنوعات والتابوهات التى عندنا نحن العرب، لذلك عندما نقرأ الرواية الغربية عندهم نجد أشياء لا نستطيع أن نقولها نحن حتى فى مذكراتنا، لذلك مذكراتنا تكون ناقصة نظرا لوجود هذه التابوهات، لا أنكر أن هناك كتابا عربا اخترقوا هذه التابوهات، لكنهم ينتمون لكتاب المغرب العربى الذين يعيش أغلبهم فى فرنسا فهم يكتبون للغرب وليس للعرب، وبالتالى هم أكثر حرية منا لدرجة أننا كنا نصف حريتهم هذه بالوقاحة.

من يقرأ دواوينك الشعرية يجدك مهموما بقضايا الوطن؟

فعلا أقول دائما نحن كعرب نعيش حاضرا غير مضمون مشكوك فيه، غير مستقر نتوقع ونحن فى بيوتنا أن يأتينا شىء مخيف، وبالفعل حدث ما كنا نخشاه من حروب ودواعش دمروا الأخضر واليابس.

هل كتبت قصائد خلال فترة وجود داعش بالعراق؟

صراحة هم فئة دمرت كل شىء بزعم الدين كفروا وخربوا ونالوا من كل شىء حتى من المثقفين، فقد هاجموا نجيب محفوظ عندكم فى مصر، فقد جاءوا بأجندة لتخريب الأوطان سوريا والعراق وغيرها.

نلحظ فى قصائدك اهتماما بالغا بالمكان فهل الأماكن التى ذكرتها ترتبط معها بذكريات؟

فى سن الشباب كان للمكان عندى جمال معين، فى البصرة كنت دائما أتردد على دور السينما، فكانت مفتوحة أمام الجمهور باستمرار وكذلك المسرح وقاعات العرض والموسيقى، حتى مقابر اليهود والإنجليز، مازالت موجودة عندنا لليوم وكنت أذهب ومعى زوجتى لزيارة هذه الأماكن، لأنى أعتبرها دلالة على تاريخنا ولا يستطيع أحد أن يزيلها.

كتبت عن المرأة لكنك دائما تقول الشاعرات أجمل من قصائدهن فلماذا إذن؟

قلت هذا على سبيل المزاح قلت إن الخنساء ليست شاعرة، وإنما شاعر لأنها عاشت مع شعراء رجال، واستخدمت نفس الأغراض الشعرية التى استخدموها، وما قصدته أن شعر المرأة يجب أن يكون متميزا وأكثر رقة، الشعراء الرجال يستخدمون بعض الحروف الخشنة وعلى الشاعرات أن تتجنبها وكثيرا ما أقول لابد أن يكون لدينا شعر نسوى وعلى الشاعرات ألا يقلدن الرجال، أذكر مثلا الشاعرة دينا ميخائيل هى شاعرة مغتربة تعيش اليوم فى أمريكا، وتكتب الشعر بلغة خاصة وتستخدم مفردات رقيقة، فطالما الشاعرة تضع المكياج والكحل فى وجهها لماذا لا تضعه فى أشعارها؟

"إنى رجل يخجل مني" فلماذا تخجل من نفسك إذن؟

أنا من الناس الذين يؤنبون أنفسهم كثيرا على الأخطاء، دائما أطلق فى نومى صرخة، أستيقظ فى نصف الليل لأنتقد ذاتى على ما فعلته نهارا، لذلك تجديننى مازلت نحيفا لأننى آخذ من نفسى.

دائما تسعى لأن تكون لك لغتك الخاصة؟

برغم تأثرى الشديد بسعدى يوسف، فإننى كنت حريصا على أن أنحت لنفسى لغة خاصة بى.

أغلب نصوصك قريبة من المسرح الشعرى؟

درست فترة بمعهد الفنون الجميلة وتأثرت كثيرا بالمسرح والسينما، لكنى وجدت أن الشعر يبقى فى ذاكرة المتلقى أكثر من الكتابة النمطية.

ما الذى دفعك للقول إن الشاعر إذا زادت دواوينه عن خمسة دواوين عليه أن يعتزل؟

نحن أهل البصرة قليلون جدا فى النتاج، لأننا نخشى من الثرثرة، وعندما نكتب يجب أن نكتب شعرا مميزا، فمثلا المرحوم حسين عبد اللطيف لم يقدم أكثر من خمس مجموعات، ومجيد الموسى ومحمد خضر ومحمد عبد الوهاب.

كيف يجدد الشاعر نفسه؟

هذا طبعا يأتى بالقراءة وتعلم اللغات الأخرى، فيجب على الشاعر أن يمتلك لغات أخرى تعطى بعدا آخر للغة الأصلية الحالية التى يكون عليها وقت كتابة القصيدة .

بدأت بكتابة الشعر العمودى ثم اتجهت لقصيدة النثر؟

القصيدة العمودية تكتب بسهولة، فقصيدة النثر تحتاج إلى وقت، لكن القصيدة العمودية تحتاج إلى المطلع، وهذا الهم يشترك فيه أغلب الشعراء .

إذن متى تكتب القصيدة؟

أحيانا أستقيظ من النوم وكأن كابوسا أصابنى، فالجملة الشعرية حتى لا تضيع أسجلها ليلا حتى نستفيد منها، فالشاعر كائن ليلى.

حصلت على جوائز عديدة ماذا تعنى هذه الجوائز لك؟

لا تتعجبى إذا قلت لك إنها لا تعنى لى أى شىء حتى جائزة نوبل فى هذا العمر ليست فرصة، ولو جاءت لن أفرح بها.

دائما تنصح الجيل الحالى: «جدد عينيك دائما»؟

نعم فالتجديد مطلوب دائما لكتابة القصيدة، بالنسبة لجيلى كنا نسافر إلى بلد جميل ونرجع لبلد جميل اليوم مع ما فعله داعش فى العراق وما مرت به تغيرت أشياء كثيرة.

من الشعراء الذين تأثرت بهم؟

تعاملت عن قرب مع نزار قبانى وقرأت شعره فى أحد مهرجانات المربد القديم، وكذلك محمود درويش وعبد الوهاب البياتى، وسعدى يوسف تأثرت بشعره الاجتماعى، لكن تخلصت من أسرهم لأصنع لنفسى لغتى الخاصة وأكون نفسى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: