تنشر "بوابة الأهرام" قصة عمارة المنازل في مصر القديمة تزامنا مع الإعلان عن الكشف الأثري للمدينة المفقودة، اليوم السبت التي تبرز المنازل لمدينة العمال في عصر أمنحتب الثالث.
موضوعات مقترحة
وقال الدكتور زاهي حواس إن هذه المدينة هي أكبر مستوطنة إدارية وصناعية في عصر الإمبراطورية المصرية على الضفة الغربية للأقصر، حيث عثر بالمدينة على منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو ٣ أمتار ومقسمة إلى شوارع.
ويقول محمود الحصري أستاذ الآثار بكلية الآداب بجامعة الوادي الجديد في تصريحات لــ"بوابة الأهرام" إن منازل المصري القديم كانت مكونة من طابق أو اثنين على الأكثر لأنها بنيت من طوب نيئ غير محروق، وبعض المنازل كانت تحتوي على غرفة أو اثنين تحت الأرض لحفظ الأطعمة، الخضروات، وكان المنزل منقسم لفناء كبير يحتوي على الفرن لإعداد الخبز "العيش" ويستخدم بعض الأحيان لتجفيف المحاصيل وكذلك سقف البيت، وأمام البيت توجد المصطبة.
وتعتبر منازل مرمدة بنى سلامة وهي قرية صغيرة تقع في جنوب غرب الدلتا بالقرب من قرية "الخطاطبة"، هي إحدى المواقع الأثرية الهامة وتحوي مناطق سكنية وجبانة ترجع لعصور ما قبل التاريخ، وتعتبر منازلها من أقدم وأغرب المنازل السكنية في مصر.
ويؤكد الحصري أن هذه المنطقة تقع على بعد 60 كم شمال غرب القاهرة، وقد كشف التنقيب فيها عن ثلاثة مراحل للعمران
المرحلة السكنية القديمة في مرمدة بنى سلامة ضاعت ملامحها، ومرحلة ثانية دلت على بقايا مساكنها وهى ثقوب الأوتاد التي كانت تسند جوانبها وتحمل سقوفها، والمرحلة الثالثة عبارة عن مساكن بيضاوية متواضعة، وهذا النوع من المساكن القديمة في مصر بناه أصحابها من جواليص الطين، ونوع آخر بنوه من البوص الكبير وفروع الشجر.
كانت مساكن مرمدة بني سلامة صغيرة تتراوح مساحتها 1,5×1م ، 3,2×2م، وكان أهلها يدخلونها عن طريق النزول فيها من أعلي بدرجة صغيرة، وكان نظام المساكن فيها يعتبر أقدم تخطيط عرف للقرى في مصر .
أما أثاث المنازل في مصر القديمة فقد كانت حرفة النجارة وصناعة الأثاث من أهم الحرف في الحضارة المصرية القديمة، ويؤكد الأثري محمود الحصري أن صناعة الأثاث كانت متطورة، واستخدم فيها التطعيم والتكسية والنقوش الزخرفة بالحفر والصدف في إنتاج قطع جميلة من الأثاث و الصناديق وقد احتوت مقبرة توت عنخ آمون مثل هذه القطع. الملابس، وقد كانت أغلب الملابس من الكتان الذي امتاز المصري القديم في زراعته، وهناك ملابس الطبقات العليا والمتوسطة والطبقة العامة، وكان هناك ملابس مختلفة لرجال الدين.
يضيف محمود الحصري أن حالة البيوت في مصر القديمة كانت تختلف في حجمها ونوعها حسب الحالة الاجتماعية لصاحبها، حيث نلاحظ أن بيوت النبلاء بلغت درجة من الرخاء، إذ كانت تحتوي على حمامات ودورات مياه وأجنحة منفصلة للنوم، وعثر فيها على أثاث مريح، ويعبر عن هذا الرخاء في صور على جدران مقبرة "حسى - رع" حيث بنيت في أوائل الأسرة الثالثة، وتمثل هذه الصور الأثاث والقطع الأثرية التي كانت شائعة الاستعمال في العصر العتيق.
أما منازل الدولة الحديثة فقد تغيرت أشكال البناء، وتعددت المواد المستخدمة في إنشاء المسكن عبر العصور، ومع التطور والتقدم تم اختيار مواد أفضل في البناء وإدخال الحجر ومواد أخري بما يناسب ظروف استخدام المسكن وطبيعة القاطنين فيه.
وبالنسبة لمنازل "الدولة الحديثة"، فقد عرفنا عنها الكثیر وذلك بفضل بعض الحفائر الأثرية، والكثیر من الرسوم والنقوش، حيث يلاحظ أن المنازل الفاخرة الفخمة مثل "العمارنة"، لا تختلف كثیرا عن تلك الواقعة في "اللاهون": فهي فسیحة الأرجاء؛ وتتكون من مجموعات مربعة الشكل، قد لا تقل أبعاد كل منها عن خمسة وسبعین متراً ،كما قدمت لنا حفائر "العمارنة" و"دير المدينة" فكرة عن مساكن العمال الحرفیین والاعتیاديین وهي تتباين وتتفاوت في مدى اتساعها، وقد تتشابه جمیعاً مع اختلاف طفیف في بعض التفاصیل، وكانت منازل الأغنياء فاخرة وفخمة وتشبه الفلل الحالية إلي حد كبير.
وأوضح الأثري محمود الحصري أنه بالنسبة لطراز البيوت الذي شاع في عصر الدولة الحديثة، فقد ظهرت المنازل الكبيرة التي كانت تكون من طابقين ترفق بها بعض المرفقات من مخازن وصوامع غلال ويحيط بها سور مموج من الأعلى مما يشير أنه من الطين ومن منازل الريف بيت "نب-آمون" وهو مبني صغير وسط حديقة أو حقل يأوي إليه صاحبة في زيارة قصيرة، ويقع في جانب من فناء فسيح يحوي معصرة وبركة ومحراباً وهناك مبني آخر مكون من طابقين لـ "نخت" وهو يقوم على الأرض مباشرة أو فوق قاعدة، ويؤدي إلي مدخله درج، وفوق السطح ملقفان للهواء لترطيب المنزل.