حينما شاهدت مسرحية أفراح القبة بداية الموسم المسرحى توقعت أن هذا العرض سيكون تميمة حظ البيت الفنى للمسرح خلال عام 2020؛ ذلك أن طاقات التمثيل الطاغية والإعداد الدرامى الشيق والمحكم لرواية الأديب العالمى نجيب محفوظ خطفت الأنظار منذ بداية العرض وحتى إسدال الستار.
موضوعات مقترحة
ومع نهاية العام كانت جوائز المهرجان القومى للمسرح مسك الختام لأبطال العمل.. فقد نالوا خمس جوائز منها أفضل عرض مسرحى.. أفضل إخراج.. أفضل ممثل لعبد المنعم رياض.. ذى القدرات الأدائية الخاصة والقادم بخبرة المسرح الجامعى والثقافة الجماهيرية.. وفى السطور التالية نقدم تجربته لشباب الممثلين كنموذج يحتذى فى البحث عن الذات.
عبد المنعم رياض
تحمل الجائزة فى خلفيتها سنوات طويلة من الكفاح.. حدثنا عنها.
انا ابن المسرح الجامعى.. شاركت بالعديد من الأعمال خلال دراستى فى كلية الحقوق جامعة بنى سويف.. التحقت بالدراسات الحرة فى معهد الفنون المسرحية واجتزتها 2006 قبل حصولى على ليسانس الحقوق.. شاركت فى مسرحيات المهرجانين العربى والعالمى بالمعهد خلال تلك الفترة.. فى مسرح الجامعة تتلمذت على يد صلاح حامد وأحمد البنهاوى مخرج منتخب الجامعة وقتها.. ومعه حصلت على جائزة أفضل ممثل على مستوى جامعات مصر ضمن أسبوع شباب الجامعات عامى 2007و2009.. عن مسرحيتى «بكرة» لمحمود الطوخى.. و«انت حر» للينين الرملى.. بالإضافة لعروض الثقافة الجماهيرية ونوادى المسرح الكثيرة.
رغم موهبتك إلا أنك قليل الظهور مسرحيا وتليفزيونيا أيضا.. ما تفسيرك؟
بعد عملى فى عروض تياترو مصر مع أشرف عبد الباقى وجدت أن كل الأعمال المعروضة عليّ لا تخرج من إطار الكوميديا الصارخة أو الضحك من أجل الضحك.. وبالطبع المشكلة لم تكن فى المشروع لأنه تجربة أعادت الجمهور مرة أخرى إلى المسرح عموما فى فترة كان الناس يخافون فيها من ترك منازلهم.. ولكن المشكلة فى تصنيف السوق لى ككوميديان.. فقررت العمل بنصيحة الراحل العملاق نور الشريف حينما سألته قائلا: أحب الأدوار الجادة والشريرة والمركبة والكوميدى الخفيف بينما المخرجون يصنفوننى فى الكوميديا الصارخة فقط.. فبم تنصحني؟ قال لى وقتها: أنت تملك موهبة الأداء فى كل تلك الأدوار فاحذر أن تحصر نفسك فى نوع بعينه.
وهل استطعت تنفيذ النصيحة بسهولة؟
واجهتنى مشكلة إصرار السوق على نفس التصنيف.. فقررت التوقف تماما والبدء من نقطة الصفر.. اتهمونى وقتها بالجنون خاصة وأن عروض مسرح التليفزيون كانت تدر دخلا مغريا لشباب الممثلين.. ومع ذلك رفضت لأنى لا أرى فى نفسى كوميديانا.. فالكوميديا الخالصة لها عمالقتها.. تحملت نتيجة اختيارى فعشت سنوات قاسية بلا عمل.. باستثناء أدوار صغيرة.. حتى طلبنى المخرج محمد يوسف المنصور لدور المفتى فى عرض طقوس الإشارات والتحولات ضمن مهرجان معهد الفنون المسرحية.
هل انتشلك عرض أفراح القبة من ذلك الإحباط؟
بعد نجاحى فى عرض المعهد طلب منى محمد يوسف أداء دور سرحان الهلالى فى أفراح القبة فوافقت فورا لأنه من أصعب وأهم الأدوار التى قد تواجه ممثلا ووجدت فيه ضالتى كدور مركب أظهر به قدراتى.. وبه قدر كبير من التحدى.. أولا لأنه من إبداع أديب نوبل نجيب محفوظ وثانيا لأنها تجربة جماعية غير تقليدية.. وبالفعل بدأنا البروفات واستمرت نحو سنة وأربعة شهور متقطعة.. ويحسب لمدير الفرقة المخرج عادل حسان أنه آمن بالعرض فرصد ميزانية تتجاوز 300 ألف جنيه لعرض واحد فى مسرح الشباب رغم أنه كان يمكن أن يقدم بهذا الرقم أكثر من ثلاثة عروض.
كيف ذاكرت تاريخ سرحان الهلالي؟
أرهقت المخرج كثيرا لإيمانى أن تلك الرواية إما أن تنجح نجاها مبهرا أو أن تفشل فشلا ذريعا.. لذلك كنت أدقق فى كل تفاصيل الشخصية التى ألعبها وطبيعة ملامحها مع تنقلاتها الزمنية.. فصعوبة تجسيد الشر فى شخصية سرحان الهلالى أنه ليس شرا مباشرا كما فى الأدوار التقليدية ولكنه شر مبرر.. صاحبه يملك دائما دوافع تجعلك تصدقه خاصة وأنه إنسان عاش حياة صعبة جعلته صاحب تركيبة نفسية غير سوية.. لذلك كان لابد أن يبدو ذلك فى كل تصرفاته وحتى فى طريقة مسكته للمنديل ومسحه ليده والرجوع خطوة للوراء حينما يتحدث مع الآخرين وهكذا.. فهو شخص مدّع رغم أنه ابن خادمة.. ولكنه يرى فى نفسه محركا لمصائر كل تلك الشخصيات.
وكيف نقلت شعورك بالشخصية لمن حولك من شباب الممثلين؟
واقع الأمر أن هناك ثلاث شخصيات تتحكم فى إيقاع العرض.. الشخصية التى ألعبها أنا وشخصية محمد يوسف «اوزو» وشخصية ميدو عبد القادر.. ولهذا كان لابد أن يذوب باقى الفريق فى أجواء العرض لذلك كنا نذاكر أدوارنا أمام بعضنا البعض ونطلب منهم الرأى ونقدم لهم نحن أيضا النصيحة فيما يجسدونه.. وهكذا حتى نصل للصيغة الأمثل للأداء وهم يدركون مبررات اعتماد التمثيل من مدرسة أدائية بعينها دون غيرها.. وفى النهاية مايسترو العمل هو من يحسم الأمور الدرامية التى تخدم رؤيته.
وأمام هذا النجاح الجماهيرى والنقدى منذ بداية الموسم.. هل توقعت الجائزة؟
كنت أتمنى أن يحصل العمل أولا على جائزة أفضل عرض لأن الجوائز فى النهاية وجهة نظر تخص لجنة التحكيم مهما كانت عظمة الممثل.. بينما جائزة العرض دلالتها أن المنتج سيعيش فترة أطول وأننا لم نضع وقتنا سدى.