قطعت مصر شوطا كبيرا من بدايات القرن الماضي وحتى الآن من خلال وضع القوانين التي تمنع جريمة ختان الإناث، والقيام بحملات توعية متنوعة لمخاطبة العقول التي تتمسك بالعادات والتقاليد الخاطئة، كما وضعت الدولة استراتيجيات لحماية المرأة والفتاة من كل أشكال العنف، فضلا عن إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث لتكون اللجنة المتخصصة في هذا الملف.
موضوعات مقترحة
«بوابة الأهرام» تعرض في هذا التقرير، رحلة مصر في مكافحة ختان الإناث ونرصد أبرز جهودها في هذا المجال.
تجريم ختان الإناث بالقانون
حرصت الدولة على حماية حقوق المرأة والفتاة والطفل وهذا ما تضمنه الدستور المصري الذي شمل مواد تمنع ختان الإناث واعتبرها جريمة في حق الفتيات، ففي المادة 80، تلتزم الدولة برعاية الطفل ،وحمايته من جميع أشكال العنف، والإساءة ،وسوء المعاملة، والاستغلال الجنسي في المادة 11، تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين الواجبات الأسرية ومتطلبات العمل.
وفي عام 1997 تم حظر ختان الإناث بقرار من وزير الصحة، ولكن لم يتم حظر هذه الممارسة تماما ً حيث تم السماح بها في بعض الحالات بموافقة ممارس من الطاقم الطبي، وفي عام 2007 أصدرت وزارة الصحة قرارا وزاريًا يحظر على جميع العاملين في مجال الصحة إجراء عمليات ختان الإناث في المستشفيات، والعيادات الحكومية أو غير الحكومية.
وتم إصدار أولى النصوص الجنائية المتعلقة بالحماية ضد ختان الإناث عام 2008 ، حيث تم تعديل قانون العقوبات لينص على عقوبات تجرم ختان الإناث، فتنص المادة 242 مكرر على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد عن سنتين أو بغرامة لا تقل عن 1000 جنيه مصري، ولا تزيد عن 5000 جنيه مصري كل من يقوم بختان الإناث. ومع ذلك، رأى المشرع المصري أن هذه العقوبة لا تتناسب مع الجريمة المرتكبة، لذا تم تعديل المادة 242 مكرر فى عام 2016 بتشديد العقوبات الواردة فى نص المادة و إضافة مادة جديدة رقم 242 مكرر وذلك بموجب القانون رقم 78 لسنة 2016.
تعديلات عقوبات ختان الإناث
وجاءت تعديلات 2016 بإعادة تعريف ختان الإناث بوصفه جناية بدلاً من جنحة، وزيادة العقوبة على ممارسة ختان الإناث بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات، وتصل إلى السجن المشدد لمدة 15 سنة إذا نشأ عن فعل ختان الإناث وفاة الضحية أو عاهة مستديمة ،كما نصت المواد على عقوبة بالسجن لمدة تتراوح بين سنة، وثلاث سنوات لكل من طلب ختان أنثى وتم الختان بناء على طلبه.
وافق مجلس الوزراء المصري علي مشروع قانون المقدم من اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث -بعد دراسة وزارة العدل - بتقرير عقوبة رادعة حيال جرائم ختان الإناث، وجاءت التعديلات في المادتين) 242 مكررا و 242 مكررا.
3 استراتيجيات للمرأة
أطلقت مصر ثلاث استراتجيات تخص المرأة وهى:
اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة في عام 2015.
اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ختان الإناث بعام 2016.
اعتماد الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة بعام 2017.
آليات للحماية
وضعت الدولة العديد من الآليات التي تحمي المرأة والفتاة والطفل من كل أشكال العنف وتعمل على رصد المشاكلات التي تواجههم ، حيث تم إنشاء لجان حماية الطفل بموجب المادة رقم97 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، كآلية لرصد الأطفال المعرضين للخطر، ودراسة حالاتهم، وتنفيذ التدخلات لإزالة أي نوع من المخاطر التي يتعرض لها الطفل.
وخصص المجلس القومي للطفولة والأمومة خط نجدة الطفل 16000، كما خصص المجلس القومي للمرأة خط ساخن لمكتب شكاوي لرصد الشكاوى وهو 15115، وفي عامي 2016، و2018 أصدر النائب العام كتب دورية لجميع أعضاء النيابة العامة بشأن عقوبة جرائم ختان الإناث، وتفعيل نظام حماية الطفل وأصبحت هذه الكتب الدورية مرجعاً هاماً لوكلاء النيابة من أجل استكمال التحقيقات في جرائم ختان الإناث.
اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث
انشأت مصر أول لجنة وطنية للقضاء على ختان الإناث في مصر عام 2019. فقد قام المجلس القومي للمرأة ، والمجلس القومي للطفولة والأمومة للمرة الأولى على الإطلاق بإنشاء لجنة وطنية للقضاء على ختان الإناث في مصر، وضمت هذه اللجنة الجهات المعنية الحكومية ،وغير الحكومية ،وكذلك السلطات التنفيذية، والقضائية، والدينية الهامة، حيث جمعت اللجنة جميع الأجهزة ووزارات التضامن الاجتماعي والصحة والسكان، التربية والتعليم والتعليم الفني - الشباب والرياضة - الثقافة - الأوقاف - العدل - الداخلية - الخارجية، كما تضم النيابة العامة - الأزهر الشريف - الكنائس المصرية - الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء - المجلس القومي للسكان - المجلس القومي لحقوق الإنسان - المجلس القومي لشئون الإعاقة - المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وعملت اللجنة منذ إطلاقها على تنسيق الجهود، حيث استطاع المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة تنسيق جهود جميع أعضاء اللجنة الحكومية، وغير الحكومية، وكذلك الشركاء الدوليين، ونقل ونشرتلك الجهود وطنيا ً، ودوليا.
تمكنت اللجنة خلال بضع أشهر ، وتحديد اً من مايو 2019 حتى يونيو 2020، من الوصول إلى 22 مليون مستفيد من النساء والرجال، والأطفال، وذلك من خلال أشكال مختلفة من الأنشطة، ووسائل التوعية التي تنوعت بين طرق الأبواب ، رفع الوعي، القوافل الطبية ،حملات التوعية الإعلامية، بناء القدرات ،واستقبال، والتعامل مع الشكاوى،والاستفسارات تحت شعار «# احميها_من_الختان».
وعن التعديلات التشريعية، اقترحت اللجنة تعديلات تشريعية لضمان سد الثغرات التشريعية، وعلى الرغم من وجود قانون يجرم ختان الإناث بعقوبات صارمة، إلا أن دراسة الجوانب المختلفة لهذه الجريمة سيضمن أن أى ثغرة قانونية سيتم رصدها ومعالجتها.
ويتضمن مشروع القانون المقترح عقوبات أكثر صرامة لختان الإناث، وتوسيع نطاق التجريم، وإعادة تعريف فعل ختان الإناث باعتباره عاهة. كما يقدم المقترح معالجة لوضع مرتكب جريمة ختان الإناث من الطاقم الطبى وبالإضافة إلى ذلك، قامت اللجنة بدراسة تناول قضية ختان الإناث في قانون الطفل، ولائحته التنفيذية.
تمكنت اللجنة من خلال اتصالاتها المستمرة على مدار الساعة بين جميع أعضائها بشكل عام، وخطوط المساعدة ، والنيابة العامة ووزارة الداخلية بشكل خاص، من بدء ومتابعة التدخلات الفورية لمساعدة الضحايا المحتملين لهذه الممارسة الضارة ومتابعة سير الإجراءات ضد مرتكبيها.
إشادات دولية عن مصر
حصلت مصر على الكثير من الإشادات الدولية، فبينما كانت مصرتناقش تقريرها الوطني حول المراجعة الدورية الشاملة في مجلس حقوق الإنسان بجنيف في نوفمبر 2019، جاءت غالبية الإشادات لمصر موجهة إلى أجندة المرأة، وخاصة ملف ختان الإناث، وإنشاء آلية تنسيقية وطنية للقضاء على هذه الجريمة في مصر.