Close ad

أمهات شهداء الشرطة: «ولادنا ماتوا علشان مصر تعيش»

31-1-2021 | 17:55
أمهات شهداء الشرطة «ولادنا ماتوا علشان مصر تعيشأمهات الشهداء
صافيناز الطرابيشي
نصف الدنيا نقلاً عن

«ابنى حبيبى يا نور عينى بيضربوا بيك المثل كل الحبايب بتهنينى طبعا ما أنا أم البطل»، هذا لسان حال جميع الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن على يد الإرهاب الأسود الغادر الغاشم، أمهات ربين أبطالا لا يهابون الموت، بل واجهوه بكل شجاعة واستبسال، حملوا قلوبهم على أيديهم فداء لوطنهم الحبيب، وضحوا بأرواحهم من أجل مصر.

موضوعات مقترحة

إحساس مرير لكل أم فقدت فلذة كبدها، خصوصًا عندما يُغتال مقتولًا أو مفجَّرًا بلا رحمة أو إنسانية، ولكن عزاءها الوحيد أن نجلها كُتبت له الشهادة، وحفر اسمه على حائط الشهداء، لتظل صورته معلقة بجانب صور الأبطال الذين سبقوه إلى جنات الخلد محفورة فى الذاكرة، وتبقى مواقفه الباسلة يفتخر بها أبناؤه من بعده.

لم أدر لماذا استحضرتنى أغنية الفنانة شريفة فاضل بقوة عندما أردت عمل لقاءات مع بعض أمهات شهداء الشرطة، للاحتفاء بهن فى عيدهم الوطني التاسع والستين تقديرا لما قدموه من تضحيات؛ للحفاظ على أمن الوطن والمواطنين، كنوع من تكريمهم؛ كى لا ننساهم أبدا ونُكرمهم، ونتذكر مواقفهم البطولية.

حكايات تملؤها الدموع والشجن فكل أم تحدثت إليها انتهى حديثى معها بالدموع، والمثير للفخر أن هؤلاء الأمهات راضيات بقلوب مؤمنة بقدر الله، وكلهن أجمعن على أنهن قدمن أبناءهن فداء لمصر،التى لا تنسى أولادها الأبرار،داعيات المولى أن يكن معهم فى الفردوس الأعلى.


فى بداية لقائى بالسيدة ماجدة سلامة والدة الشهيد النقيب محمود أبو المجد حلمي، قالت: الشهيد أصغر أولادى وهو نجلى الثالث، ولدى ابنة وابن آخر ضابط، محمود كان طفلًا مختلفًا وسيمًا ورياضيًّا ومتفوقًا، وبصوت حزين متحشرج تستطرد الأم قائلة: التحق صغيرى بكلية الشرطة عام 2008 من شدة حبه للضباط، وليكون مثل أخيه الذى كان طالبًا بالفرقة الرابعة فى الكلية نفسها، كان من المتفوقين دراسيا وكانوا يشهدون له بحسن الخلق والاحترام والرجولة و«الجدعنة»، تخرَّج ابنى عام 2012 والتحق بقطاع الأمن المركزي، وكان عمره وقتذاك 21 عامًا، تزوج فى سن الـ22 وأنجب نجله فى 22-1-2015، كان عمره 23 عامًا واستشهد فى 21-1-2016، أى قبل عيد ميلاد ابنه الأول بيوم، وكان عمره وقتذاك 24 عاما، محمود لم يُكمل 3 سنوات ونصف السنة فى خدمة جهاز الشرطة.

«فى جسمى نار ورصاص وحديد عَلمك فى إيدى واسمى شهيد»

تنهمر الدموع من عينى الأم الثكلى وتذهب فى نوبة بكاء من شدة حزنها على صغيرها وتقول: قبل استشهاده بسنة وبالتحديد فى 25 من يناير عام 2015، ذهب مع مجموعة من الضباط،لتأمين البدرشين، وفور نزوله من المدرعة أطلق الإرهابيون عليه النار، فأصيب بطلقة نارية فى جنبه الأيمن نفذت من ظهره من جانب العمود الفقرى بما لا يقل عن ثلاثة ملليمترات، ولكن الله كتب له عمرا جديدا.

وتصمت برهة وتبدو شاردة الذهن وبتأثر شديد تقول: حبيبى كان يخفى عنى المأموريات التى فيها خطورة عليه، أتذكر يوم إصابته اتصل بى وقال لي: «أنا فى مكان آمن والدنيا هادئة فى البدرشين»، بعد فترة وجيزة وجدته يتصل بى ويحاول أن يتماسك ولكن قلبى كان يحس بصوته، قال لى فأُصبت بخرطوش فى رجلى حاجة بسيطة «اتصلت بشقيقه الأكبر ففوجئت به يقول لى أخى أصيب بطلقة فى بطنه وأنا فى طريقى إليه.

«يرضيك أكون قاتل»
عندما ذهبت إليه فى المستشفى أجمع الأطباء على أن هذه طلقة موت وقالوا لى «محمود اتكتب له عمر جديد»،وعندما سألته يا محمود «لو شوفت اللى عمل فيك كده هتموته؟ قالى يرضيك يا ماما أكون قاتل، قلته لا يا حبيبى ما يرضنيش»، قلتله ما هو كان هيقتلك، قالى بس أنا ما قتلوش، هذه أخلاق ضباط الشرطة.

«يمكن أموت يا ماما»

قبل وفاته كان يستعد للاحتفال بعيد ميلاد ابنه يوم الجمعة 22/1، أى ثانى يوم استشهاده، لأن محمود استشهد يوم الخميس، يوم الأربعاء قبل استشهاده بيوم جاءنى وأخذ ابنه «يطبطب عليا قلت له أنا شكلى هموت قالى مش يمكن أنا يا ماما» قبل وفاته كنت أبكى بحرقة خصوصا عندما شاهدت الرئيس يكرم أسر الشهداء فى عيد الشرطة وكان يحمل مولودًا صغيرا لنجل أحد الشهداء وكنت أردد بينى وبين نفسى «يارب الدور عليا إمتى ؟».

«لآخر نفس فيا بنادى بموت وأنا بحب بلادي»

تستطرد السيدة ماجدة حديثها قائلة: استشهد محمود فى يوم 21/1/2016 نتيجة انفجار وقع فى شارع اللبينى بالهرم، فى يوم الاستشهاد كلمته الساعة 5 إلا ربع قبل المغرب، «قالى اطمنى أنا فى مكان آمن «متقلقيش»، رغم أنه كان لديه تعليمات أنه سيقتحم مكانًا به مجموعة من الإرهابيين خططوا لتفجيرات بالهرم الساعة 6:28 دقيقة، وبعد القبض على أحدهم أرشد عن بقية المتهمين وعن مكان الشقة التى تحوى المتفجرات، وأثناء اقتحامها كانوا 4 وأبلغ عن أسمائهم لقائده، وبعد ذلك وقع التفجير، واستشهد نجلى ومعه مجموعة من أصدقائه وفدوا مصر بأنفسهم، فور حدوث الانفجار وجدتنى أقول لوالده «محمود فى دول»، وبعدها شاهدت اسمه فى التليفزيون، بعد استشهاده شعرت بأننى كنت أربى شهيدًا معى فى المنزل، وتنهمر دموع الأم وتستطرد قائلة:«كان كاتب على صفحته الشخصية على فيسبوك «عيش بطل يموت جسمك ويعيش اسمك».

«فين بابا عايز أروح له الجنة»

تستطرد الأم المكلومة حديثها قائلة: ابنى مات وعنده 24 سنة، ودمرنا جميعا، فيكفى أن ابنه يسأل أسئلة نعجز عن الإجابة عنها، «فين بابا، اشمعنى أنا ما عنديش بابا، كل الولاد ليهم بابا وأنا لا، ليه مش بييجى لى المدرسة، والدته تقول له بابى فى الجنة يقولها ما تيجى نروح له»، وفى النهاية أقول للرئيس السيسي: «ربنا بعتك لنا أنت أعظم إنسان فى الدنيا، أنقذتنا وأنقذت مصر ابنى مش خسارة يا ريس فى مصر ومش خسارة فيها أى حد يضحي».


«طالعين على أرض الفيروز الرمل ماس والقلب كنوز»

تركت والدة الشهيد محمود والتقيت الحاجة عفاف محمد والدة الشهيد العقيد تامر العشماوى فبدأت حديثها قائلة: كلمنى قبل استشهاده بـ4 ساعات وقال لي: «ادعيلى يا ماما»، لم أشعر بأى شيء غريب أثناء محادثته الأخيرة معي، وكان يحب الخدمة فى سيناء والعريش لعشقه فى أرض الفيروز، ودائما ما كان يشعر بأن استشهاده على أرضها، وكان يقول«أرض الفيروز دى أرض الأنبياء».

تامر الأخ الكبير وله شقيق ضابط بالشرطة، ذهب إلى العريش عام 2014 وكان من الضباط المخلصين، كان مخلصًا وقويا ومتفانيًا فى عمله، واستشهد فى يناير 2016، كان يحب أن يحرس الكمائن، وقال القدر كلمته بعدما استبدل خدمته مع زميله واستشهد فى ميدان العتلاوى قسم ثالث لقسم العريش بسيناء أرض الفيروز، كان يحبها للغاية.

« بحبك يا مصر»

بعد وفاة والدهما، توليت مسئولية تربيتهما على حب الوطن والعمل والخير وحب الله، كنت فى الكويت وحبنا واشتياقنا لبلدنا جعلنا نعود إلى مصرنا الحبيبة، تامر كان خدومًا بارا بى يحب الناس، وكان بمثابة صديق وحبيب لي، فور حصوله على الثانوية العامة أهَّله مجموعه إلى الالتحاق بكلية التجارة، لكنه رفض رفضًا شديدًا وأصر على الالتحاق بالكليات العسكرية قدم ورقه فى الشرطة والجيش، وقُبل فى الشرطة.

«أمانة تبوسولى إيديها وتسلمولى على بلادي»

تخرَّج فى كلية الشرطة وعمل بالمرور حوالى 11 عامًا ثم فى أسيوط وبعدها فى القاهرة، ظل عامين فى النقل والمواصلات، وبعدها جاءته مأمورية شمال سيناء والعريش، فاقترحت عليه التأجيل بحجة أننى سيدة مسنة وهو العائل الوحيد لى وأحتاج إلى الرعاية «قالى مش هقدرياست الكل ده واجبى ومقدرش أهرب منه»، ومكث لمدة عامين وفى أول يناير 2016 استشهد ابني، وبصوت يملؤه الحزن والشجن تقول السيدة عفاف والدة الشهيد تامر: لم أحزن بالعكس فأنا فخور بنجلى وبلده فخور به خصوصا أن الله اصطفاه لحسن خلقه، أطلب من كل أم شهيد أن تحتسب نجلها شهيدا، وتصبر ونأمل أن نكون معهم فى الفردوس الأعلى، ويكونوا شفعاء لنا.

«قولوا لأمى ماتزعليش وحياتى عندك ماتعيطيش»

تستطرد السيدة عفاف قائلة: تامر كان متزوجا ولديه ولدان سيف الدين، وفارس، زوجته كانت منهارة ولكنها تراعى الأولاد بصبر وإيمان وأصبحت الأب والأم لهما، وتنخرط فى البكاء وتقول: أصر على الذهاب إلى العريش لحبه لعمله ووطنه وحبه للاستشهاد، فكان دائما يقول «ياريت يا ماما ننول الشهادة هو حد طايل ينولها»، لم يخف من الموت مطلقا، وحكمته الشهيرة «أن الأجل مكتوب والمصير محتوم.. هنزعل ليه بقى؟» كان يقف مع ثلاثة من زملائه وقع عليهم هجوم إرهابى من قبل 7 إرهابيين وتبادلوا الأعيرة النارية وأدت إلى استشهاده فى عامه الـ46 هو وزملاؤه.

اختتمت السيدة عفاف حديثها بتوجيه كلمة شكر للرئيس السيسي، وقالت: إنسان نقل مصر نقلة كبيرة وحقق لها مكانة فى العالم وأعطانا كأسر شهداء مكانتنا ربنا يحافظ عليه ويبارك فيه ويرفع شأنه وشأننا، أولادنا ضحوا بأنفسهم وأرواحهم لنشعر بالأمان الذى نشعر به الآن.

«وبقيت أنا أم البطل»

تركت السيدة عفاف وانتقلت إلى السيدة عايدة والدة الشهيد المقدم محمد جمال والتى بدأت حديثها قائلة: ابنى بطل استشهد يوم 18/4/2018، فى ميدان لبنان بالمهندسين بجوار سكنه، محمد كان ضابطًا بمرور الجيزة، كان مجتهدًا يعشق عمله يحب زملاءه مجاملًا لأقصى الحدود، قبل استشهاده بنصف الساعة اتصل بي، كنت عند أخته وطلب منى أن أُنسِّق عيد ميلاد ابنته، بعدها اتصلت بى إحدى جاراتى بالعمارة وقالت لى محمد أصيب وهو فى المستشفى، وقتها شعرت بخوف ورهبة، وقلت لأخته افتحى التليفزيون أخوك استشهد، وبالفعل وجدت صورته وخبر استشهاده على الشاشة، ذهبت إليه فى المستشفى وشاهدته، قمر ووجهه منير من عمله الطيب وأخلاقه العالية وتديُّنه، وفى الصباح حضرت مراسم الجنازة والصلاة عليه فى المسجد وكانت جنازة عسكرية مهيبة، أفضل شيء أسعدنى عندما رأيت حب الناس لابنى وحزنهم الشديد عليه، وحزن زملائه الذين كانوا يبكون بحرقة على فراقه.

وبكلمات كلها حسرة وألم تقول السيدة عايدة: حبيبى استشهد أمام مقر عمله فمكتبه له شباك على الشارع، وأثناء دخوله إلى مكتبه لكى يتوضأ ويصلي،جاءته سيدة وطلبت منه أن يدلها على عنوان، فى الوقت نفسه وضعوا له قنبلة على الشباك، وأمام السيدة من الجهة الأخرى كان هناك شاب يقف خلف ابنى على الرصيف المقابل، وفى لحظة فجروا القنبلة التى أصابته فى رأسه.

سعيدة بشهادته وحزينة على فراقه

منهم لله الإرهابيون لأنى لم يكن لدى غيره وربنا سوف ينتقم منهم، ربنا حرم القتل والإرهاب والخراب، وهم مارسوا جميع الموبقات التى رأيناها وآذوا بها أولادنا «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» الحمد لله أنا سعيدة بشهادته لكن حزينة على فراقه، حصلت على وسام تكريم محمد من سيادة الرئيس لأنى أم شهيد ربنا اصطفاه وأعطانا الفخر، وتبكى بحرقة وتستطرد قائلة: أنا راضية لكن فراقة أتعبنى وضيَّع صحتى وعمري، يوم 25 من يناير هو يوم جميل ولكن يؤلمنى مثلما يؤلم أمهات جميع الشهداء، محمد وحشنى وعزائى أنه فى الجنة ونعيمها، كان دائما يقول لي: نفسى أكون شهيدًا، هو متزوج ولديه بنت كان يقول لى أنت ستربين بنتى فأقول له أنت اللى هتشيلنى وتودينى إلى مثواى الأخير يصر ويقول لا يا أمى أنت هتودينى الأول أنا عارف بقول إيه.

مشروع شهيد 

السيدة وفاء السيد والدة الشهيد الرائد مصطفى يسرى عميرة بدأت حديثها قائلة: وقت الإصابة ابنى كان ملازمًا أول؛ ولأنه مكث ثلاث سنوات فى غيبوبة، ترقى زملاؤه وحصلوا على رتبة نقيب وقت إصابته، فاستشهد وكان برتبة نقيب وحصل على الرتبة الأعلى الشرفية رائد، مصطفى ابنى الأكبر وقت الإصابة كان عنده 24 سنة وكان خاطبا قبل الإصابة بيوم وكان على وشك الزواج، « لو هتكلم عليه عايزه سنين» آية الله فى أرضه،رحمة ومحبة، الكلمة التى قالها زملاؤه عنه «مصطفى لم يكن من أهل الأرض» منذ صغره سبحان الله كان كاتبا عن نفسه أنا مشروع شهيد، وتتنهد الأم وتصمت برهة ثم تقول: منذ صغره حلم حياته أن يصبح ضابطا ويموت شهيدا، رغم حصوله فى الثانوية العامة على مجموع 98%والتحاقه بكلية الهندسة، ولكنه أصر على أن يلتحق بكلية الشرطة ليصبح شهيدًا،لدرجة بقيت أقول «يابنى متوجعش قلبى عليك» يوم فض اعتصام رابعة أول شهيد هناك كان صديقه، محمد جودة، وقتذاك كتب على فيس بوك كان نفسى أموت شهيد وهى أيضا آخر كلمة كتبها قبل ما يدخل فى الغيبوبة بعدما أصيب.

«مستنى دوري»

مكث مصطفى فى الغيبوبة ثلاث سنوات وأسبوعين وكان متفوقًا فى كلية الشرطة لأنه كان أمله أن يلتحق بالعمليات الخاصة، شقيقه الأصغر ضابط أيضا وشقيقته الآن طالبة بكلية الإعلام ، ابنى تخرَّج دفعة 2010 وهذه الدفعة تخرجت على ثورة يناير والتحق بالعمليات الخاصة وقتذاك وكان مكان خدمته فى ميدان التحرير وكان موجودًا فى جمعة الغضب وشارك فى مداهمات وقعت فى سيناء والعريش حتى 2013 حدث اعتصام رابعة، نزل دون أن يعلمنا بأى شيء عن عمله ولم يخبرنا بمشاركته فى فض اعتصام رابعة، ومر أول يوم هو 14-8-2013 والمفروض خطبته كانت يوم 15-8 وأبى أن يحتفل به مراعاة لشعور أصدقائه الذين استشهدوا واكتفى بقراءة الفاتحة فقط ويوم الجمعة 16-8-2013 آخر ما كتبه على فيس بوك أنا «مستنى دوري»كتبها داخل برواز ووضع عليها شريطة سوداء.

«الشهيد الحي»

نزل بعد صلاة الجمعة جاءتهم تعليمات بالتوجه إلى حلوان لوجود تجمهر عند القسم لاقتحامه، ذهب مسرعًا، كان منصوبًا لهم كمين على الأوتوستراد عند المعصرة داخل عمارة تحت الإنشاء،أول ما وصل مصطفى بالسيارة أطلق عليه القناصة النيران وتعامل معهم حتى وصل زملاؤه واستطاعوا أن يقتلوا المجموعة، ولكن ابنى أصيب بثلاث رصاصات فى رأسه ورجله وبطنه، وآخر كلمة كتبها فى المستشفى قبل الغيبوبة «كان نفسى أكون شهيدًا» وظل 5 أيام متواصلة معنا بالكتابة فقط، وفى اليوم السادس انقطع الأوكسجين عن مخه فأصيب بتلف فى المخ وشلل رباعى وكان لا حول له ولا قوة، لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أيام، كان يطلق عليه الشهيد الحى كان لا هو شهيد ولا هو حى كان يشعر فقط بالآلام المبرحة إلى أن استرد الله وديعته يوم 16-8-2013.

«نظرات الوداع»
تسترجع الأم وفاء ملابسات يوم إصابته وتقول: كنا نشعر جميعا بأن شيئًا غريبًا سيحدث، استيقظ مصطفى على غير عادته ساكتا وكلنا ساكتون ووجدتنى أصر على أن أوقظ ابنى الأصغر وأقول له«قوم افطر مع أخوك يا عالم هتقعدوا مع بعض تانى إمتى» وهو نازل كان ينظر إلينا نظرات كلها وداع كأنها آخر مرة يرانا فيها ووالده أصر على النزول معه ووجدتنى دون أن أشعر أدلف مسرعة إلى البلكونة لأشاهده، وقلت لنفسى «دى آخر مرة هتشوفيه فيها» بعدها اتصلت به ولم يرد إلى أن اتصل بى زميله وقال لى مصطفى أصيب إصابة خفيفة وموجود فى المستشفى نزلنا أنا ووالده وهو لواء جيش وقت الحظر وجدناه فى العمليات بعدها بدأت المعاناة ثلاث سنوات وثلاثة أيام عانى فيها أشد المعاناة،آخر يوم الخميس فتح عينه وكان فى منتهى السعادة وكان ينظر تجاه الشباك ويبتسم وكان على جهاز التنفس الصناعى وقتذاك كان هناك شيخ موجود طلب منى الدعاء له والانصراف فى يوم الخميس مساء، والده ذهب إليه يوم الجمعة وهو واقف بجانبه تحركت الجلطة تجاه الرئة وفى لحظة واحدة لقى ربه.


وبحزن شديد تقول السيدة وفاء: مصطفى واحشنى ولم يعوضن عنه أحد فى الدنيا وتبكى الأم بحرقة وتقول: ابنى كان مش طبيعى بعد إصابته عرفت عنه حاجات كنت بقول ده مش ابنى وتبكى كنت أطيب وأحسن وأحن خلق الله يا بنى ونلت ما تتمناه لن أزكيك على الله أنت طول عمرك تضحى بنفسك لكى ترضينا وضحيت بدمك وشبابك عشان بلدك، كنت سعيدة بإطلاق اسمه على مدرسة »الشهيد مصطفى يسري»، وصدق ابنى عندما قال إن السيرة أطول من العمر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة