Close ad

اللواء محمد إبراهيم الدويري: الرئيس السيسي تعامل مع أزمة «كورونا» بمنطق القائد المسئول

31-3-2020 | 04:43
اللواء محمد إبراهيم الدويري الرئيس السيسي تعامل مع أزمة «كورونا بمنطق القائد المسئول اللواء محمد إبراهيم الدويري تصوير- عماد عبد الهادي
حوار أجراه - هانى بدر الدين

مصر تأمل فى حل لسد النهضة بالمفاوضات.. وجميع الوسائل متاحة للحفاظ على حقوقنا 

موضوعات مقترحة

القيادة السياسية ركزت على المواطن وصحته مع توفير كل الإجراءات الوقائية لاحتواء هذا الوباء

على المواطن الثقة الكاملة فى الدولة وقياداتها ومؤسساتها وتنفيذ كل تعليماتها لأنها تصب فى صالحه والابتعاد عن ترديد الشائعات

أزمة "الفيروس" أدت لزيادة ثقة المواطن فى قيادته.. وتفرض على الدولة أن يكون تعاملها مع جميع الأزمات التى قد نواجهها مستقبلاً بنفس الحرفية

 

مصر فى عبور أمواج متلاطمة، وإذا كانت المشهد الإقليمى والدولى يزخر بأوضاع شديدة التشابك والتعقيد، بالإضافة إلى ما أفرزه فيروس "كورونا" بعد موجة طقس بارد، وأمطار غزيرة، كل تلك الأوضاع بمثابة ألغاز تحتاج إلى فك شفراتها، للوقوف على مستقبل الأوضاع.
ومن هذا المنطلق، تأتى أهمية الحوار مع شخصية لها وجهة نظر ثاقبة، ملمة بدقة بالماضى وتفاصيله، ومدركة للحاضر وتشابكاته، ومن هنا تأتى القدرة على وضع رؤية للمستقبل.
اللواء محمد إبراهيم الدويري، استطاع أن يجمع خبرات كبيرة بعد عقود فى جهاز المخابرات العامة المصرية، ليغادره وهو وكيل للجهاز، وبعدها أصبحت مقالاته وإسهاماته الفكرية لها أهميتها.
اللواء محمد إبراهيم، الحاصل على وسام الجمهورية لعضويته فى اللجنة القومية العليا فى مفاوضات طابا، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، يطرح فى السطور المقبلة رؤيته للقضايا الداخلية والخارجية، الإقليمية والدولية، فإلى نص الحوار:


 أصدر الرئيس السيسي مجموعة من القرارات الاقتصادية للتخفيف عن المواطنين، كيف رأيتها؟


حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال اللقاء مع سيدات مصر يوم 22 مارس المنصرم، يشير إلى أنه تعامل مع أزمة "كورونا" بمنطق القائد والمسئول ورب الأسرة المصرية، الذى يدرك كيف يعالج مثل هذه الأزمات غير المسبوقة وآثارها الحالية والمستقبلية، وبالتالى اتخذ الرئيس القرارات الاقتصادية والاجتماعية التى تدعم المواطن والوطن ومؤسساته.


وقد ضرب الرئيس المثل فى كيفية أن يكون هناك تواصل وتناغم، بل وانصهار بين القيادة السياسية والشعب، وأن المسألة ليست فى كلمات، وإنما قرارات وطنية شجاعة فى الصميم، كما حرص الرئيس أن يؤكد أن الدولة انتهجت الأسلوب العلمى، وهى تواجه هذا الوباء، لكنه حرص فى نفس الوقت أن يؤكد أن الفترة المقبلة هى الأكثر أهمية، وعلى الجميع أن تتضافر جهودهم حتى نعبرها بإذن الله بالتعاون والالتزام.


خلال فترة بسيطة استطاع المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن يكون له دور بارز فى الأوساط البحثية السياسية، كيف تصف المركز؟


المركز المصرى هو مركز تفكير مستقل، تم تأسيسه فى يناير 2018، يقوم على قواعد التفكير العلمى بهدف تقديم رؤية مصرية للتحولات الإقليمية والدولية، وطرح سيناريوهات مختلفة بشأن هذه التحولات وفهم أعمق لطبيعة مهددات الأمن القومى على مختلف الأصعدة، وطرح الرؤى والسياسات المختلفة أمام صناع القرار، ويعقد المركز العديد من حلقات النقاش والندوات والمؤتمرات التى تعالج القضايا المهمة، منها المؤتمر الذى عقده المركز حول سد النهضة الإثيوبي، وألقى الضوء بشكل مفصل على كل جوانب تلك الأزمة، ومواقف أطرافها، وخرج بالعديد من التوصيات المهمة.


 ظهر فيروس "كورونا" وانتشر ليهدد العالم بأسره، فما رأيك فى تعامل الدولة المصرية مع أزمة كورونا؟


تعاملت الدولة المصرية مع أزمة فيروس "كورونا" بكل شجاعة وشفافية ومصداقية من منطلق كونها قضية "أمن قومي" وحرصت على اتخاذ جميع الإجراءات والقرارت التى تحافظ على قيمة الإنسان، الذى يمثل الأساس فى قوة الدولة وأهم عنصر فى تنميتها وتقدمها، ومن ثم كان تركيز القيادة السياسية على المواطن وصحته مع توفير كل الإجراءات الوقائية التى من شأنها احتواء هذا الوباء، ومن المؤكد أن الدولة وهى تؤدى دورها فى هذه الأزمة بتفان وبكفاءة وحرفية، فإن هناك دوراً مهما للغاية يجب على المواطن أن يؤديه ويلتزم به.


وهذا الدور يفرض على المواطن مهمتين رئيسيتين: -


الأولى: أن يكون لديه ثقة كاملة فى الدولة وقياداتها ومؤسساتها، وأن تكون هى مرجعيته الوحيدة فى كل ما يتعلق بالتعامل مع هذه الأزمة، مع حتمية أن يلتزم بتنفيذ جميع تعليماتها لأنها تصب فى صالحه.


الثانية: أن يبتعد عن ترديد الشائعات التى تعج بها مواقع التواصل الاجتماعى وألا يسهم فى ترديدها أو تصديقها، حيث إنها كلها تهدف إلى إحداث حالة من القلق وعدم الاستقرار داخل الدولة.


ومن المؤكد أن آلية تعامل الدولة المصرية مع هذه الأزمة، قد لاقى قدراً كبيراً من الاستحسان والتقدير الملحوظ على مستوى الرأى العام، نظراً لشعور المواطن بمدى حرص الدولة عليه من كل النواحى، بحيث يمكن القول، إن هذه الأزمة زادت من ثقة المواطن فى قيادته، وهو الأمر الذى يفرض على الدولة أن يكون تعاملها مع كل الأزمات التى قد نواجهها مستقبلاً بنفس هذه الحرفية، خصوصا فيما يتعلق بآثار التغييرات الشديدة فى الطقس، التى لابد من أن يتم الاستعداد لها بشكل أكثر فاعلية.


 وكيف ترى الوضع الحالى فى ملف سد النهضة بعد التعنت الإثيوبي، والموقف السوداني؟


قدمت مصر فى مفاوضات سد النهضة التى استمرت نحو 9 سنوات كل المرونة اللازمة، التى من شأنها إنجاح المفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق شامل ودائم يحقق مصالح الأطراف الثلاثة؛ مصر والسودان وإثيوبيا، ولم تمانع مصر فى قيام إثيوبيا ببناء السد لتوليد الكهرباء، بشرط ألا يؤثر ذلك على حصة مصر المائية وحقوقها التاريخية.


وانتهجت إثيوبيا موقفاً متشدداً وأبدت تعنتاً واضحاً خلال مراحل المفاوضات، ولم تلتزم بإعلان المبادئ الذى وقعت عليه فى 23 مارس 2015 كما غابت عن جولة واشنطن الأخيرة التى وقعت فيها مصر وحدها بالأحرف الأولى على الاتفاق النهائى، الذى تم التوصل إليه بعد شهور مكثفة من التفاوض بمشاركة أمريكية والبنك الدولى.

ومن المؤكد أن الولايات المتحدة قد بذلت جهداً كبيراً، وأبدت مصر تقديرها وامتنانها لهذا الجهد، وذلك من خلال دور الوساطة الذى قامت به مع البنك الدولى، حتى وصلت هذه الجهود إلى بلورة اتفاق نهائى لحل الأزمة، وبالرغم من عدم توقيع إثيوبيا والسودان على الاتفاق، فإن واشنطن أكدت أنها سوف تواصل جهودها حتى يتم حل هذه الأزمة.

ولاشك أن الموقف السودانى خلال فترات طويلة من التفاوض لم يكن مرضياً ولاسيما فى ظل نظام البشير، ولكن من الإنصاف أن نقول إن هناك تطوراً إيجابياً طرأ على هذا الموقف أخيرا فى ضوء التحسن الواضح فى العلاقات المصرية -السودانية، ونشير هنا إلى توافق الدولتين على رفض قيام إثيوبيا بالبدء فى ملء السد، دون اتفاق مع كل من مصر والسودان، وهو نفس موقف واشنطن والبنك الدولى.

ومن المهم التأكيد أن مصر لم تركن لحالة الجمود الراهنة فى المفاوضات، بل بدأت حركة دبلوماسية دولية نشطة مكثفة، حيث قام سامح شكرى، وزير الخارجية، بجولات عربية وأوروبية وإفريقية، حاملاً رسائل من الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى رؤساء هذه الدول، توضح طبيعة الموقف المصرى وآخر تطورات المفاوضات.


ومن الضرورى أن أشير إلى أن مصر ما زالت تأمل فى التوصل لاتفاق من خلال المفاوضات، لكن فى حال استمرار الموقف الإثيوبى المتعنت واعتزامه بدء عملية الملء دون توافق مع السودان ومصر، فلن يكون أمام مصر إلا أن تنتهج كل الوسائل المتاحة لديها التى يكفلها لها القانون الدولى للحفاظ على حقوقها ومصالحها، لا سيما أن قضية المياه بالنسبة لنا هى قضية وجود.


 مع اقتراب إسدال الستار على عمر أول مجلس نواب بعد ثورة 30 يونيو، كيف تقيم أداءه؟


من المؤكد أن وجود مجلس نواب قوى، يعد إثراء للحياة السياسية والبرلمانية فى مصر، خصوصا مع الدور المهم الذى كفله الدستور المصرى للمجلس ودوره التشريعى، ولا شك أن البرلمان قام بدور مهم فى الفترة السابقة فى مجالات متعددة، ومن الطبيعى أن يكون الأمر فى حاجة إلى تقييم أداء المجلس خلال المرحلة الماضية للوقوف على كل الإيجابيات، لتعظيمها مع تلافى أية سلبيات تكون قد حدثت وهو أمر طبيعى، حتى يظل البرلمان منارة عظيمة تؤدى دورها بكل كفاءة، كما أنه من الضرورى أن يكون الرأى العام على بينة بما يقوم به البرلمان من دور فى سن القوانين التى تسهم فى خدمة الوطن والمواطن، من أجل إحداث عملية التفاعل المطلوبة بين البرلمان والمواطن.


 نحن مقبلون على انتخابات مجلس الشورى والذى تم إقراره فى التعديلات الدستورية، فما رؤيتك لدوره؟
تجربة مجلس الشورى الذى سنشهد إعادة مولده من جديد خلال المرحلة المقبلة، ستكون خطوة مهمة للغاية فى دعم الحياة البرلمانية فى مصر، ومن ثم تبدو أهمية اختيار دقيق لأعضاء هذا المجلس الذى سيكون إضافة قوية، تؤكد مدى أهمية التكامل المطلوب بين مجلسى الشورى والنواب، وبما يصب فى النهاية فى دعم الدولة المصرية التى من المؤكد أنها ترنو إلى تعظيم قيمة وشأن هذين المجلسين.


 وماذا تقول بالنسبة للانتخابات المرتقبة لانتخاب أعضاء مجلسى النواب والشورى؟


لا شك أن هناك نقطة مهمة تتعلق بضرورة أن يقتنع المواطن بدور مجلسى النواب والشورى، حتى يكون لديه الدافع القوى للتوجه إلى صناديق الانتخابات، وأن يمارس حقه الدستورى عن قناعة، وهذا الأمر لن يتأتى إلا من خلال ثلاثة عوامل؛ الأول أن يكون لدى السادة المرشحين برامج واقعية ورؤية مقنعة للمواطن، والعامل الثانى أن تكون الشخصيات المرشحة لتنال شرف عضوية هذين المجلسين من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والنزاهة والقدرة على الدفاع عن حقوق الوطن والمواطن، والعامل الثالث أن يقوم الإعلام بدور مهم فى توعية المواطنين بضرورة ممارسة حقهم الدستورى فى انتخاب ممثليهم.


 وكيف ترى انتخابات المحليات المقبلة؟
الانتخابات المحلية المقبلة لا تقل أهمية عن انتخابات مجلسى النواب والشورى، لأن المحليات هى القاعدة التى تؤسس لمدى رضاء المواطن عن أداء الدولة، نظراً لتعاملها المباشر مع المواطنين، وهنا أرى أهمية الإعداد الجيد لهذه الانتخابات، وأن يكون عمادها جيل الشباب، كما يطالب الرئيس السيسى بذلك، ونظراً لحساسية هذه الانتخابات فلا مانع من أن تجرى فى مرحلة تالية بعد الانتهاء من انتخابات البرلمان والشورى.


وكيف تقيم تجربة الأحزاب فى مصر بعد ثورة 30 يونيو؟


لا شك أن تجربة الأحزاب بعد ثورة يونيو 2013 وحتى الآن فى حاجة إلى إعادة نظر، وليس من المنطق أن نحكم على هذه التجربة بأنها سلبية أو غير مفيدة، فهناك جهد كبير ونشاط تقوم به بعض الأحزاب على مستوى الشارع، ولكن مازالت هذه التجربة فى حاجة إلى تفعيل، وأن تصل الأحزاب إلى قلب وعقل المواطن، من خلال برامج واقعية تقنع المواطن وتربطه بها وتزيد من ولائه وانتمائه وتزيد من ربطه بإستراتيجية الدولة، وفى الوقت نفسه مطلوب من الأحزاب أن تكون لها رؤيتها وشخصيتها، حتى لا تكون نسخة مكررة من أحزاب سابقة لم يكتب لها النجاح.


 وما رؤيتك لوضع ومستقبل الإرهاب فى مصر؟


من المؤكد أن مصر حققت نجاحا بشكل غير مسبوق فى مواجهة الإرهاب، وذلك من خلال بلورتها رؤية شاملة تتناول كل مجالات المواجهة على المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية، والسياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية، بحيث أصبحت التجربة المصرية نموذجاً متكاملاً لأية دولة ترغب فى مكافحة ناجحة للإرهاب.
وفى هذا المجال لا بد أن نقدم كل الشكر والتقدير والامتنان لقواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية، للدور المهم الذى قاموا به فى مواجهة الإرهاب، وقدموا كل التضحيات فداء للوطن، دون أى مقابل سوى قناعتهم بأن الدفاع عن الوطن هو واجب مقدس لا يعلوه أى واجب.


وبالرغم من كل الجهود الناجحة التى تقوم بها الدولة، فإن هناك ضرورة لأن تظل كل المؤسسات المنوط بها مكافحة الإرهاب يقظة ومتنبهة فى ضوء عاملين رئيسيين؛ الأول أن جماعة الإخوان الإرهابية ما زالت تحاول العبث بأمن البلاد، برغم الضربات التى تلقتها، والعامل الثانى أن هناك دولا راعية للإرهاب تهدف إلى عدم استقرار مصر، وهنا لابد أن نشير إلى أن تركيا قد قامت بنقل أعداد كبيرة من الميليشيات والمرتزقة من سوريا إلى الغرب الليبى، وهو الأمر الذى يمكن أن يهدد الأمن القومى المصرى فى مرحلة لاحقة.


 وكيف ترى وضع مصر الآن بعد 6 سنوات تقريبا من عهد الرئيس السيسي؟
حققت مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى العديد من الإنجازات على العديد من المستويات، فعلى المستوى الداخلى، لقد تم دعم القوات المسلحة بأحدث الأسلحة، مما جعل الجيش المصرى يقفز فى تصنيفه إلى أن يكون واحداً من أقوى عشرة جيوش فى العالم، وأصبح جيشاً يشار إليه بالبنان، كما تم تحقيق طفرة فى مجالات الطرق والإسكان والعشوائيات وتنمية غير مسبوقة لسيناء، مع تحقيق طفرة كبيرة بالنسبة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى شهد لنا العالم بنجاحه، أما على المستوى الخارجى فقد تم تدعيم العلاقات المصرية المتميزة على كل المستويات العربية والإفريقية والإسلامية والآسيوية الأوروبية والأمريكية، وكذا دعم العلاقات مع كل من روسيا والصين، وهو إنجاز يؤكد النجاح الكبير فى سياساتنا الخارجية.


إذا انتقلنا إلى الأوضاع الإقليمية، وبدأنا بالملف الفلسطينى الذى توليه مصر اهتماما كبيرا، وحصلت سيادتكم فيه على وسام فلسطينى رفيع، كيف ترى واقع الأوضاع الفلسطينية ومستقبلها؟
حصلت بالفعل من الرئيس محمود عباس "أبو مازن" على نوط القدس الشريف عام 2006 خلال وجودى فى غزة، للإشراف على الانسحاب الإسرائيلى ضمن الوفد الأمنى المصري، ومصر بذلت جهداً كبيراً على مدار ثلاث سنوات، ابتداء من عام 2008 حتى وصلت عام 2011 إلى توقيع اتفاق فى القاهرة لإنهاء الانقسام الفلسطينى، من خلال تقديم رؤية شاملة لحل كل الخلافات، ثم انطلقت بعد ذلك فى مفاوضات مكثفة بين حركتى فتح وحماس حتى وصلت لاتفاق تنفيذى فى أكتوبر 2017، ولكن للأسف لم تكن هناك إرادة سياسية كافية لإنهاء هذا الانقسام، وإن كان من الإنصاف الإشارة إلى أن الرئيس أبو مازن قدم كل المرونة المطلوبة من أجل تحقيق المصالحة، ونأمل أن تقوم حماس المسيطرة على غزة بالتعامل مع موضوع المصالحة بمرونة أكبر، حتى يتم تحقيق اختراق فى هذه المشكلة وتعود اللحمة الفلسطينية كما كانت، ومازالت مصر مستعدة للقيام بدورها، خصوصا أنها المفوضة من الجامعة العربية بهذ الملف.
كما أن مصر تعاملت مع خطة السلام الأمريكية بقدر كبير من المسئولية، حيث أبدت تقديرها للجهود الأمريكية من ناحية، وأكدت ثوابت الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية من ناحية أخرى، كما توافقت مع الإجماع العربى الذى أعلن فى اجتماع الجامعة العربية فى الأول من فبراير الماضى رفضه هذه الخطة.
لم ولن تغير مصر موقفها تجاه أسس حل القضية الفلسطينية، والتى تتلخص فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية، على أن يتم ذلك من خلال التفاوض بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني، كما رفضت مصر جميع الإجراءات أحادية الجانب التى اتخذتها إسرائيل فى الأراضى المحتلة.

وفى رأيى فقد أصبح من المهم أن تتم خلال الفترة المقبلة، إعادة قراءة شاملة للموقف، بحيث يمكن أن ندفع فى اتجاه استئناف المفاوضات بمرجعية متفق عليها، وإن كان هذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا فى أعقاب تشكيل حكومة إسرائيلية مستقرة، ونأمل أن تكون حكومة تؤمن بالسلام وتفتح ذراعيها للاتفاق مع الفلسطينيين، حيث إن رؤية مصر التى عبر عنها الرئيس السيسى مراراً أن حل القضية الفلسطينية هو أساس الاستقرار فى المنطقة.


 وما رؤيتكم للأوضاع فى سوريا ومستقبلها؟


عانت سوريا بشكل كبير ولا تزال نتيجة التدخل الخارجى الذى أسهم فى زيادة حدة الأزمة، وأصبح الصراع الدولى واضحاً فى العبث بها، دون أى اكتراث بمصالح سوريا وشعبها، وليس أدل على ذلك من التدخل التركى، واحتلال مساحات كبيرة من الشمال السورى، ثم بدأ الصراع يتفاقم بين تركيا وروسيا على الأرض السورية بحيث يحرص كل من الطرفين على تحقيق أهدافه وتكريس وجوده داخل سوريا، وفى ظل هذا الموقف المعقد تتحرك مصر من أجل أن تعود سوريا قوية مستقرة إلى الصف العربى مرة أخرى.


 تتصاعد حدة الأزمة فى ليبيا مع التدخل التركى الداعم للميليشيات الإرهابية.. كيف ترى واقع تلك الأزمة ومستقبلها؟
أكدت مصر منذ البداية أن ليبيا تمثل إحدى أهم أولويات الأمن القومى المصرى، ومن هنا تحركت مصر من أجل الحفاظ على الدولة الليبية الوطنية قوية ومستقرة، وفى هذا المجال دعمت مصر الجيش الوطنى الليبى، الذى يسعى إلى تطهير ليبيا من الجماعات الإرهابية، وتواصلت مع كل القوى الليبية الوطنية المتوافقة على مبدأ الحفاظ على وحدة الأراضى الليبية، كما رفضت بقوة التدخل التركى فى الغرب الليبى وقيام أردوغان بنقل آلاف من العناصر الإرهابية والميليشيات والمرتزقة، حتى تكون رأس حربة تحقق الأهداف التركية فى ليبيا.

وترى مصر أن الأزمة الليبية لن يتم حلها إلا من خلال المسار السياسى التفاوضى ولن يتم حلها عسكرياً، ومن هنا شارك الرئيس السيسى فى أعمال مؤتمر برلين الذى عقد أخيرا من أجل حل هذه الأزمة، وستظل مصر تبذل كل جهودها مع الأطراف المعنية حتى يتم الوصول إلى حل يعيد الاستقرار والوحدة للأراضى الليبية.


 هل تعتقد أن هناك إمكانية لتحسن قريب فى العلاقات ما بين تركيا ومصر؟
تواصل تركيا - أردوغان سياساتها العدائية تجاه مصر، نظراً لأن النظام التركى يتبنى النهج التوسعى الذى يهدد الاستقرار فى المنطقة، كما تقوم تركيا بإيواء ودعم العناصر الإخوانية الهاربة، وتوفير كل السبل لهم من أجل مهاجمة مصر، ومن ثم يمكن القول إنه ما دام أردوغان فى السلطة، فإن إمكانية تحسن العلاقات مع مصر تكاد تكون محدودة للغاية.

كما تسعى تركيا إلى أن يكون لها الدور الرئيسى فى منطقة شرق المتوسط، وأن تكون هى الدولة الرئيسية فى تصدير الغاز إلى أوروبا، ومن ثم قام أردوغان بتوقيع اتفاق غير شرعى مع حكومة الوفاق الليبية، من أجل ترسيم الحدود بين الدولتين لتحقيق نفس الهدف. وفى رأيى فإن هذه التحركات التركية فى شرق المتوسط ستؤدى إلى إثارة المشكلات فى هذه المنطقة وقد يصل الأمر إلى صراعات قد يصعب السيطرة عليها.


وهل ستواصل قطر سياساتها العدائية ضد مصر والدول العربية؟


السياسة القطرية الداعمة للإرهاب فى المنطقة، تعد أهم العوامل التى تحول دون أن يكون لقطرعلاقات طبيعية سواء مع مصر أم مع دول الخليج، وللأسف مازالت هذه هى السياسة التى تحكم النظام القطري، وبالتالى فمادام هذا النظام يتبنى نفس توجهاته، فلا توجد أية إمكانية لأن يتمتع بعلاقات عربية عادية، بالرغم من كل المحاولات القطرية لإحداث اختراق فى الصف العربى المعارض بقوة لسياساتها الحالية.


وهل ترى أن هناك إمكانية لتحقيق اختراق ملحوظ فى الأزمة اليمنية؟


من الواضح أن الأوضاع فى اليمن لا تزال تعانى عدم الاستقرار وتعدد دوائر الصراع فى ظل السياسات الحوثية المدعومة بقوة من إيران، والتى أدت إلى دخول اليمن فى دوامة الصراعات دون وجود بارقة أمل على انتهاء هذه الأزمة خلال وقت قريب، ومن الضرورى أن تكون هناك تحركات عربية جماعية قادرة على فرض إرادتها وإجبار الحوثيين على التوصل إلى حل يحقق المصلحة اليمنية ويعيد الاستقرار إلى دولة اليمن الشقيق.

 

نقلا عن مجلة "الأهرام العربي"..


جانب من حوار اللواء محمد إبراهيم الدويري  تصوير- عماد عبد الهاديجانب من حوار اللواء محمد إبراهيم الدويري تصوير- عماد عبد الهادي
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة