في مثل هذا اليوم قبل 7 سنوات من الآن وبالتحديد في السادسة مساء، خرج اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية وقتها، ببيان مقتضب جدًا لكنه كان كفيلًا بتحريك كل شبر على أرض مصر، وإيذانًا بنهاية فترة حكم استمرت لأكثر من 30 عامًا.
موضوعات مقترحة
لحظات فارقة احتشد فيها ملايين المصريين بالشوارع والميادين في جمعة أطلق عليها "جمعة الزحف " حينما تحرك مئات الآلاف إلي قصر الاتحادية بعد اعتصام دام 18 يوماً في ميدان التحرير وفي محافظات أخرى، للمطالبة بإسقاط النظام، رافعين شعار: "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".
أيام لا تنسى مملوءة بمحطات متلاحقة برهنت على أفضل ما في هذا الشعب، قبل أن يتم اختطاف الحلم، بسقوط الدولة بأيدي جماعة إرهابية غيرت سلسلة التقدم نحو الإصلاح المنشود والحريات المفقودة، إلى وحل من الدكتاتورية المغطاة بستار الدين.
جمعة الغضب
تصاعدت الأحداث في 28 يناير الذي أطلق عليه جمعة "الغضب"، حيث خرج الملايين من المساجد بعد صلاة الجمعة في جميع المحافظات، وبعد ساعات من التظاهر ومحاولات الوصول إلي الميادين نجح المتظاهرون في إعلان الاعتصام في كافة ميادين الجمهورية.
ونزلت قوات الجيش المصري إلي الشوارع معلنة انحيازها لمطالب الشعب حيث كتب علي الدبابات والمدرعات يسقط حسني مبارك، وعلت الهتافات مرددة "الجيش و الشعب ايد واحدة" ليعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدها أنه في حالة انعقاد دائم وإعلان حظر التجوال في كافة أنحاء الجمهورية".
خطاب مبارك وموقعة الجمل:
توالت المظاهرات التي كانت تزداد حشدا كل يوم ثلاثاء وجمعة ، ونظم المواطنون اللجان الشعبية لحماية الممتلكات العامة والخاصة، وبرغم محاولات الفريق أحمد شفيق الذي تولي رئاسة الوزراء التفاوض مع المتظاهرين ورؤساء الأحزاب ورموز المعارضة، إلا أن محاولاته لم تفلح.
وخرج مبارك بخطاب مؤثر سبق موقعة الجمل قال فيه سيبقى وسيموت على أرض مصر، ولن يترك أرواح الشباب الذين قتلوا (منذ بدء الاحتجاجات) تضيع هدراً وسيحاسب المخطئ، وأعلن أنه لا يقبل إملاءات من الخارج، وستبقى مصر أرض المحيا والممات، وأن التاريخ سيحكم علي فترة رئاسته.
لكن محاولة مبارك التي حظيت بتعاطف كبير من المواطنين، خاصة بعد رفض المتظاهرين ما جاء في خطابه، باءت بالفشل حينما هجم بلطجية علي ميدان التحرير وفي عدد من شوارع العاصمة واعتلي بعضهم أسطح العقارات بميدان التحرير لإلقاء زجاجات الملوتوف على المتظاهرين وإطلاق الأعيرة النارية عليهم .
ظهر في هذا المشهد المرتبك مجموعات من الجمال والأحصنة في محاولة بائسة لفض التجمع لتخرج عناوين الصحف بمانشيتات اتفقت غالبيتها على تسمية الحدث بـ"موقعة الجمل".
هجوم البلطجية تصدي له الجيش الذي كان يحمي الميدان والمعتصمين لتنتهي الموقعة ويعود الهدوء إلى الميدان مرة أخرى ويبدأ الحشد لتظاهرات جديدة.
على الجانب الآخر كان هناك تظاهرات أخرى أمام ماسبيرو وبميدان مصطفى محمود، لأشخاص لا يتخطى عددهم المئات يشاركهم مجموعة من الفنانين حاملين صور مبارك ليعلنوا دعمهم للرئيس الأسبق.
جمعة "الزحف"
لم يستمر النظام كثيرًا بعد موقعة الجمل حيث استفز الهجوم المواطنين وبدأت الأعداد في التزايد في صباح 3 فبراير خاصة مع استمرار بيانات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يؤكد انحيازه للشعب ومطالبه العادلة في العيش والحرية و العدالة الاجتماعية بعد 30 عاما من الفساد وإهدار حقوق و كرامة الشعب، وبعد أربعة أيام من الحشد والتظاهر المستمر في شوارع مصر ومع طلوع شمس الجمعة 11 فبراير، خرج المتظاهرون في جمعة "الزحف"، وتوجه قطاع منهم إلى قصور الرئاسة، قصر الاتحادية، والقصر الرئاسي في منطقة رأس التين بالإسكندرية معتصمين أمامها حتى ظهر اللواء الراحل عمر سليمان وألقي بيان التنحي.
امتلأت الشوارع بالمواطنين وعلت الأصوات بالأغاني الوطنية و أعلام مصر والزغاريد والرقص والهتاف للجيش المصري، والثورة المصرية في فرحة واحتفالات حملت معاها الكثير من الأحلام والآمال لينتهي الاعتصام و يبدأ الشباب في تنظيف الميدان ورسم العلم المصري علي الجدران في مشهد نقلته مختلف وسائل الإعلام الدولية عن الثورة "النظيفة" والسلمية وأحيانا "الضاحكة " التي أطاحت بنظام عتيد وراسخ منذ سنوات.
وفي مساء اليوم نفسه، ومع وصول مسيرات احتجاجية إلى محيط قصر الاتحادية، ظهر عمر سليمان، في بيان تلفزيوني، أعلن فيه أن مبارك قرر التخلي عن منصب رئيس الجمهورية، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.
بيان تنحي مبارك عن الحكم يلقيه اللواء عمر سليمان