فكرة نقل الذاكرة من إنسان لآخر تبدو وكأنها مأخوذة من أفلام الخيال العلمي، حيث يمكن لشخص أن يعيش خبرات أو مهارات لم يختبرها من قبل، لكن العلم اليوم بدأ يقترب من هذا السؤال بجدّية أكبر. فهل يمكن فعلاً نقل الذكريات؟ وهل الذاكرة مجرد “معلومة” يمكن نسخها؟ أم أنها تجربة معقّدة مرتبطة بالمشاعر والوعي؟
موضوعات مقترحة
دراسة علمية مثيرة من جامعة كاليفورنيا
في جامعة كاليفورنيا - لوس أنجلوس (UCLA)، أجريت تجربة على مجموعة من القواقع البحرية (Aplysia)، وهي مخلوقات تُستخدم كثيراً في أبحاث الأعصاب لأنها تمتلك جهازاً عصبياً واضحاً وسهل الدراسة.
قام الباحثون بتدريب بعض القواقع على الاستجابة لصدمة خفيفة عبر لمس أجسامها، وبعد فترة تكوّنت لدى القواقع ذاكرة انعكاسية دفاعية.
ثم حدثت الخطوة المفاجئة:
تم استخراج RNA من القواقع التي تعلمت السلوك.
وتم حقنه في قواقع أخرى لم تتعرض للتجربة.
النتيجة كانت غير متوقعة: القواقع التي لم تتعرّض للتدريب بدأت تُظهر نفس الاستجابة الدفاعية، وكأنها اكتسبت الذاكرة من القواقع الأخرى.
هذه الدراسة نُشرت في مجلة eNeuro عام 2018.
ماذا يعني ذلك؟
تشير هذه النتائج إلى أن الذاكرة ليست فقط في الروابط العصبية، كما كان يعتقد سابقاً، بل يمكن تخزين أجزاء منها في الجزيئات البيولوجية مثل RNA.
أي أن الذاكرة قد تكون قابلة للنسخ بشكل من أشكالها.
لكن.. هل يمكن نقل ذاكرة إنسان لإنسان آخر؟
حتى الآن:
الجهاز العصبي البشري أعقد بملايين المرات من القواقع.
ذكريات الإنسان ليست مجرد انعكاسات، بل هي مشاعر، صور، روائح، تجارب، سياق، ووعي ذاتي.
لذلك نقل الذاكرة بالكامل لا يزال أمراً بعيداً للغاية.
ولكن يمكن تغيير أو تحسين أو إضعاف بعض الذكريات عبر العلاجات العصبية.
وهناك تجارب حالية على زرع ذاكرة بسيطة في الفئران باستخدام تحفيز الدماغ والضوء (تقنية Optogenetics).
الوجه الأخلاقي للسؤال: إذا أصبح نقل الذاكرة ممكناً، تظهر أسئلة صعبة:
هل ستظل الهوية الشخصية ثابتة؟
من يملك الذكريات المنسوخة؟
هل يمكن للعلم أن يسمح بسرقة التجارب والعواطف؟