20 نوفمبر يومًا وطنيًا في سلطنة عُمان

5-11-2025 | 16:33
 نوفمبر يومًا وطنيًا في سلطنة عُمانالسلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان

عام 1744... مرجعية التأسيس واستحضار قوة التاريخ في مسيرة بناء عُمان المتجددة 

موضوعات مقترحة

لأول مرة في التاريخ، تحتفل سلطنة عُمان هذا العام بيومها الوطني في 20 نوفمبر 2025، بعدما تفضل السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عُمان، بإعلان هذا اليوم مناسبة وطنية سنوية، ليكون اليوم الوطني العُماني الأعرق في المنطقة العربية، إذ يعود تاريخه إلى نحو 281 عامًا.

وقال في خطابه السامي: “إنّه لمن دواعي سرورنا وتكريماً لأسلافنا من السلاطين، واستحضاراً ليوم مجيد من تاريخ عُمان، أن نعلن بأن يكون يوم العشرين من نوفمبر من كل عام يومًا وطنيًا للسلطنة، وهو اليوم الذي تشرّفت فيه الأسرة البوسعيدية بخدمة هذا الوطن العزيز منذ عام 1744م على يد الإمام المؤسس أحمد بن سعيد البوسعيدي”.

بزوغ فجر الدولة البوسعيدية

شكّل لحظة تأسيس الدّولة البوسعيدية على يد الإمام المؤسّس أحمد بن سعيد عام 1744م حدثًا مفصليًّا وعلامةً فارقةً في التاريخ العُماني؛ إذ وضعت الأسس الأولى لوحدة عُمان، ورسمت ملامح السّيادة الوطنية. ومنذ ذلك الحين، ظلّت الأسرة البوسعيدية حاضرةً في قيادة مسيرة الدّولة، محافظةً على توازنها الداخلي، ومواجهةً لتحدّيات الخارج، مُكرّسةً قيم الاستقرار والانفتاح، مواصلةً مسيرة البناء والتجديد.

من سلاطين عُمان المؤسسين

ويؤكّد اعتمادُ 20 نوفمبر يومًا وطنيًّا في سلطنة عُمان، قوة الارتباطَ العميق بجذور الدولة البوسعيديّة، حيث تستحضر عُمان ذاكرتها التاريخية لتجسّد استمرارية النهج؛ فإرثُ التأسيس لم يكن لحظةً عابرةً، بل مشروعًا ممتدًّا تتواصل دلالاته في حاضر النهضة المتجدّدة، بقيادة السُلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عُمان.

ولا شك أن حكم الإمام المؤسّس أحمد بن سعيد البوسعيدي أرسى جذور الدولة البوسعيدية ووضع أسس القيادة التي جعلت منه شخصيّة محوريّة في مواجهة التحدّيات الداخلية والخارجية، وامتدت لتأسيس مفهوم السيادة الوطنية، الذي يظل حتى اليوم حجر الأساس لاستقلال القرار السياسي العُماني، كما يوضّح إرثه كيف استطاعت الأسرة البوسعيدية المحافظة على استقرار الدّولة عبر القرون، مع تعزيز الوحدة الوطنية، ليبقى مشروع الإمام المؤسس مرجعًا حيًّا للجيل الجديد في فهم القيادة والاستراتيجية الوطنيّة.

إنّ الأسرة البوسعيدية استمرت في مسيرة بناء سلطنة عُمان الحديثة عبر مراحل تاريخية متكاملة ومتغيّرة، بدأت بتوطيد أسس الحكم والاستقرار في عهد الإمام أحمد بن سعيد الذي أرسى دعائم الدولة البوسعيدية بتولّيه الحكم عام 1744م، ثم تطوّرت وتوسّعت لتشمل المجالات الاقتصادية والعسكرية والإدارية، وهذا بدوره أسهم في جعل عُمان قوّة مؤثّرة في المحيط الهندي وشرق أفريقيا.

وكان للموقع الجغرافي الاستراتيجي لعُمان تأثيراته الكبيرة في استراتيجيات وفكر مؤسس الدولة البوسعيدية، من بحار وسواحل ممتدة وجبال وصحراء، ومن حنكة الإمام أحمد بن سعيد، أنه استجاب لهذه التحديات، فأمر بركوب البحر وسبر أغواره، فوصلت المراكب العُمانية إلى الصين وأرخبيل الملايو وإندونيسيا، وعلى مرّ التاريخ شكّلوا أساطيل بحرية تزامنت فيه جوانب السّفر والتّجارة ونشر الإسلام فضلًا عن الجيوش البحرية.

واستفاد الإمام المؤسّس أحمد بن سعيد من هذا الإرث التاريخي ومعرفة العُمانيين بالبحر، فكان حريصًا على إحياء الأسطول العُماني للذود عن حياض الوطن، سواء كان من الخارج أو حتى الصراع الداخلي، فبالسيطرة على مسقط، استطاع الإمام المؤسس أحمد بن سعيد، فرض النفوذ العُماني على عُمان الساحل.

كما كان للخبرة العسكرية والإدارية للإمام أحمد بن سعيد، دور في بناء نموذج حكم مستقر شكّل أساس الدولة البوسعيدية وبناءها من حيث الاهتمام بتحقيق الوحدة الوطنية وترسيخ المواطنة المبنية على أسس الولاء والانتماء والتلاحم الوطني، وهي علاقة عميقة الجذور تاريخيًّا واجتماعيًّا، إذ تتجاوز مجرد العلاقة الرّسمية بين الحاكم والمحكوم، وتستند إلى شرعية تاريخية متوارثة، عزّزها حرصُ القيادة على التواصل المباشر والمفتوح مع المواطنين عبر المجالس العامّة واللقاءات الدوريّة للاستماع إلى همومهم وتطلّعاتهم.

وكذلك تحقيق التوازن بين القوّة والعدل، وتحقيق الاستقرار السياسي الداخلي بتأسيس قوى عسكرية تميزت بامتلاك القوة البحرية التي فرضت وجودها على المياه الإقليمية والدولية، وبناء العلاقات الدولية والإقليمية، على أسس من التعاون والمنفعة، رسّخت لقاعدة العلاقات الودية القائمة على الاحترام وحفظ السيادة العُمانية.

المجد العُماني لا يُورث بل يُبنى بالعزيمة والحكمة 

هذه المسيرة استمرت في التطوّر في عهد السلاطين اللاحقين وتحديدًا في عهد السلطان سعيد بن سُلطان الذي بلغت فيه عُمان توسّعًا كبيرًا في كافة المجالات داخليًّا وإقليميًّا، لتبلغ ذروتها في العصر الحديث مع تولّي السُّلطان قابوس بن سعيد - طيّب الله ثراه- الحكم عام 1970م، حيث شهدت البلاد نهضة شاملة امتدّت لتشمل كافة القطاعات من التعليم والصحة والبنية الأساسية إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما تميّز عهده بتبني سياسة الحياد الإيجابي والدبلوماسية الهادئة التي مكّنت عُمان من الاضطلاع بدور الوسيط الموثوق به في حلّ العديد من النزاعات الإقليمية والدولية، مما أكسبها احترامًا وتقديرًا عالميين.

ومن عمق التاريخ إلى رحابة الحاضر وآفاق المستقبل الواعد، تمتدُّ جذور الدولة البوسعيديّة شاهدةً على أنّ المجد لا يُورث فحسب، بل يُبنى كلّ يومٍ بالعزيمة والحكمة، لتبقى الدّولة البوسعيديّة ركيزةً أساسيّة في البناء الوطني لعُمان، وإرثًا خالدًا تتجدّد معانيه في كل عهدٍ من عهودها المجيدة، لتواصل سلطنة عُمان في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عُمان مسيرةَ العطاء والنهضة، بكل إخلاص وتفان وجدية وحكمة ورؤية استراتيجية تستحضر عظمة التاريخ لتبحر إلى آفاق واعدة، وفق الرؤية المستقبلية "عُمان 2040" التي حققت حتى الآن 74% من مستهدفاتها.

السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: