السفير الصيني بالقاهرة يكتب: فصل جديد للتنمية الصينية وفرصة جديدة للتعاون المشترك

4-11-2025 | 15:55
السفير الصيني بالقاهرة يكتب فصل جديد للتنمية الصينية وفرصة جديدة للتعاون المشتركلياو ليتشيانج السفير الصيني بالقاهرة

قبل أيام، انعقدت الجلسة العامة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني في بكين، وتبنت "مقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن وضع الخطة الخمسية الخامسة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية"، التي تُعد التصميم الأعلى والتخطيط الاستراتيجي للتنمية في الصين في السنوات الخمس المقبلة، وتبعث رسالة واضحة حول توسيع الانفتاح رفيع المستوى وفتح آفاق جديدة للتعاون والكسب المشترك.

موضوعات مقترحة

تُعد هذه الجلسة اجتماعًا بالغ الأهمية في مسيرة الصين الجديدة لتحقيق الهدف المئوي الثاني. بهذه المناسبة، يسعدني أن أشارك الأصدقاء المصريين رؤية تتلخص في 3 نقاط حول هذا الاجتماع.

أولًا، يقود الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني لتنفيذ الخطط التنموية دون انقطاع، حتى حقق إنجازات كبيرة ومستمرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. في هذا السياق، أشار الأمين العام شي جين بينغ إلى أن وضع خطط متوسطة وطويلة الأمد لتوجيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية يُعد أسلوبًا مهمًا للحكم والإدارة لدى الحزب الشيوعي الصيني.

منذ عام 1953، قامت الصين بوضع وتنفيذ 14 خطة خمسية متتالية، وبفضل ميزة نظام القيادة الموحدة للحزب الشيوعي الصيني، أنجزت الصين خلال عشرات السنين عملية التصنيع التي استغرقت من الدول الغربية المتقدمة مئات السنين، وسجلت معجزتي التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد. وتشهد الصين اليوم قوة دافعة كبيرة للتنمية، إذ تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 110 و120 و130 تريليون يوان خلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة"، ومن المتوقع أن يبلغ 140 تريليون يوان بنهاية عام 2025، ويبقى معدل مساهمتها في نمو الاقتصاد العالمي بقدر 30%. وتشهد الصين اليوم حيوية كبيرة في الابتكار، حيث ارتفع ترتيبها في مؤشر الابتكار العالمي من المرتبة الـ34 في عام 2012 إلى المرتبة الـ10 في عام 2025، وحققت إنجازات مثمرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والاتصالات الكمومية والرقائق المتقدمة وغيرها من المجالات الرائدة.

وتشهد الصين اليوم زخمًا كبيرًا للتنمية الخضراء، إذ ساهمت خلال السنوات الخمس الماضية بربع مساحات خضراء جديدة على مستوى العالم، وأنشأت أكبر وأسرع منظومة للطاقة المتجددة في العالم، حيث يتم توليد واحدة من كل ثلاث كيلووات/ساعة من الكهرباء من خلال الطاقة الخضراء. وتشهد الصين اليوم ارتفاعًا ملحوظًا لرفاهية الشعب، حيث ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 79 عامًا، وأنشأت الصين أكبر منظومات للتعليم والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية في العالم، وحلت مشكلة الفقر المدقع بشكل تاريخي. في هذا السياق، أخبرني الكثير من الأصدقاء المصريين أن الصين حددت اتجاهًا واضحًا وتقدمت بخطوات متزنة وحققت إنجازات مثمرة، مما أضفى عوامل اليقين والاستقرار الثمينة في اقتصاد العالم المضطرب.

ثانيًا، تُعد فترة "الخطة الخمسية الخامسة عشرة" مرحلة حاسمة في مسيرة الصين لتحقيق التحديث الاشتراكي بشكل أساسي، وتبشر بآفاق مشرقة لنموذج التحديث الصيني. حققت "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" بداية جيدة، وعلى هذا الأساس، تكتسب "الخطة الخمسية الخامسة عشرة" أهمية بالغة في ربط إنجازات الماضي بالتنمية في المستقبل، من أجل تحقيق التحديث الاشتراكي بحلول عام 2035.

في هذا السياق، سنركز الجهود على دفع التنمية عالية الجودة، ونتمسك بالقيادة الشاملة للحزب الشيوعي الصيني، ومبدأ أولوية الشعب، وتعميق الإصلاح على نحو شامل، والتوفيق بين فاعلية السوق وقوة الحكومة، والتنسيق بين التنمية والأمن. وسنسرّع الخطى لبناء دولة قوية من حيث الصناعة والجودة والفضاء والمواصلات والإنترنت. وسنُبرز الدور الريادي للابتكار العلمي، ونوفق بين بناء دولة قوية في التعليم والعلوم والتكنولوجيا والموارد البشرية، ونعزز القدرة على الابتكار المستقل.

وسنعمل على تحسين معيشة الشعب، ونتقدم بخطوات ثابتة نحو الرخاء المشترك لجميع أبناء الشعب، ونركز الجهود على حل القضايا الملحة لدى أبناء الشعب، مثل التعليم والرعاية الصحية ورعاية المسنين ورعاية الأطفال والتوظيف.

وسوف نستمر في سلك طريق التنمية الخضراء، ونسرع وتيرة التحول الأخضر الشامل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونرسخ مفهوم "المياه الصافية والجبال الخضراء هي جبال من الذهب والفضة"، ونعمل على ضمان الأمن البيئي. بعد خمس سنوات، ستشهد الصين قوة وطنية شاملة أقوى وحياة أجمل لشعبها، ولا شك أن نموذج التحديث الصيني سيتقدم نحو آفاق أوسع، متجاوزًا كافة العقبات.

ثالثًا، تلتزم الصين بثبات بتوسيع الانفتاح رفيع المستوى، وتشارك فرص التنمية مع العالم كالمعتاد. حاليًا، تواجه العولمة الاقتصادية "التيار المعاكس"، وتتصاعد نزعة الأحادية والحمائية، غير أن الصين ما زالت تؤمن بالعولمة الاقتصادية، وتعتبر الانفتاح سمة بارزة لنموذج التحديث الصيني.

خلال السنوات الخمس الماضية، احتلت الصين المرتبة الأولى عالميًا من حيث تجارة السلع والمرتبة الثانية من حيث تجارة الخدمات، وجذبت 700 مليار من الاستثمار الأجنبي المباشر، وزاد الاستثمار الخارجي بمعدل 5% سنويًا. كما تقلصت القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي إلى 29 بندًا فقط، وتم إلغاء جميع القيود للاستثمار في قطاع التصنيع، وتسعى المناطق التجريبية الـ22 للتجارة الحرة إلى الانسجام مع المعايير الدولية للتجارة والاستثمار.

اليوم، إن الصين بصدد تحويل زخم الابتكار إلى محرك للاقتصاد، وتسعى لتحقيق خفض الكربون والحد من التلوث والتنمية الخضراء والنمو الاقتصادي بخطوات متناسقة، بما يوفر للعالم منصة واسعة للابتكار وبيئة مواتية للنمو الأخضر.

وأكدت الجلسة العامة الرابعة للجنة المركزية العشرين بوضوح أن الصين ستعمل على توسيع الانفتاح المؤسساتي بخطوات متزنة، وحماية نظام التجارة متعدد الأطراف، وتوسيع الدورة الدولية؛ ستعمل على توسيع الانفتاح الطوعي، والدفع بالتنمية التجارية المبتكرة، وتوسيع التعاون في الاستثمار المتبادل، والتعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية. قبل أيام، ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة مهمة في الاجتماع غير الرسمي الـ32 لقادة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، وأكد فيها على أن الصين ستواصل تعميق الإصلاح على نحو شامل، وتوسيع الانفتاح رفيع المستوى، بما يحقق إنجازات جديدة في نموذج التحديث الصيني ويقدم فرصًا جديدة للعالم.

يصادف العام المقبل انطلاق الخطة الخمسية الخامسة عشرة في الصين، وكذلك الذكرى السبعون لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر وبين الصين والدول العربية. بفضل القيادة الاستراتيجية للرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، حققت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين قفزة نوعية.

ويتمتع البلدان بميزة التكامل الصناعي وتبادل المصالح المشتركة، الأمر الذي لا يخدم النمو الاقتصادي للبلدين فحسب، بل يشكل نموذجًا للتعاون الصيني الإفريقي في تنفيذ "الشركات العشر" نحو التحديث، والتعاون الصيني العربي في بناء "معادلات التعاون الخمس". في هذا الشهر، ستُعقد الدورة الأولى من المنتدى الصيني المصري للاستثمار في مصر، حيث سيترأس نائب وزير التجارة الصيني السيد لينج جي عددًا كبيرًا من غرف التجارة المتخصصة والشركات الصينية لزيارة مصر، للتشاور مع الجانب المصري حول سبل تعزيز التعاون والتنمية المشتركة.

ونأمل من الجانبين انتهاز فرص التنمية والكسب المشترك الناتجة عن "الخطة الخمسية الخامسة عشرة"، والاستفادة من هذا المنتدى لدفع التعاون العملي بين الصين ومصر إلى آفاق جديدة، وبذل جهود دؤوبة لبناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين ومصر، وبين الصين والدول العربية، بما يقدم مساهمات أكبر في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة