بالأرقام .. "الشباب" تكشف العالم السري للبُلوجرز

4-11-2025 | 13:07
بالأرقام   الشباب  تكشف العالم السري للبُلوجرزصورة تعبيرية
شريف بديع النور
الشباب نقلاً عن

بيزنس بالملايين أكبر من مجرد فيديو عفوي أو بوست عابر

موضوعات مقترحة

الاستوري تبدأ من ٨٠ ألف جنيه .. والبوست مدته ٣ شهور فقط

دعنا نتفق على عدة قواعد من البداية، القاعدة الأولى: لا تصدق كل ما تراه، القاعدة الثانية في السوشيال ميديا كل شيء مصمم لكي يبدو عادياً، أما القاعدة الثالثة .. في الحقيقة لا يوجد تقريبا أي شيء بالصدفة! وفي السطور القادمة سنقدم عرضا للعالم السري لبيزنس البلوجرز، ما خفي عنك وما يحاولون ترويجه.. وكيف توضع الخطط لـ "تضليل العقول"؟!.

مفيش حاجة ببلاش
قد تكون سمعت عن ترند "سوزي الأردنية" عندما طلبت ٨٠ ألف جنيه للظهور في أحد البرامج، وقتها ظهر "مؤثرون وبلوجرز" آخرون يؤيدونها في مطالبها، بينما اعترضت "شفيقة" وهي مؤثرة مشهورة على الرقم، وطلبت من سوزي وقتها أن تطلب على الأقل ٣٠٠ ألف جنيه حتى تقبل الظهور في البرنامج، كل هذا حدث قبل القبض عليها بأيام لتوجه لها. – ولغيرها – بخلاف تهم نشر فيديوهات خادشة تهم أخرى تتعلق بغسيل الأموال، حتى ان واحدا من المتهمين تبين امتلاكه لثروة قاربت على النصف مليار جنيه، نذهب لأم سجدة والتي تحولت من "نصبة شاي في منطقة شعبية" لسيدة ثرية في فترة قياسية، وغيرها الكثيرون، في السطور القادمة سنرصد الطرق "الشرعية" لمكاسب السوشيال ميديا وذلك عبر تجربة في هذا العالم، تجربة فيها أرقام حقيقية وحملات هدفها الأول هو "الضحك على دماغك". 

في الفترة الأخيرة أصبح الترويج على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ومع الوقت تطورت الآلية، باختصار دعني أقول لك، لا يوجد مؤثر يتكلم بشكل إيجابي عن أي منتج فقط لأنه أعجبه، مفيش حاجة لله يعني .. القاعدة المستقرة إن المدح يساوي الفلوس .. نبسطها أكثر..
إذا وجدت "مؤثر" يتكلم عن مطعم، حلويات، شركة طيران، عطلة، فيلم جديد، فنان، شامبو، أي شيء، بشكل إيجابي فهو بالتأكيد قد قبض الثمن، يعني مفيش انطباع إيجابي لله؟ في العادة لا يوجد!

التسعيرة
ببساطة المؤثر، أو صاحب الصفحات الكبيرة وهو تصنيف سنعود له لاحقا، يعتبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي عملا احترافيا، وهو يعرف انه بحديثه بشكل إيجابي عن المنتج سيدفع الآخرين لتجربته، لماذا يتحدث إذا بدون مقابل؟
بالتالي هنا تدرج في الأسعار، ودعنا هنا نتكلم عن المؤثرين أصحاب الصفحات المليونية، أغلى الأسعار ترتبط دائما بحسابات الانستجرام، وعادة ما يبدأ سعر "الاستوري" من ٨٠ ألف جنيه، أما البوست فيبدأ من ١٠٠ ألف جنيه، وإذا أردت بوست بجانب استوري فيكون السعر ١٥٠ ألف جنيه، وهذا الرقم بالنسبة للمؤثرين المتوسطين، كلما ازدادت شهرة المؤثر تضاعف الرقم.. 
طبعا يتم الاتفاق على كل ما سيكتبه ويقوله المؤثر، حيث يرسل المعلن سيناريو تفصيليا لما يريد المؤثر قوله أو كتابته، يعني لما تشوف مؤثرة بتتكلم عن "قد ايه الكريم فرق في بشرتها" غالبا تكون الشركة المنتج قد ارسلته لها، وهذه هي المرة الأولى التي تستخدمه فيها..

الترويج بالمؤثرين
بمناسبة مستحضرات التجميل، هناك عدد كبير من الشركات المحلية والتي تعتمد بشكل كامل على الترويج لمنتجاتها بهذه الطريقة، تدفع ارقاما هائلة ورغم ان أسماء المنتجات مغمورة إلا أنها تقوم ببيع كميات كبيرة من خلال إعلانات المؤثرين، المنتج يكون أغلى من المنتج المعروف ذي الاسم العالمي، ولكن الناس تشتريه ثقة في المؤثر الذي أكد انه منتجه المفضل..بالنسبة للاستوري يستمر الإعلان ليوم واحد، أما البوست فيكون بالاتفاق، وعادة يظل موجودا على صفحة المؤثر لمدة لا تزيد على ٣ شهور..
واحد من مشاهير المؤثرين حكى لي أنه تعاقد على عدد من البوستات لشركة سياحة، فيها بوستات في الطائرة وفي الفندق، يحكي أن زوجته كانت ترفض تناول الطعام من بشاعته ولكنهما كانا يبتسمان وقت التصوير ويكتب كم هو مستمتع بالطعام معلقا "معلش أكل العيش مر وهما دافعين كويس".

مؤثرون أول السلم
هذا عن المؤثرين الكبار، فماذا عن المؤثرين الموجودين في بداية الطريق، يعني مثلا مؤثرة صفحتها لا تتجاوز ٥٠ ألفا، نظريا هي صفحة صغيرة، فهل يمكن أن يكون الفيديو العفوي الذي سجلته عن المحل الذي رأته بالصدفة يبيع مستلزمات المطبخ .. هو فيديو مدفوع؟ الحقيقة إنه مدفوع، منذ ثلاث سنوات ظهرت نظرية جديدة في التسويق مفادها ان الجمهور لم يعد يصدق المؤثرين الكبار وذلك بسبب كثرة إعلاناتهم، وبالتالي توجه المعلنون للمؤثرين الصغار، الميزانية التي كان سيأخذها واحد يتم توزيعها على ١٠، ويتم دعم الفيديوهات بالإعلانات، ولأن أصحابها لا يتصور الجمهور أنهم يتم الدفع لهم، يصدقونهم..

أحد التطبيقات الجديدة تعاقد مع عدد كبير من المؤثرين المحدودين للترويج له بعقود شهرية بقيمة ١٥ ألف جنيه في المتوسط..
بالمناسبة، فالإعلانات تختلف باختلاف نوع المحتوى الذي يقدمه المؤثر، الرعاية على المحتوى الاقتصادي قد تصل لأكثر من ٢٠٠ ألف جنيه في الحلقة الواحدة، بينما محتوى الطبخ يمكن أن تعقد صفقة مع قناة مليونية مقابل ١٥ ألف جنيه في الحلقة الواحدة.. صحيح، ماتصدقش انها تستخدم هذا النوع من الخضروات المجمدة لأنه المفضل لها، بل تستخدمه لأنه يدفع غالبا، أو تريد إيصال رسالة له حتى يدفع مستقبلا، بخلاف ذلك يتم إخفاء اسم الماركة..

الترويج للأشخاص والمسلسلات
هناك نوع آخر من الحملات للترويج للمسلسلات والأفلام وحتى الأشخاص، ألم تلاحظ في أحد المرات أنك عندما تفتح حسابك على الشخصي تجد منشورات متكررة تقول نفس الكلام عن شخص ما أو مسلسل جديد، تجد منشورات متكررة فيها تفريغ أحد المشاهد مثلا؟ هذه هذه صدفة؟ الحقيقة لا، توجد تحالفات بين اشخاص يملكون عددا من الصفحات المليونية، حيث تذهب وتشتري "باقة شير" أو "باقة أبلود"، سأشرح لك كل شيء..باقة "الشير" تعني الاتفاق على عمل إعادة نشر "شير" لبوست معين أو مقطع فيديو أو صورة، في رمضان يتم دفع ملايين من قبل المسلسلات لشراء هذه الباقات، ما أهميتها؟ ببساطة عندما تقوم ١٠ أو ٢٠ صفحة مليونية بعمل إعادة نشر لبوست أو فيديو من المسلسل هذا يزيد عدد المشاهدين، وهي زيادة يفسرها الفيسبوك باعتبارها زيادة طبيعية لم تتدخل الإعلانات فيها، أورجانك بلغة السوق، وبالتالي تقوم خوارزمية الفيسبوك بترشيح الفيديو لعدد أكبر من المشاهدين..


ماذا عن باقة الأبلود؟ هذه باقة مختلفة للكتابة عن الفيلم أو المسلسل، أو حتى عن شخص يريد صنع شهرة له، كثير من الفنانين يقومون بشرائها، مثلا تجد صفحات كثيرة في نفس الوقت تتكلم عن الفنانة الفلانية بصفتها أيقونة الجمال، وعن الفنان الصاعد باعتباره أعاد احياء الكوميديا، لا تصدق كل هذا الكلام، كلها منشورات مقصودة ومقصود أن تكون كثيرة في نفس الوقت  حتى تجدها أكثر من مرة على التايم لاين الخاص بك فتصدقها أو على الأقل تبحث عن الشخصية التي تتكلم عنها، وقتها يزيد ظهور اسمه في محركات البحث فتظن الخوارزمية أن الناس تهتم به فتدفع اخباره وصفحاته للظهور أكثر..
يوجد ترويج آخر وهو أغلى في السعر، الترويج بشكل سلبي، حيث تكتب منشورات تنتقد الشخص، عندما يرى الناس تكرارا كثيرا لها يبحثون عنه وبالتالي تفسر الخوارزمية أن الناس مهتمون به، وهكذا..

ميزانيات
ميزانية الترويج لفيلم صغير الآن على وسائل التواصل الاجتماعي تتجاوز ٦٠٠ ألف جنيه، وتتنوع الخطة ما بين بوستات تروج للفيلم ومؤثرين ينتقدون الفيلم ومؤثرين يضعون صورا في قاعة العرض.. أتكلم عن فيلم صغير بميزانية محدودة، لو تكلمنا عن فيلم كبير فالميزانية تتضاعف.
نذهب لمجال آخر وهو مجال السيارات، نلاحظ مثلا أن مؤثرا ما يعلن عن امتلاكه لسيارة من نوع جديد/ امتلاكه للسيارة هو اعلان ثقة واطمئنان لمتابعيه حتى يقبلوا عليها، ما عرفته لاحقا أنه يحصل على السيارة بخصم كبير، يقتنيها فعلا لمدة شهر أو اثنين ثم يبيعها بأقل من سعرها وبالتالي يكون قد كسب الفارق، بخلاف مكسبه عما سيكتبه عن السيارة وهكذا.
أخيرا، يتصاعد سعر الإعلان إذا ما كان عن منتج حساس، مثلا - من خلال تجربة شخصية- وعبر صفحتى استقبلت طلباً لنشر اعلان عن تطبيق تعارف، الحقيقة انه تطبيق ينتشر فيه المحتوى الاباحي، ولكنهم يريدون الترويج له بصفته تطبيقا "مسالما" حتى إذا ما تم تحميله يستمر البعض فيه، بالتالي يبحث المروجون للتطبيق عن مؤثرين "محترمين" حتى يثق الناس في كلامهم وأن التطبيق فعلا يهدف للتعارف المحترم، عرضوا علي ٣٥٠٠ دولار مقدما حتى أسجل فيديو مدته ٤٠ ثانية أدعوا فيه الناس لتحميل التطبيق!
بالمناسبة، شجارات الأزواج على السوشيال ميديا وعزمهم الطلاق غالبا بالاتفاق، فكيف تصدق أن اعجابها بكريم تفتيح البشرة حقيقي؟ في النهاية، ماتراه على شاشتك ليس بالضرورة الحقيقة، فالعالم السري للبُلوجرز أكبر من مجرد فيديو عفوي أو بوست عابر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: