بعد الغداء، يشعر الكثيرون بالتعب، مما قد يصعب عليهم التركيز وأداء أنشطتهم اليومية. يؤثر هذا النعاس على الأفراد من مختلف الأعمار وأنماط الحياة، خاصةً بين الساعة الواحدة والرابعة مساءً، سواءً في المنازل أو المكاتب، وقد شكل موضوعا للبحث لتحديد أسبابه. وقد أثارت هذه الظاهرة اهتمام المجتمع العلمي نظرًا لأسبابها الأيضية المحتملة وعواقبها على الإنتاجية والصحة.
موضوعات مقترحة
وفقًا للدكتور إلمر هويرتا، المستشار الطبي لـ RPP، و هي شركة للبث الإذاعي والتلفزيوني في بيرو.
تسمى هذه الظاهرة " المد القلوي ". تحدث بسبب إفراز المعدة لكمية كبيرة من الحمض لبدء عملية الهضم، مما يُغير تركيب الدم، ويجعله أكثر قلوية، ويُسبب الشعور بالنعاس . ووفقًا لهويرتا ، فإن هذا التفاعل شائع، ويعاني منه معظم الناس بعد تناول الطعام في منتصف النهار .
النعاس المفرط أثناء النهار
ومع ذلك، أوضح الدكتور هويرتا أيضًا أن حوالي 30% من السكان يُصابون بنوع أكثر حدة، يُسمى النعاس المفرط أثناء النهار (EDS). تُسبب هذه الحالة نومًا عميقًا قد يُضعف القدرة على أداء المهام بعد الغداء.
وبحسب التحليل الذي استشهد به الطبيب، فإن متلازمة إهلرز دانلوس قد تكون لها جذور في تركيبة النظام الغذائي، وقد تستجيب لعوامل تتجاوز مجرد التعب أو سوء نوعية النوم في الليل.
وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة ذا لانسيت إي بيوميديسين، سعى الخبراء إلى توضيح العلاقة بين الطعام والشعور بالتعب. قيّمت الدراسة عينات دم من 6000 شخص، مما سمح لهم بتحديد مركبين رئيسيين لدى من أبلغوا عن مستويات أعلى من النعاس بعد الوجبات: التيرامين والسفينغوميلين.
يوجد التيرامين بشكل رئيسي في الجبن والحليب المخمر والتوفو والأطعمة المخمرة. أوضح الدكتور هويرتا أن ارتفاع مستويات التيرامين في النظام الغذائي، وخاصةً أثناء الغداء، يرتبط بزيادة احتمالية الشعور بالنعاس.
من ناحية أخرى، تتواجد السفينغوميلينات بكثرة في الأطعمة الغنية بالبروتين، مثل اللحوم الحمراء والبيض. وقد يؤدي تناول البروتينات المركزة إلى تفاقم الشعور بالتعب بعد تناول الطعام.
متلازمة المد القلوي
وفقًا للدراسة نفسها، يُسهم تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بهذه المركبات خلال الوجبة الرئيسية في الإصابة بمتلازمة المد القلوي (EDS) لتجنب الإرهاق، يُوصي التقرير بتناول وجبات غداء خفيفة، تتكون أساسًا من الفواكه والخضراوات الطازجة والبذور. تُسهّل هذه البدائل عملية الهضم وتُقلل من النعاس بعد الغداء.
حدد مؤلفو الدراسة أيضًا التأثير الإيجابي لبعض العناصر الغذائية. من بينها، ترتبط أحماض أوميجا 3 وأوميجا 6 الدهنية، الموجودة في سمك السلمون والجوز والكتان والبذور والمكسرات، بانخفاض معدل النعاس بعد الوجبة. قد يساعد اختيار هذه الأطعمة بدلًا من اللحوم الدسمة ومنتجات الألبان المخمرة والحلويات السكرية على الحفاظ على اليقظة بعد تناول الطعام.
وفقًا للدكتور هويرتا، ينصح الأخصائيون بتجنب المشروبات السكرية، مثل الصودا، أثناء الغداء. يؤدي تناول هذه المشروبات إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر في الدم، وبعد هذا الارتفاع، غالبًا ما يحدث انخفاض مفاجئ، مما يؤدي إلى التعب. هذه الدورة من ارتفاع وانخفاض الطاقة قد تُصعّب التركيز وتؤثر سلبًا على العمل والأداء الأكاديمي خلال فترة ما بعد الظهر.
تشمل التوصيات للوقاية من النعاس المفرط أثناء النهار الحفاظ على مواعيد منتظمة للوجبات، وتجنب الوجبات الكبيرة، وإعطاء الأولوية للأطعمة الطازجة والطبيعية قليلة الدهون المشبعة والسكريات. وبالمثل، فإن تناول المكسرات والبذور يُوفر عناصر غذائية تُساعد على الحفاظ على اليقظة.
تشير الأبحاث التي استشهد بها المتخصصون إلى أن الجمع بين العوامل الأيضية وعادات الأكل يؤثر على النعاس بعد تناول الوجبات .
اختيار المكونات والكميات المناسبة للغداء يُجنّبك التعب المزمن ويُحسّن جودة حياتك . ويُعدّ تعزيز قوائم الطعام الصحية وتقليل استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة أداةً فعّالة لتقليل التعب بعد الوجبة وتعزيز الصحة اليومية.