أسماء وألقاب عديدة حازها الأثري الراحل سليم حسن، فقد سجل له التاريخ، أنه عميد الأثريين المصريين والعرب، وصاحب أول موسوعة فى الحضارة المصرية القديمة، وعلى يديه أصبح علم المصريات للمصريين بعد أن كان حكرُا على الأجانب.
موضوعات مقترحة
اشتهر الأثري الكبي بتأليفه لـ "موسوعة مصر القديمة"، وكان أول مصري يصبح أستاذًا لعلم المصريات في جامعة القاهرة، وشغل منصبًا بارزًا كنائب لمدير مصلحة الآثار، وأشرف على أعمال تنقيب مهمة في منطقة الأهرامات.
الأثري الرائد سليم حسن
نشأته وتعليمه
وُلد سليم حسن في 15 أبريل عام 1893م، بقرية ميت ناجى بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية،ت وفى والده بينما كان صغيرًا، وتربى فى كنف والدته التى تعهدت بتعليمه حتى حصل على البكالوريا عام ١٩٠٩م، ثم التحق بمدرسة المعلمين العليا.
وفى أثناء دراسته بمدرسة المعلمين تغيرت حياته بشكل جذري بعدما التقى بأستاذه أحمد كمال باشا الذى تعهده بالعلم والرعاية، والتحق بقسم الآثار لعشقه الجارف للتاريخ، وتخرج عام ١٩١٣م.
التحق سليم حسن للعمل بالمتحف المصري عام ١٩٢١م، وحاول أن يكون أمينًا مساعدًا له، لكن مساعيه باءت بالفشل؛ لأن الوظائف العليا بالمتحف كانت حكرًا على الأجانب.
وفى ذلك الوقت، كان علم المصريات قد بلغ مكانة كبرى بعد الاكتشافات الأثرية العملاقة، وعلى رأسها اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبى توت عنخ أمون على يد العالم الإنجليزي هوارد كارتر عام ١٩٢٢م.
وفى ذات العام، سافر سليم حسن إلى أوروبا برفقة أحمد كمال باشا، وزار أكبر المتاحف فى إنجلترا وفرنسا وألمانيا، وهناك عاين بنفسه الآثار المصرية المنهوبة والتى غصت بها تلك المتاحف.
الأثري الرائد سليم حسن
عاد سليم ولديه الإصرار التام على أن يكون علم المصريات للمصريين، وأن يكسر هذا الاحتكار الأجنبى فى دراسته، فأولى الناس بدراسة التاريخ الفرعونى هم أحفاد الفراعنة.
بعد ثلاثة أعوام من ذلك التاريخ، حصل سليم حسن على منحة لدراسة الآثار من جامعة السوربون بفرنسا، وفى عام ١٩٢٧م حصل على دبلوم فى اللغة والديانة المصرية القديمة من كلية اللوفر بالسربون.
عاد سليم حسن إلى القاهرة ليصبح أمينًا عامًا للمتحف المصري، ويشارك مع العالم الأثري يونكر فى اكتشاف منطقة أهرامات الجيزة، وسافر فى عام ١٩٢٨م إلى فيينا ليحصل على الدكتوراه من النمسا.
وبعد حصوله على الدكتوراه، عُين أستاذا للآثار بجامعة فؤاد الأول (القاهرة) ليقود أول الفرق المصرية للتنقيب عن الآثار فى منطقة أهرامات الجيزة، لا سيما فى مقابر بناة الأهرام، ومقابر أولاد الملك خفرع، والمراكب الشمسية للملكين خوفو وخفرع، والعديد من المقابر الخاصة للأسرة الفرعونية الخامسة.
الأثري الرائد سليم حسن
الجهود البحثية
أجرى أعمال تنقيب أثرية في منطقة الهرم، أسفرت عن اكتشافات مهمة مثل مقبرة "رع ور" والعديد من المقابر والتماثيل.
وناضل من أجل أن يتولى المصريون المناصب العلمية في مجال الآثار، وساهم في إنقاذ آثار النوبة خلال بناء السد العالي، وانتُخب عضوًا في أكاديمية نيويورك.
استعانت به الحكومة المصرية فعينته رئيسا للجنة المسئولة عن أثر السد العالى على آثار النوبة عام ١٩٥٤م.
الأثري الرائد سليم حسن
محتوى موسوعته مصر القديمة
وموسوعة "مصر القديمة" متكاملة شاملة في 16 مجلدًا غطت تاريخ حضارة وادي النيل منذ عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية العصر البطلمي.
وتُعدّ موسوعة "مصر القديمة" أكبر وأشمل عمل عن تاريخ مصر القديمة تم تصنيفه بأيد مصرية خالصة، وصنفت كمرجع أساسي في العصر الحديث.
بدأ العمل بها عام 1940م واختتمها عام 1960م، وتم نشرها بجهود مصرية خالصة.
موسوعة مصر القديمة لسليم حسن
فلسفة سليم حسن في التاريخ
ارتكزت فلسفة سليم حسن على رفض سيطرة الأجانب على علم المصريات، خاصة بعد أن حاول الانضمام للمتحف المصري، ووجد أن الوظائف فيه كانت حكرًا على الأجانب.
وآمن سليم حسن بضرورة أن يكون هناك جهد مصري خالص في دراسة وتوثيق تاريخ مصر، الأمر الذي دفعه لتكريس حياته لموسوعته.
اهتم سليم حسن بالبحث العلمي الدقيق، وقد أكسبته أبحاثه العلمية شهادات الدكتوراه من جامعة فيينا، وأصبح رائدًا في مجال علم الآثار المصري.
طابع بريدي يحمل صورة سليم حسن
وأدرك أهمية ترجمة الدراسات الغربية إلى العربية للمساهمة في رفع مستوى الوعي والتثقيف، حيث قام بترجمة العديد من الكتب مثل "فجر الضمير" لجيمس هنري برستيد، و"ديانة المصريين القدماء" لشتايدروف.
كتب سليم حسن مقالات صحفية لكشف سرقات الآثار، وأبحاثه العلمية أثرت في النقاش العلمي، وساهمت موسوعته في نشر الوعي بتاريخ مصر القديمة.
ترك الأثرى سليم حسن العديد من المؤلفات، لعل من أشهرها موسوعة مصر القديمة، جغرافية مصر القديمة، وأدب الفراعنة.
وفى 30 سبتمبر عام ١٩٦١م توفى سليم حسن بعد حياة حافلة أمضاها فى خدمة الآثار المصرية.
د. سليان عباس البياضي
عضو اتحاد المؤرخين العرب
د. سليمان عباس البياضي