واشنطن بوست: مصر تكشف النقاب عن متحفٍ جديدٍ ضخم مُكرس لحضارتها القديمة

1-11-2025 | 23:55
واشنطن بوست مصر تكشف النقاب عن متحفٍ جديدٍ ضخم مُكرس لحضارتها القديمةافتتاح المتحف المصري

علقت صحيفة واشنطن بوست على حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي جرى مساء اليوم.

موضوعات مقترحة

وقالت: «في عرضٍ مبهر من الرموز الفرعونية مع عرضٍ ضوئي بالطائرات المسيّرة يصوّر الآلهة القديمة والأهرامات في السماء، افتتحت مصر اليوم السبت المتحف المصري الكبير الذي طال انتظاره، وهو مشروع عملاق يهدف إلى منح تراث البلاد الضارب في القدم عرضًا غنيًا ومعاصرًا».

وأضافت: «وبعد عقدين من الإنجاز، يُعد المتحف الواقع قرب أهرامات الجيزة وأبي الهول حجر الزاوية في مسعى الحكومة لتعزيز صناعة السياحة في مصر وجلب الأموال إلى الاقتصاد المتعثر».

ونشرت: «في حفل الافتتاح الكبير المتقن، الذي حضره عددٌ من الملوك العرب والأوروبيين ورؤساءٍ ورؤساء وزراء آخرين، سعى السيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إضفاء طابعٍ دولي على الحدث».

ودعا الرئيس السيسي الحضور إلى «جعل هذا المتحف منصةً للحوار، ووجهةً للمعرفة، ومنتدىً للإنسانية، ومنارةً لكل من يحب الحياة ويؤمن بقيمة الإنسان».

ويُعد المتحف، المعروف اختصارًا بـ GEM، واحدًا من عدة مشروعاتٍ عملاقة تبناها السيد الرئيس السيسي منذ تولّيه منصبه في 2014، إذ شرع في استثماراتٍ ضخمة في البنية التحتية بهدف إنعاش اقتصادٍ أضعفته عقودٌ من الركود ونال منه الاضطراب الذي أعقب انتفاضة الربيع العربي عام 2011.

لطالما جعل التاريخ الفرعوني من مصر مقصدًا سياحيًا، لكنه واجه منذ زمنٍ طويل صعوبةً في تنظيم وعرض الكمية الهائلة من القطع الأثرية — كل شيء من حليّ صغيرةٍ جدًا وجداريات قبورٍ ملونة إلى تماثيل شاهقةٍ لِفراعنةٍ وآلهةٍ برؤوس حيوانات — مع استمرار اكتشافاتٍ جديدة في أنحاء البلاد.

ويهدف المبنى الجديد، الذي يتّسم بطرازٍ معاصر، إلى معالجة ذلك، وهو الذي يُروَّج له على أنه أكبر متحفٍ في العالم مُكرَّسٍ لحضارةٍ قديمةٍ واحدة، قاعاته الواسعة المفتوحة تتيح مساحةً وشروحًا غنيّة لنحو 50,000 قطعةٍ معروضة، إلى جانب معروضاتٍ بالواقع الافتراضي، ويعرض كامل مجموعة كنوز مقبرة الملك توت عنخ آمون للمرة الأولى منذ اكتشافها عام 1922.

ويحلّ المتحف محل المتحف المصري الواقع في مبنى يزيد عمره على قرنٍ في وسط القاهرة — وهو مبنى أنيق بالطراز الكلاسيكي الجديد — لكنه أصبح متقادِمًا وغالبًا ما قورن بمستودع، مكتظّ بالقطع الأثرية مع شروحٍ ضئيلة.

بدأت أعمال البناء في المشروع الذي تبلغ كلفته مليار دولار عام 2005 في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. لكن الأعمال توقفت بسبب الاضطراب الذي رافق انتفاضة 2011 التي أطاحت بمبارك. وتوالت التأخيرات لاحقًا، واضطر إلى تأجيل افتتاحٍ كبيرٍ كان مخطَّطًا له خلال الصيف بعد اندلاع حربٍ استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران في يونيو.

ومن المتوقَّع أن يجتذب GEM خمسة ملايين زائر سنويًا، بحسب وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي. وهذا سيضعه ضمن فئة أكثر المتاحف شعبيةً في العالم. للمقارنة، استقبل متحف اللوفر في باريس 8.7 مليون زائر في 2024، والمتحف البريطاني 6.5 مليون، ومتحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك 5.7 مليون.

وبينما عزفت الأوركسترا المقطوعات الاحتفالية، اصطفّ ممثلون يرتدون أزياء مصرية قديمة حول المتحف والأهرامات وأبي الهول، وصنعت مئات الطائرات المسيّرة عرضًا ضوئيًا في السماء يصوّر آلهةً مصريةً معروفة مثل إيزيس وأوزيريس والأهرامات.

وشهد الاحتفال "صورا تذكارية" جمعت السيد الرئيس السيسي، مع وفودٍ من أكثر من 70 دولة، من بينهم أعضاءٌ في عائلاتٍ ملكية من بلجيكا وإسبانيا والدنمارك والأردن ودول الخليج واليابان، وعددٌ من الرؤساء ورؤساء الوزراء الأوروبيين والإقليميين. وكان ذلك استعادةً لأجواء افتتاح مشروعٍ عملاقٍ آخر في مصر، هو تدشين قناة السويس عام 1869، حين جمعت السلطات المصرية حشدًا من العائلات الملكية الأوروبية.

ويفتخر المتحف بواجهةٍ زجاجيةٍ مثلثةٍ شاهقةٍ تُحاكي الأهرامات القريبة، مع 24,000 مترٍ مربّع (258,000 قدمٍ مربّع) من مساحات العرض الدائمة.

ويستقبل الداخلين تمثال جرانيت ضخم لرمسيس الأكبر، أحد أقوى فراعنة مصر القديمة الذي حكم نحو 60 عامًا، من 1279 إلى 1213 قبل الميلاد، ويُنسب إليه توسيع نفوذ مصر القديمة حتى ما يُعرف اليوم بسوريا شرقًا والسودان جنوبًا. يرحّب التمثال بالزوار بمجرد دخولهم ردهة المتحف الزاويّة.

تعرِض القاعات الاثنتا عشرة الرئيسية في المتحف، التي فُتحت العام الماضي، آثارًا تمتد من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الروماني، منظَّمةً بحسب الأزمنة والموضوعات.

وتُفتَح بعد السبت للمرة الأولى قاعتان مخصَّصتان لخمسة آلاف قطعة من مجموعة الملك توت عنخ آمون — الفرعون الفتى الذي حكم من 1361 إلى 1352 قبل الميلاد. وقد اكتشف عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر المقبرة عام 1922 في مدينة الأقصر جنوبًا، لكن المتحف المصري القديم لم تكن لديه مساحةٌ كافية لعرض المجموعة كاملة.

وتضم المجموعة الأسرة الجنائزية الثلاث للفرعون الفتى وست عرباتٍ حربية، وعرشه الذهبي، وتابوته المُغطّى بالذهب، وقناع دفنه المصنوع من الذهب والكوراتزيت واللازورد والزجاج الملوّن.

وقال زاهي حواس، أشهر علماء الآثار المصريين ووزير الآثار السابق، إن مجموعة توت عنخ آمون هي تحفة المتحف.

وأضاف لوكالة أسوشيتد برس: «لماذا هذا المتحف مهمٌ للغاية والجميع ينتظر الافتتاح؟ بسبب توت عنخ آمون».

يأمل المسؤولون أن يستقطب المتحفُ مزيدًا من السيّاح الذين سيمكثون فتراتٍ أطول ويوفّرون العملةَ الأجنبيةَ اللازمةَ لدعم اقتصاد مصر المتعثر.

وقد أعادت الحكومة تأهيل المنطقة حول المتحف والأهرامات وأبي الهول القريبة. شُيّدت طرقٌ سريعةٌ جديدة، ويُبنى حاليًا محطة مترو قريبة، كما افتُتح مطار سفنكس الدولي بغرب القاهرة على بُعد 40 دقيقة من المتحف.

وقد عانت السياحة سنواتٍ من الاضطراب السياسي والعنف عقب انتفاضة الربيع العربي عام 2011، وفي السنوات الأخيرة، بدأ القطاع يتعافى بعد جائحة كورونا وفي ظل حرب روسيا على أوكرانيا، وهما بلدان يُعدّان مصدرين رئيسيين للسيّاح الزائرين لمصر.

وسجّل نحو 15.7 مليون سائح رقمًا قياسيًا زاروا مصر في 2024، مساهمين بنحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفق الأرقام الرسمية، وقال فتحي وزير السياحة، إن من المتوقع هذا العام استقبال نحو 18 مليون سائح مع سعي السلطات إلى 30 مليون زائر سنويًا بحلول 2032.

وقال وليد البطوطي، وهو مرشدٌ سياحي، إن هذا سيترجم إلى مزيدٍ من الوظائف وسيَضخّ عملةً أجنبيةً في الاقتصاد، مضيفًا: «سيعزّز اقتصاد مصر بشكلٍ هائل، ليس فقط الفنادق والمتحف نفسه». فكلما استقلّ السائح سيارة أجرة أو حتى اشترى زجاجة ماء، «فذلك ضخٌّ للأموال» في خزائن مصر على حد قوله.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة