مال الزوجة ونيران الخلافات الزوجية (2)

1-11-2025 | 13:36

كثر الحديثُ عن مال الزوجة في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض الفضائيات، وسط مبالغة في تصوير الأزواج كوحوش تنقض على مال الزوجات.

سألتني مذيعة سؤالاً ذكيًّا: منذ فترة طويلة والمرأة تعمل، فلماذا تزايد مؤخَّرًا الحديث عن هل تشارك المرأة بدخلها في البيت أم لا؟ رغم أن هذا الأمر من المفترض قد تم حسمه منذ بدأت العمل، فهل بدأت كل زوجة تخاف الطلاق بسبب ارتفاع نسبته؟!

وأجبتُ بصراحة: أن نسبة العدوانية زادت بين الأزواج، فالقلة من الجنسين يستخدمون الأسلوب اللطيف في التعامل اليومي، وتكاد تكون كلمات مثل "شكراً" و"من فضلك" قد انقرضت بين الزوجين.

كما أن من سنوات طوال لم تكن هناك "معارك" بين النساء والرجال، ولم تكن الصديقات وأهل الزوجة يحرضون الزوجة على الزوج، أو يتهمونها بالسذاجة لمشاركتها في الإنفاق، ويؤكدون أنها ستوفر المال لزوجها ليتزوج عليها!!

نؤكد أن هذا التحريض الواضح يؤذي الزوجة؛ لأنه يحرمها من الشعور بالأمان وهو أساس السعادة الزوجية.

بعض الحموات توسوس للأزواج: لا تترك المال لزوجتك؛ فسيجعلها أقوى وتحاول إذلالك به!!

ونرفض هذا التحريض المؤذي، وعلى الزوجين ألا يطمع أحدهما في الآخر، ويجب على كل منهما ألا يسمح للآخر بالاستيلاء على أمواله.

ونرفض تمامًا أن تعيش الزوجة بإحساس الضحية، وتقول: كل راتبي أضعه في البيت؛ لأنها عندما تمرض بسبب هذا الشعور، فلن تجد مقابلاً يرضيها ويعوضها عن شعورها بالتضحية.

يجب على الزوجة أن تشارك؛ لأنها ستفعل ذلك لتعيش هي وأولادها بصورة أفضل، ولا تنتظر أي مقابل، ويكفيها الاستمتاع وأولادها بحياة أكثر رفاهية.

أمام الزوجة التي تثق بطمع زوجها بعض الخيارات:
الأسهل هو شحن نفسها ضد زوجها بالتفكير في الأمور السلبية؛ مثل: "زوجي طمّاع ويستغلني". فإذا كانت تريد الطلاق، فهذه حياتها وحدها، وليس من حق أي مخلوق التدخل في اختياراتها، ونتمنى أن تتأكد من استعدادها لدفع فواتير الطلاق العاطفية والاجتماعية والحسية برضاً مقابل خلاصها من طمعه.

بإمكانها أيضاً تصعيد الخلافات وتوجيه الإهانات، ولكن المشكلات ستزداد، كما أنها ستؤذي نفسها، وتشعر بالانكسار وبالكراهية الداخلية لزوجها؛ فتسوء علاقتهما العاطفية والجسدية، وقد تمرض جسديًّا أيضاً، أو أن تحاول تحسين علاقتها بزوجها تدريجيًّا لزيادة مكاسبها من الزواج، حتى تقلل من إحساسها بالخسارة المادية.

إذا كان فارق الدخل لصالح الزوجة؛ فنذكرها بأنها إذا قامت بدعوة صديقتها المقربة في منتزه غالٍ، لن تشترط عليها القيام برد الدعوة، ولن تعايرها أو تنتظر أن تعوضها، بل ستستمتع بقضاء الوقت معها. وقد تقوم الزوجة بسماحة بإهداء صديقتها هدية غالية الثمن، ولا تنتظر منها التعامل بالمثل، فإذا كانت تمنح هذا الحق لصديقتها المقربة، فكيف لا تعامل زوجها كذلك؟!

إذا كان الزوج سيئًا؛ فسيتعامل مع كرم الزوجة وكأنه حق، وهنا تظهر أهمية حسن الاختيار واليقظة عند ظهور أول بوادر الطمع، مع ضرورة ألا نتعامل معها على أنها كارثة بشعة لا يمكن تحملها.

فلتجلس الزوجة مع نفسها بأمانة لتجيب عن السؤال التالي: هل أريد إكمال حياتي معه أم لا؟

وأتمنى أن يكون ذلك قبل إنجاب الأبناء، فأنا أشعر بالحزن والألم البالغ من زوجات لدى كل منهن ثلاثة أو أربعة أبناء، وتصرخ: زوجي منذ اليوم الأول بخيل وطمّاع!! فأسألها: لماذا واصلتِ الحياة معه، ولماذا أنجبتِ الكثير؟ وفي هذه الحالة؛ فالعمل على تقليل الخسائر مكسب لهن.

إذا كان الزوج غنيًّا وبخيلاً على أولاده؛ فبإمكان الزوجة تركه، وتتحمل فواتير الطلاق النفسية والعاطفية والمادية، وتنفق على أولادها، أو تستمر وتستمتع بمكاسب الزواج، وتربت على نفسها وتبتسم، وتقول: وظيفة المال أن نعيش بأفضل وسيلة. 

وعليها ألا تتمادى وتقول لزوجها: لا أريد منك شيئًا، وسأقوم بالإنفاق على أولادي. ولا تتدخل بينه وبين أولاده فلا تقول لزوجها: الأولاد يريدون كذا وكذا.

فالأفضل أن يطلب أولادها من والدهم بذكاء وبلطف للحصول منه على أفضل ما يمكن، مع ضرورة ألا تسمح لأولادها بالإساءة لوالدهم أو التطاول عليه، أو معاملتها أفضل من معاملتهم لوالدهم؛ بسبب إنفاقها المال عليهم، فعليها التنبه لذلك، فلا تشتري حسن معاملة الأبناء أو حبهم لها بالمال.

قد تحدث مشكلة بعد سنوات طويلة من الزواج لحصول الزوجة على ميراث، أو لفوزها بعمل براتب كبير جدًّا، فتشعر الزوجة أن زوجها يريد استنزافها ماليًّا. 

والحقيقة أن النيران لا تشتعل فجأة؛ حيث تسبقها شرارات صغيرة، ولا نصدق أنه بعد 30 أو 40 سنة زواج تغيّر فجأة أحد الزوجين.

فقد بدأت مقدمات للتغيير، ولكن الطرف الآخر رفض رؤيتها، وقرّر تجاهلها، أو كان في هذا الوقت لا يريد مواجهة المشكلات. فإذا ظهرت بوادر الطمع فلا بد من مواجهتها بذكاء وبمرونة.

وهناك فوارق هامة بين الحزم والعدوانية؛ فمن حق الزوجة ألا تنفق بأكثر مما ترغب طواعية، ولكن ليس من حقها إهانة زوجها بالكلام الجارح؛ فلن يحل المشكلة، وسيعطيه المبرر أمام نفسه لمضايقتها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: