متحف مصر الكبير

31-10-2025 | 23:19

ليس مجرد متحف، لكنه الحدث الأكبر في تاريخنا المعاصر الراهن. حضارتنا القديمة تبعث من جديد، وتتلاحم مع إنجازاتنا المعاصرة، من منطقة الأهرامات الخالدة، حيث تشرق شمس الحضارة من جديد على مصر، على أرض الحضارات القديمة، يشرق بلدنا، حيث لم يكن مصادفة أن يتزامن مع افتتاح أكبر متاحف العالم، أن يأتي الرئيس الأمريكي ترامب، وكل زعماء العالم قبلها بأيام في شرم الشيخ، للاعتراف بدور مصر الإقليمي والعالمي العظيم في وقف الحرب والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.

اجتمع الحدثان أو القمتان في أم الحضارات، حيث كنوز الفراعنة تُعرض في حضرة الأهرامات، تروي قصة الحضارة الإنسانية للعالم، ليست قصة مصر وحدها، لكن مصر أم الدنيا وأم الحضارات، في متحف يضم كنوز الفراعنة، المتحف في تجسيد تاريخي لجوهر مصر القديمة، واعتراف بقدرة المصريين المعاصرين على أن يكونوا جزءًا من الحضارة الإنسانية المعاصرة.

المصادفة لا تأتي اعتباطًا، أو الملحمة لا تحدث أو تكون هدية من السماء، إنما لمن يعملون. والمصريون المعاصرون يستحقون اعتراف العالم بأصالتهم وقدرتهم وعراقتهم، وأنهم جزء فاعل في عالمهم المعاصر، من حولنا من يحاولون أن يسرقوا الدور المصري والمكانة المصرية، كما كانوا يحاولون دائمًا أن يقولوا عن آثارنا أو الأهرامات إنها ليست من صنع الإنسان، بل إن الكائنات الفضائية جاءت من السماء وبنت حضارة المصريين القدماء، بل بنت الأهرامات!

إن سرقة حضارتنا مثل سرقة الدور المصري تمامًا، والمصريون الخالدون لا ينتظرون من أحد اعترافًا بأدوارهم، فهم بناة الحضارة الإنسانية، يبنون في صمت ولا يتفاخرون.

مصر ومضات الحضارة المتجددة، سوف تجدها وأنت تنظر إلى الأهرامات، وأنت تتجول في المتحف الكبير، حيث نقول إن التاريخ لا يرحل، بل يعيش معنا عبر العصور وداخل جيناتنا، ويتجدد معنا باستمرار على امتداد الكرة الأرضية.

الحضارة المصرية هي التي جعلتنا نعيد للحياة كنوزنا ونعرضها في صورة جديدة للعالم، بل هي التي جعلتنا نعبر القناة ونزيح الاحتلال ونعيد الأرض ونصنع السلام فوق منطقة ملتهبة بالصراعات. رصيدنا الحضاري وثقافتنا القديمة التي نبعثها اليوم في المتحف الكبير نراها في عيون الأطفال والنساء الذين يزرعون الأرض ويبنون المدينة ويجدّدون الدلتا، ويبنون توشكى ويحفرون الأنفاق تحت قناة السويس لربط الوادي بسيناء.

هؤلاء هم أبناء توت عنخ آمون. بيت المتحف يحكي قصة أربعة آلاف قرية مصرية في مشروع «حياة كريمة». هم أنفسهم يقفون وراء أضخم التماثيل الأثرية الثقيلة التي تجسد روائع فن النحت في مصر القديمة، تبدأ من عصر الدولة القديمة حتى العصر اليوناني والروماني، وينتهي بك بمراكب خوفو، بانى الهرم الأكبر، في مبنى مستقل، وترى مراكب الشمس وهي أقدم أثر عضوي في التاريخ الإنساني، حيث يبلغ عمرها أكثر من 4600 عام.

إلى الدرج العظيم، تظهر الأهرامات كأنك تراها لأول مرة، وهي موجودة منذ آلاف السنين من شرفة زجاجية مبهرة تحكي للعالم قصة المصريين المعاصرين وهم يبنون حضارتهم الجديدة. ولا تتوقف حتى ترى صورة مصنوعة من خشب الأرز، صورة مبهرة للعالم كله، ها هي أرواح المصريين القدماء تبعث من جديد، حية متجددة، تطل علينا وتبارك مصر المعاصرة، وتفتح لها أبواب المستقبل ولا تغلق أبواب الماضي، وتجدد الحاضر بألوان الحياة المعاصرة.

مصر الجديدة تشرق من الهرم متلألئة حية، ليس بماضيها، بل بحاضرها المذهل ومستقبلها المشرق.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة