تقاس الحضارات بمدى رقي فنونها، وفي هذا السياق، تظل الحضارة المصرية القديمة نموذجًا فريدًا في إثراء الوجدان الإنساني عبر الفنون والموسيقى، التي لم تكن مجرد ترفيه، بل جزءًا أصيلًا من الحياة اليومية والشعائر الدينية والاجتماعية.
موضوعات مقترحة
ويأتي افتتاح المتحف الكبير اليوم، كحدثا استثنائيا تلتف حوله الأنظار حول العالم، ليعيدنا بالأذهان للتوثيق الذي تركه لنا الأجداد، حول فنونهم وعماراتهم التي كانت المهد الأول الذي انبثقت منه الحضارة المصرية لسنوات وعقود تالية.
في التقرير التالي نستحضر عظمة وسحر اكتشاف القدماء المصريين للآلات الموسيقية وفنون الرقص والعمارة والنحت.
أبرز الآلات الموسيقية في عصر الفراعنة
لم تقتصر الموسيقى في مصر القديمة على غناء أو ترتيل، بل اعتمدت على منظومة متكاملة من الآلات التي تطورت عبر آلاف السنين.
وقد تنوعت هذه الآلات بين الوترية، والنفخ، والإيقاع، مما خلق نسيجًا صوتيًا ثريًا.
الآلات الوترية:
تعتبر الآلات الوترية من أهم ما عرفه المصريون القدماء، ولعل القيثارة (الجنك أو الهارب) كانت الآلة الأبرز والأكثر قداسة، حيث ظهرت في نقوش المقابر والمعابد، وغالبًا ما ارتبطت بالطقوس الدينية.
كانت القيثارة تتكون من إطار خشبي منحني وعدد من الأوتار، وتطورت في أشكالها وأحجامها.
كذلك، برزت الكنارة (التي تشبه السمسمية الحديثة) والطنبور الذي يشبه العود أو الجيتار في شكله، وله صندوق خشبي بيضاوي ورقبة طويلة أو قصيرة، وعادة ما كان يحمل على الصدر.
وحتى الربابة، آلة الوتر الواحد المصنوعة من الخشب وجلد الماعز، كانت حاضرة في المشهد الموسيقي.
آلات النفخ والإيقاع
لم تغب آلات النفخ والإيقاع عن المشهد، فكانت تضفي الحيوية على الاحتفالات والمناسبات المختلفة:
المزمار: وهو عبارة عن قصبة مثقوبة بأطوال مختلفة، وعُرف منه المزمار المزدوج الذي كان شائعًا في العزف الجماعي.
البوق (النفير): آلة معدنية، استخدمت بشكل أساسي في الأغراض العسكرية ولبث الحماسة.
الصنج: آلة إيقاع نحاسية كانت تستخدم لإضافة لمسة إيقاعية مميزة، خاصة في رقصات المعبد.
الطبول: بأنواعها وأحجامها المختلفة، كانت الآلة الرئيسية في ضبط الإيقاع، لا سيما في الأعياد والاحتفالات الصاخبة.
الأرغن المائي: رغم ظهوره المتأخر في العصر البطلمي، يعتبر شاهدًا على تطور الآلات، حيث كان يعمل بضغط الماء على الهواء لإنتاج الأصوات.
أشكال الفن في الحضارة المصرية القديمة
لم يقتصر الإبداع المصري القديم على الموسيقى فحسب، بل شملت منظومة متكاملة من الفنون التي عكست فلسفة عميقة للحياة والخلود، واتسمت بالرمزية الشديدة والالتزام بقواعد صارمة استمرت لآلاف السنين.
النحت والرسم:
كان الفن المصري القديم رمزيًا ومنمقًا للغاية، ويهدف في معظمه إلى الحفاظ على التاريخ وحياة الأفراد بعد الموت (الخلود).
النحت: اشتهر بتمثيل التماثيل الضخمة للآلهة والفراعنة، مثل التماثيل الموجودة في المعابد والمقابر.
كانت تماثيل الأفراد تلتزم بوضعيات محددة، مثل الوقفة المعتدلة أو الجلوس القرفصاء، مع الإبقاء على ملامح مثالية أو واقعية (في فترات لاحقة).
الرسم والتصوير الجداري: استخدمت ألوان رمزية (مثل الأزرق والأخضر للنيل والحياة، والأصفر للشمس، والأحمر للقوة).
تميزت الرسومات بأسلوب فريد يجمع بين المنظر الجانبي والرؤية الأمامية للشخص في نفس الوقت (مثل الرأس والأرجل جانبية والجذع أمامي)، وهو ما يسمى بـ "قانون الواجهة".
العمارة وفنون أخرى
برع الفراعنة في العمارة الضخمة للمقابر (الأهرامات) والمعابد، التي كانت بمثابة بيوت للآلهة ومرتكزًا للحياة الدينية.
كما ازدهرت فنون صناعة المجوهرات والخزف والقيشاني، وكلها عكست براعة في استخدام المواد الطبيعية المتوفرة في وادي النيل والصحراء.
الرقص
ارتبط الرقص ارتباطًا وثيقًا بالموسيقى، وكان له أنواع متعددة: رقصات دينية أمام الكهنة، ورقصات جنائزية، ورقصات ترفيهية احتفالية.
كان الرقص رقيقًا ومعبرًا، يعكس النظام الكوني في بعض الأحيان (مثل "رقصة النجوم")، ويستخدم الإيقاع الحماسي للطبول في أحيان أخرى.
ومن هنا نكتشف أن الآلات الموسيقية والفنون شكلت في مصر القديمة نظامًا متكاملاً لا يمكن فصله عن الحياة العقائدية والاجتماعية، فنون تركت لنا إرثًا بصريًا وسمعيًا، لا يزال يثير الدهشة ويؤكد على عظمة الحضارة المصرية القديمة.
الفنون في مصر القديمة
الفنون في مصر القديمة
الفنون في مصر القديمة
الفنون في مصر القديمة
الفنون في مصر القديمة
الفنون في مصر القديمة
الفنون في مصر القديمة