يضم المتحف المصري الكبير، أكثر من مئة ألف قطعة أثرية تمثل مختلف عصور التاريخ المصري القديم، من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين البطلمي والروماني.
موضوعات مقترحة
الدكتورة ريهام حسن
وتقول الدكتورة ريهام حسن أستاذ مساعد بكلية الأثار جامعة عين شمس فى تصريحات ل «بوابة الأهرام»، إن افتتاح المتحف المصري الكبير يأتي كأحد أهم الأحداث الثقافية والآثرية في القرن الحادي والعشرين، فهو لا يعد مجرد مشروع معماري ضخم، بل تجسيدا حقيقيا لفلسفة جديدة في عرض التراث الإنساني وحفظه.
المتحف المصري الكبير
وتضيف حسن: هذا الصرح الفريد يجسد وعي الدولة المصرية بأهمية استثمار موروثها الحضاري باعتباره ركيزة من ركائز الهوية الوطنية، وجسرًا للتواصل بين الماضي والمستقبل، كما يُبرز قدرة مصر على صون تراثها وتقديمه للعالم وفق أرقى المعايير العلمية والمعمارية الحديثة.
وأوضحت حسن، أن المتحف المصري الكبير، شيد في موقع استراتيجي فريد على مقربة من أهرامات الجيزة، ليحقق تواصلًا بصريًا وروحيًا بين أعظم شواهد الحضارة المصرية القديمة وأحدث صروحها الثقافية.
المتحف المصري الكبير
وقد صُمم وفق أحدث المعايير العالمية في المتاحف، حيث يجمع بين العراقة والحداثة في تصميمه المعماري، ويوازن بين الحفاظ على الأصالة التاريخية وتقديم تجربة عصرية تفاعلية للزائر من خلال استخدام التكنولوجيا الرقمية والوسائط المتعددة، التي تُسهم في تفسير القطع الأثرية وإبراز قيمتها العلمية والفنية على نحو غير مسبوق.
ومن أبرز إنجازاته، عرض المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون للمرة الأولى في مكان واحد، بعد أن خضعت جميعها لعمليات ترميم دقيقة داخل مركز الترميم بالمتحف، الذي يُعد من أكثر مراكز الحفظ المتحفي تقدمًا وتطورًا على مستوى العالم فهو عبارة عن ١٩ معملا منها ٦ معامل متخصصة فى المواد المختلفة يعمل فيه عدد من المرممين على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة.
المتحف المصري الكبير
وتوضح دكتورة ريهام حسن ، أنه لا يقتصر دور المتحف المصري الكبير على كونه ساحة للعرض أو موقعًا لجذب الزائرين، بل يتجاوز ذلك ليكون مركزًا بحثيًا وتعليميًا متكاملًا، ويعزز التعاون العلمي بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية المحلية والدولية في مجالات الحفظ والترميم وإدارة التراث. كما يسهم المتحف في دعم مفهوم السياحة الثقافية المستدامة، من خلال دمج المعرفة الأكاديمية بالتجربة الجمالية التي يعيشها الزائر أثناء جولته في أروقة المتحف، فيشعر أنه لا يشاهد الماضي فحسب، بل يتفاعل معه ويتعلم منه.
ومن منظور مستقبلي، سيشكل المتحف المصري الكبير منصة عالمية للحوار الأكاديمي وتبادل الخبرات بين المتخصصين من مختلف أنحاء العالم، بما يتيح تطوير مناهج البحث الأثري وأساليب العرض المتحفي الحديثة.
المتحف المصري الكبير
كما سيُسهم المتحف في تعزيز وعي المجتمع بأهمية التراث بوصفه موردًا ثقافيًا واقتصاديًا، يجب الحفاظ عليه وتوظيفه في خدمة التنمية المستدامة، بما يتماشى مع رؤية مصر المستقبلية في جعل الثقافة عنصرًا فاعلًا في مسار التنمية الوطنية.
إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل لحظة فاصلة في مسيرة علم الآثار المصرية، ورسالة حضارية من مصر إلى العالم تؤكد أن ماضيها المجيد ما زال يلهم الحاضر ويمدّ المستقبل بطاقة من الجمال والمعرفة لا تنضب. إنه ليس نهاية مشروع، بل بداية عصر جديد في فهم وعرض وتوثيق حضارة مصر الخالدة، تلك الحضارة التي ما زالت، رغم مرور آلاف السنين، تنبض بالحياة والإبداع والإلهام.