بعد عقدين من الانتظار.. المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه أمام العالم| صور

31-10-2025 | 14:14
بعد عقدين من الانتظار المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه أمام العالم| صورالمتحف المصري الكبير
داليا فاروق

 ملحمة هندسية وثقافية تجسد عبقرية مصر عبر العصور

موضوعات مقترحة

أكثر من عشرين عامًا من العمل المتواصل، والتأجيلات، والتقلبات، والجدل، والأمل المتجدد، واليوم يفتح المتحف المصري الكبير أبوابه أخيرًا، ليكلل رحلة فريدة من نوعها في تاريخ المشاريع الثقافية. فهو ليس مجرد صرح أثري جديد، بل رمز لحوار عميق بين الذاكرة والمستقبل، يجمع بين الإبداع المعماري والفخر الوطني، ويؤكد استمرارية عبقرية مصر التي لا تنطفئ منذ آلاف السنين.


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

عند أقدام الأهرامات... ميلاد مشروع فرعوني الطابع

يعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف أثري في العالم مكرس لحضارة واحدة، وهو شاهد على طموح مصر الثقافي وقدرتها على تحويل التحديات إلى إنجازات ملموسة. أُطلق المشروع رسميًا عام 2002، ليكون أكثر من مجرد متحف، بل ملحمة معمارية تهدف إلى إعادة تعريف مفهوم حفظ وعرض التراث المصري القديم.

يقع المتحف على مساحة تقارب نصف مليون متر مربع على بعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة، في موقع اختير بعناية ليجسد حوارًا بصريًا بين مصر القديمة ومصر الحديثة.


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

ويضم 12 قاعة عرض دائمة، وجناحًا مخصصًا لمجموعة توت عنخ آمون الكاملة تُعرض لأول مرة تحت سقف واحد، إلى جانب مختبرات ترميم حديثة، ومتاحف فرعية للأطفال وللزوار المهتمين ببوارج الملك خوفو الشمسية، فضلًا عن مركز مؤتمرات ومناطق تعليمية وتجارية.

يشير الدكتور طارق توفيق، المدير العام الأسبق للمشروع، إلى أن إعداد موقع البناء استلزم جهودًا استثنائية بسبب طبيعة الأرض الرملية غير المستقرة، موضحًا أن الفريق استعان بتقنيات تأسيس متقدمة لضمان ثبات المبنى وحمايته من التآكل والاهتزازات الناتجة عن الأنشطة المحيطة. وقد أُجريت دراسات دقيقة للتأكد من خلو الموقع من أي آثار، مما أتاح تنفيذ الرؤية المعمارية للمصمم شي فو بينغ، الذي حرص على أن تتساوى أرضيات المتحف في ارتفاعها مع هضبة الجيزة، ليتمتع الزائر برؤية بانورامية للأهرامات وكأنها امتداد طبيعي لفضاء المتحف.


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

 من الفكرة إلى الحجر... قصة تصميم فريد 

انطلقت فكرة المتحف من خلال مسابقة معمارية دولية عام 2002 شارك فيها أكثر من ألف وخمسمائة مكتب تصميم من 82 دولة، فاز بها مكتب هينيغان بينغ الأيرلندي بقيادة المعماريين رويسين هينيغان وشي فو بينغ. وتميز التصميم بقدرته على الموازنة بين الحداثة واحترام السياق التاريخي والجغرافي، فجاء المبنى على شكل مثلث ضخم بواجهة حجرية ضخمة تُحاكي هندسة الأهرامات، يرتفع تدريجيًا ليطل على هضبة الجيزة.

وبسبب طول الإجراءات، بدأ العمل أولًا في إنشاء المختبرات ومراكز الترميم قبل اكتمال المبنى، وهو ما أتاح بدء نقل وترميم القطع الأثرية مبكرًا. كما أُنشئت مستودعات آمنة تستوعب أكثر من مائة ألف قطعة أثرية، بعضها يُعرض للمرة الأولى.


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

تحديات هندسية فريدة

بدأت أعمال البناء الفعلية عام 2012، لتواجه سلسلة من التحديات التقنية المعقدة، إذ فرضت طبيعة الأرض الصحراوية حلولًا هندسية مبتكرة. كما أن شكل المبنى المثلث والواجهة الحجرية شبه الشفافة تطلبا دقة كبيرة في التنفيذ. اعتمد المهندسون نظام سقف مطوي مشدود يغطي 33 ألف متر مربع من الخرسانة البيضاء، تم تطويرها خصيصًا بواسطة شركة لافارج الفرنسية لتحقيق التوازن بين الصلابة والجمال.

كما تم تزويد المتحف بأحدث تقنيات العرض التفاعلي، مثل الواقع المعزز والشاشات ثلاثية الأبعاد، مع الحفاظ على جوهر الفكرة وهو أن تبقى الآثار المصرية نفسها محور التجربة البصرية.


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

من الثورة إلى الجائحة... مسيرة مليئة بالعقبات

مرت عملية البناء بفترات صعبة، أبرزها خلال ثورة عام 2011 وما تلاها من اضطرابات سياسية واقتصادية، مما تسبب في تأخير المشروع وارتفاع كلفته إلى أكثر من مليار دولار. وقد أسهمت وكالة التعاون الدولي اليابانية في تمويل المشروع عبر قروض ميسّرة بلغت نحو 750 مليون دولار.

وفي عام 2015، تولت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الإشراف المباشر على المشروع، وتم إنجاز أكثر من 90 في المئة من أعمال البناء بين عامي 2016 و2020، رغم تحديات جائحة كورونا، حيث استمر العمل على مدار الساعة مع الالتزام الصارم بإجراءات السلامة.


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

نقل الكنوز... دقة توازي جراحة دقيقة

شكل نقل القطع الأثرية إلى المتحف تحديًا كبيرًا، إذ تجاوز عددها سبعين ألف قطعة، بينها تماثيل ضخمة ومركبات ملكية وأسرّة جنائزية لتوت عنخ آمون. استخدمت فرق النقل عربات هيدروليكية متطورة وأجهزة استشعار دقيقة لقياس الاهتزازات، لضمان نقل آمن دون أي تلف.

ويصف المهندس محمد جمال عملية نقل تمثال رمسيس الثاني، الذي يبلغ ارتفاعه أحد عشر مترًا ويزن أكثر من ثمانين طنًا، بأنها كانت من أكثر العمليات دقة في تاريخ المشاريع الأثرية، إذ تم نقله من ميدان رمسيس إلى مدخل المتحف عبر منصة خاصة ومواكب فني بإشراف مباشر من فرق هندسية مصرية.

كما شكّل نقل كنائس توت عنخ آمون الخشبية تحديًا علميًا فائق الحساسية، نظرًا لهشاشتها وتلفها بمرور الزمن، وتم تنفيذ العملية باستخدام تقنيات المسح بالليزر والتصوير الشعاعي والتوثيق الرقمي لضمان سلامتها الكاملة.


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

أكثر من مجرد متحف... أنشودة من الإبداع وأيقونة معمارية وثقافية

بعد أكثر من عقدين من العمل المتواصل، يقف المتحف المصري الكبير اليوم أيقونة معمارية وثقافية تجمع بين عبق الماضي وحداثة الحاضر. ففي قاعاته الرحبة وممراته المضيئة يتجاور صدى الفراعنة مع روح العصر الحديث، ليشكل المتحف جسرًا حيًا بين عبقرية الأجداد وإبداع الحاضر، وشاهدًا جديدًا على أن الحضارة المصرية لا تزال نابضة بالحياة.

نقلاً عن "الأهرام إبدو"


معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير

معروضات أثرية بالمتحف المصري الكبير
 

 

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة