أكيكو نيشيساكا: أشعر بعمق التأثر وأنا أشهد أخيراً افتتاح المتحف المصري الكبير| حوار

31-10-2025 | 13:26
أكيكو نيشيساكا أشعر بعمق التأثر وأنا أشهد أخيراً افتتاح المتحف المصري الكبير| حوار أكيكو نيتشيساكا، الأستاذة الزائرة بجامعة هيغاشي نيبون الدولية باليابان
حوار: نسمة رضا

أكيكو نيتشيساكا، الأستاذة الزائرة بجامعة هيغاشي نيبون الدولية باليابان، والخبيرة في حفظ الآثار التي شاركت في مشروعات التعاون الفني التي نفذتها وكالة التعاون الدولي اليابانية بالمتحف المصري الكبير، تعود بذاكرتها إلى أكثر من 15 عاماً من التعاون المصري- الياباني، وفي هذا الحوار، تتحدث عن أبرز محطات هذا التعاون.

موضوعات مقترحة

الأهرام ابدو: كيف ساهمت وكالة التعاون الدولي اليابانية (الجايكا) في مشروع المتحف المصري الكبير؟

-أكيكو نيشيساكا: قدمت الجايكا مساهمتها في مشروع المتحف المصري الكبير في ثلاثة مجالات رئيسية: بناء مبنى المتحف، وصون الآثار، وإدارة وتشغيل المتحف.
في عام 2006، قدمت الوكالة تمويلاً ميسراً لإنشاء مبنى المتحف، تلاه تمويل إضافي في عام 2016 لاستكمال أعمال البناء.

ومن عام 2008 حتى 2016، ساهمت الجايكا في تطوير قدرات مركز الترميم التابع للمتحف، الذي أُنشئ بالقرب من مبنى المتحف الرئيسي. خلال هذه الفترة، أُوفد عدد كبير من الخبراء اليابانيين إلى مصر، وقدموا أكثر من ألفي فرصة تدريب للعاملين بالمتحف من مرممين وعلماء. وبالتوازي مع تطوير الكوادر البشرية، دعم المشروع إنشاء قاعدة بيانات أثرية شاملة، تعد بمثابة نظام أساسي لأرشفة مقتنيات المتحف. وقد كان لهذه القاعدة أثر كبير في تنظيم عملية نقل القطع الأثرية إلى المتحف، وكذلك في وضع خطط العرض المتحفي.

غطت الدورات التدريبية التي نُفذت بين عامي 2008 و2016 ليس فقط النظريات والتقنيات الخاصة بصون المواد الأثرية المختلفة، بل شملت أيضاً أساليب التشخيص والتحليل، وإدارة مكافحة الآفات لحماية القطع من الكائنات الدقيقة والحشرات، إضافة إلى مجالات أخرى مثل السلامة المهنية، والتعبئة والنقل الآمن للآثار.

ومنذ عام 2016، أُطلق مشروع مشترك جديد يركز على صون 72 قطعة أثرية من بينها مقتنيات من مجموعة توت عنخ آمون (مصنوعة من الخشب والمنسوجات)، ولوحات جدارية من الدولة القديمة تمثل الكاهن "سنفرو-إني-إشتف".

وشملت أوجه التعاون بين الخبراء المصريين واليابانيين عمليات التوثيق والتعبئة والنقل، والتحليل والتشخيص، وأعمال الصون والتوصيات الخاصة بالعرض المتحفي.
وخلال هذه المرحلة من التعاون، تم تزويد مركز الترميم بمعدات متقدمة مثل ميكروسكوبات رقمية عالية الدقة، وأجهزة أشعة سينية محمولة، وماسحات ثلاثية الأبعاد، ورافعات كهربائية متطورة تتيح نقل القطع الثقيلة بأمان.

ومنذ عام 2016 أيضاً، تنفذ الجايكا مشروعاً لدعم التشغيل والإدارة المتحفية. ومنذ ديسمبر 2021، دعمت الوكالة إدارة المتحف بإيفاد فريق من الخبراء بقيادة السيد سوزوكي أكيرا من شركة (Toyota Tsusho) الذي يشغل منصب نائب المدير التنفيذي الأول، ويعمل في مجالات الاتصال والعلاقات الدولية، التسويق، الترويج، العلاقات العامة، والخدمات الرقمية.

- ما أبرز التحديات التي واجهتموها في عملكم؟

-في بداية المشروع، لم تكن عملية التواصل بين الجانبين المصري والياباني سهلة. ومع تقدم المشروع، تطورت العلاقة بين الخبراء المصريين واليابانيين بشكل كبير، مما جعل التواصل أكثر سلاسة وفعالية.

لقد شكل دعم الجايكا لمركز ترميم المتحف، من خلال تنظيم برامج تدريبية في مصر واليابان، نقطة نجاح رئيسية، إذ أسهم في بناء تفاهم مشترك لمبادئ الصون الوقائي، ما أرسى قاعدة قوية للتعاون في حفظ الآثار الثمينة مثل مجموعة توت عنخ آمون.

وأعتقد أن الجانبين تعلّما الكثير من بعضهما البعض عبر التبادل الثقافي والتقني، الذي لا يحتاج في كثير من الأحيان إلى كلمات بقدر ما يعتمد على التجربة العملية.
وقد لاقت المنهجية اليابانية في الصون الوقائي ترحيباً كبيراً، وأصبحت اليوم أحد المبادئ الأساسية المتبعة في مركز الترميم بالمتحف.

-ما طبيعة العمل الذي قمتم به في مشروع المركب الثاني للملك خوفو؟

-لقد شاركت في هذا المشروع منذ عام 2006 كعضو في الفريق المصري الياباني المشترك، تحت إشراف عالم الآثار الياباني البارز البروفيسور ساكوجي يوشيمورا، بصفتي متخصصة في الآثار وصونها.

وقد تم استخراج نحو 1650 قطعة خشبية من حفرة المركب، وتمت معالجتها وتوثيقها ونقلها إلى مركز ترميم المتحف.

عندما رأيت حالة الأخشاب المتدهورة للمرة الأولى، اعتقدت أن إنقاذها أمر شبه مستحيل. لكن العمل الجماعي المتفاني بين المتخصصين، بقيادة البروفيسور هيروماسا كوروكوتشي والدكتور عيسى زيدان، جعل من هذا المشروع تحدياً ناجحاً.

عمل في المشروع فريق متكامل من المرممين وعلماء الآثار والمهندسين والمعماريين، إلى جانب عدد كبير من الفنيين والعمال.

وسيشكل عرض عملية إعادة تركيب المركب الثاني أحد العناصر الرئيسية في قاعات عرض المتحف المصري الكبير، إلى جانب المركب الأول، داخل مبنى مخصص لاستقبالهما معاً.

وسيكون من الرائع أن نرى، خطوة بخطوة، عملية إعادة تجميع المركب أمام أعين الزوار من جميع أنحاء العالم.

-ما هو الدور الذي ستلعبه الجايكا بعد افتتاح المتحف المصري الكبير؟

-بعد الافتتاح، سيستمر التعاون الفني بين الجايكا والمتحف من خلال مشروعين رئيسيين.

الأول هو "مشروع تعزيز قدرات هيئة المتحف المصري الكبير"، الذي بدأ بالفعل في مايو الماضي، ويهدف إلى رفع كفاءة الإدارة والتشغيل من خلال إرسال نائب المدير التنفيذي الأول وعدد من الخبراء في مجالات الإدارة المتحفية، التسويق، تجربة الزوار، والتعليم والتوعية.

أما المشروع الثاني، فيحمل عنوان "مشروع المتحف المصري الكبير – مركز عالمي للحفظ والبحث العلمي"، ومن المقرر أن يبدأ قبل نهاية العام الجاري.

ويهدف إلى تطوير القدرات والمهارات في حفظ المجموعات الأثرية، وتنظيم برامج تدريبية لصالح المتاحف المصرية والدول المجاورة، فضلاً عن تعزيز البحث العلمي والنشر الأكاديمي ونشر المعرفة المتحفية في مصر والمنطقة.

-كيف تشعرين وأنت ترين المتحف وقد اكتمل أخيراً؟

-أشعر بعمق التأثر والسعادة لأنني أشهد أخيراً افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي سيجذب بلا شك أنظار العالم ويستقبل أعداداً غير مسبوقة من الزوار.

كما أشعر بالامتنان العميق لأنني أشارك هذه اللحظة التاريخية مع زملائي في المتحف، الذين رافقتهم في هذه الرحلة الطويلة من التحضير والعمل الجاد. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة