القولون العصبي.. مرض العصر بين ضغوط الحياة وسوء العادات الغذائية

30-10-2025 | 14:56
القولون العصبي مرض العصر بين ضغوط الحياة وسوء العادات الغذائية القولون العصبي
عبدالله الصبيحي

يعد القولون العصبي أحد أكثر الاضطرابات شيوعًا بين أمراض الجهاز الهضمي، إذ تشير الدراسات إلى أن ما يقرب من واحد من كل خمسة أشخاص يعاني من أعراضه بدرجات متفاوتة.

موضوعات مقترحة


ورغم أن المتلازمة لا تعد مرضا عضويا خطيرا، فإنها تترك أثرا بالغا على جودة الحياة اليومية، وتؤثر على الحالة النفسية والجسدية للمريض، نتيجة الألم المستمر والتقلبات في حركة الأمعاء.

أسباب القولون العصبي.. بين النفس والجسد

يرى الأطباء أن القولون العصبي لا يرتبط بسبب واحد مباشر، بل هو نتيجة تفاعل معقد بين العوامل النفسية والجسدية والغذائية.


ويشير الخبراء إلى أن التوتر والقلق والانفعال الزائد من أبرز العوامل التي تؤدي إلى اضطراب في حركة الأمعاء، إذ يتأثر القولون مباشرة بالإشارات العصبية القادمة من الدماغ في حالات القلق أو الضغط النفسي.

كما تلعب العادات الغذائية الخاطئة دورا رئيسيا في تفاقم الأعراض، مثل تناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون، أو الإفراط في الكافيين والمشروبات الغازية، أو الإكثار من الأطعمة الحارة.


ويضاف إلى ذلك قلة شرب الماء، وعدم انتظام مواعيد تناول الطعام، ما يؤدي إلى اضطراب عملية الهضم وتراكم الغازات داخل الأمعاء.

الأعراض

تتنوع أعراض القولون العصبي من شخص لآخر، إلا أن أكثرها شيوعًا هو آلام البطن، التي قد تكون على شكل مغص متقطع أو تقلصات مزمنة.


وغالبًا ما يصاحبها انتفاخ في البطن، وكثرة الغازات، وتغير في طبيعة الإخراج سواء بالإمساك أو الإسهال أو التناوب بينهما.
وقد يلاحظ المريض أيضًا شعورًا بعدم الراحة بعد تناول الطعام، أو رغبة متكررة في الذهاب للحمام دون نتيجة واضحة.

ويؤكد الأطباء أن هذه الأعراض لا ترتبط بوجود خلل عضوي في القولون، بل ناتجة عن حساسية مفرطة في الأعصاب التي تتحكم بحركة الأمعاء، وهو ما يفسر سبب اختلاف شدة الأعراض باختلاف الحالة النفسية.

متى يستدعي الأمر زيارة الطبيب؟

يخطئ البعض باعتبار القولون العصبي مجرد عرض مؤقت يمكن تجاهله، لكن الخبراء يؤكدون أن التشخيص المبكر يساعد في السيطرة على الأعراض ومنع المضاعفات.


ويجب مراجعة الطبيب فورًا عند ملاحظة فقدان الوزن غير المبرر، أو وجود دم في البراز، أو ارتفاع الحرارة، أو ألم مستمر لا يتحسن بعد تغيير نمط الغذاء، لأن هذه العلامات قد تشير إلى أمراض أخرى أكثر خطورة تستوجب فحصًا دقيقًا.

التشخيص

يتم تشخيص القولون العصبي غالبًا عبر ما يُعرف بـ"تشخيص الاستبعاد"، أي بعد التأكد من عدم وجود أمراض عضوية أخرى بالجهاز الهضمي.


ويعتمد الطبيب على أخذ التاريخ المرضي الكامل، وفحص الأعراض، وإجراء بعض التحاليل أو الأشعة البسيطة عند الحاجة، مثل تحليل البراز أو الأشعة المقطعية أو منظار القولون في بعض الحالات.

العلاج

لا يوجد علاج نهائي لمتلازمة القولون العصبي، لكن السيطرة على الأعراض ممكنة تمامًا من خلال الدمج بين العلاج الدوائي وتعديل نمط الحياة.


ويصف الأطباء في بعض الحالات أدوية مضادة للتقلصات لتخفيف آلام البطن، أو أدوية مضادة للغازات لتقليل الانتفاخ، كما يمكن استخدام الملينات أو مضادات الإسهال حسب طبيعة الحالة.

أكد الأطباء أن التحكم في التوتر والابتعاد عن مصادر القلق يُحدث فارقًا كبيرًا في تحسن الأعراض.


ويُفضل ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي أو اليوغا، التي تساعد على تحسين حركة الأمعاء وتقليل الضغط النفسي.

النظام الغذائي.. مفتاح الوقاية والعلاج

يشير الأطباء إلى أن النظام الغذائي المتوازن هو الركيزة الأساسية في التعامل مع القولون العصبي، حيث يُنصح بتناول وجبات صغيرة ومتعددة على مدار اليوم بدلًا من وجبتين أو ثلاث دسمة.


كما يُفضل الإكثار من الألياف الطبيعية الموجودة في الخضراوات الورقية والفاكهة الطازجة والحبوب الكاملة، لأنها تنظم حركة الأمعاء وتقلل الإمساك.

وفي المقابل، يجب تجنب الأطعمة المسببة للانتفاخ مثل البقوليات والكرنب والمشروبات الغازية، وتقليل تناول القهوة والشاي الثقيل، والامتناع عن الأطعمة المقلية والدسمة.

نمط الحياة

توضح الدراسات الحديثة أن الحالة النفسية تلعب دورًا جوهريًا في التحكم في شدة القولون العصبي، حيث يُنصح المرضى بتبني نمط حياة أكثر هدوءًا، وممارسة التأمل أو تمارين التنفس العميق، والنوم الكافي لمدة لا تقل عن سبع ساعات يوميًا.


كما أن الابتعاد عن التدخين وتقليل الكافيين يساعد في تهدئة القولون وتحسين عمل الجهاز العصبي اللاإرادي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة