احذروا التقليد!!

30-10-2025 | 13:41

كانت هذه العبارة تُكتب على أي منتج يخشى صُنَّاعه من انخداع المستهلك بمنتج آخَر ينتشر رغم أنه غير أصلي. كان هذا في الماضي، أما الآن؛ فالجملة لها بعد آخَر أقصده، وربما يقصده معي غيري. إن المبالغة في طرح بعض القضايا الخاصة بحادثة ما، أو بوقوع جريمة بشعة، تأتي بنتائج عكسية لا نرغب في تكرارها. إن الاستفاضة في عرض تفاصيلها على نحو دقيق تُثبتها أكثر، تجعلها تبدو هينة بسيطة قابلة للمحاكاة أمام فئة من أبنائنا، وخاصة من يمرون منهم بسن المراهقة، أولئك المولعين دومًا بفكرة التقليد الأعمى.

الحديث عن بعض القضايا والإسهاب في توضيحها له سيئ الأثر على من يتلقاها، وهو مُدرِك لتفاصيلها من خلال متابعته لكل ما يُنشَر عنها وعن كيفية وقوعها. يقرأ أو يُشاهِد صورًا تشرح ما خَفِي منها، يتابع فيديوهات توضح خطوات حدوثها. قد يكون هذا سببًا وجيهًا ودافعًا أقوى لهؤلاء الصغار الذين لا يجدون مانعًا في الشهرة حتى وإن كانت من خلال ارتكابهم لحماقات، لجرائم مرفوضة شكلًا ومعنًى.

تابعوا هؤلاء واذكروهم حينما تودون انتشاركم بصناعتكم لمحتوًى ضار يفرِّق بين الفرد وأقرب الناس إليه، أقارب مثلًا أو زملاء دراسة غالبًا. هؤلاء ضحايا تستقطبهم حالة الفوضى الأخلاقية ونظرية التقليد الأعمى. انتبهوا لأهمية الثبات على الهوية التي تسعى قوى الشر لتحجيمها، لتقزيمها والتخلص منها مُجتمِعة أو مُتفرِّقة. تسعى لنزع معاني الإخاء، وتطمس معنى التسامح والمساواة في حق الإنسان في الحياة والاستمرارية فيها بأمان وسلام.

إن التقليد يُعدُّ هنا كارثة بكل المقاييس، ابتلاء عظيم حط بسوداويته على جدران مجتمعنا. ابحثوا عن المبادئ والقِيم، قوموا بتفعيل تواجدها وبتشغيلها بأقصى حد من السرعة. انتشلوا فلذات أكبادكم من بين هذا الهرج، أخرجوهم من بين تلك الفوضى. اربطوهم بعقائدهم على قدر طاقتكم من قبل أن يقع أي حدث، فكل ما جاء به الرسل يدعو لنفس الشيء، ويكرس لنفس المعنى والهدف.

انتبهوا لبضاعتكم الغالية ولا تلقوا بها إلى التهلكة. ارحموا أصحاب القلوب الخضراء الصغيرة، حرِّروهم من أغلال هذا السخف وذاك العبث. انصروهم بتتبعهم وبتوجيه النصائح المحفوفة بالرحمة. شُدوا على أيديهم، رافقوهم في رحلتهم وفي غربتهم القاحلة؛ فالطريق مُزدحِم والرحمة غائبة، كادت شمسهم أن تتحول لمغربها ما بين لحظة وأخرى.

كلمات كتبتها بهدف الخير لا أكثر، وأفعال استنكرتها لأنها تُهلِك وتُدمِّر. فلنحافظ جميعُنا على بلد اسمه مصر، نتمسك بمبادئنا لأجله، تتشابك أيادينا من أجل سلامه وأمنه، نرفعه وننصره مهما تعاظمت الفِتَن.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: