فرصة تاريخية لاتحاد العرب.. فهل يستغلها القادة؟!

30-10-2025 | 13:02

شكل اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وما رافقه من مباحثات سلام، نقطة تحول مفصلية في تغيير الرأي العام الغربي والأمريكي لصالح القضية الفلسطينية. يظهر هذا التحول بوضوح على كافة المستويات، بدءًا من الحراك الطلابي في الجامعات ووصولًا إلى المواقف داخل المجالس التشريعية والقيادات العليا، مما يمثل فرصة تاريخية غير مسبوقة أمام العرب للتفكير الجدي في إقامة كيان الولايات المتحدة العربية.

تتجاوز قضية فلسطين حدودها الجغرافية الضيقة؛ فالعدو يعلن صراحة عن خطته التوسعية من النيل إلى الفرات. ويُستدل على ذلك بتصريح رئيس وزراء دولة العدو قبل أسابيع، الذي وصف نفسه بأنه "مبعوث العناية الإلهية" لتحقيق حلم "إسرائيل الكبرى"؛ بضم أراضٍ من سبع دول عربية بالإضافة إلى فلسطين. 

هذا التأكيد يجعل الصراع صراع وجود لا صراع حدود، وهو ما يثبته تاريخهم؛ الذي يؤكد أنهم العدو الأول والدائم للأمة العربية، وهو أمر تؤكده الشواهد في القرآن الكريم والسنة النبوية.

لقد أدت حرب غزة إلى تحول إيجابي كبير وواضح في الموقف العالمي والدول الصديقة تجاه القضية العربية، وهو تحول لم يكن قائمًا بهذا الزخم من قبل، حتى على مستوى التصريحات. 

ويُعزى هذا التغير إلى تأثيرات عصر ما بعد الحداثة والفضاء المفتوح الذي ألغى مفهوم "الحقيقة البشرية المطلقة"، ما فرض ضرورة مراجعة جميع المواقف السابقة بالتزامن مع التضحيات الجسام للشعب الفلسطيني. 

بدأ التحول تدريجيًا في أوروبا والعالم، حتى وصل إلى الرأي العام والجامعات والكونجرس في أمريكا. إن مواقف شخصيات سياسية مثل ترامب الأخيرة، التي سعت لتحقيق مجد شخصي عبر دور "صانع السلام" في سياق اتفاقية غزة، تبرهن على أهمية اللحظة. 

كل هذه المعطيات تمنح العرب فرصة تاريخية لصياغة موقف رسمي موحد، لا يقتصر على حل عادل ودائم لقضية فلسطين فحسب، بل يهدف إلى الحفاظ على جميع الحقوق العربية في كافة المجالات.

لذا، يجب استغلال هذه الفرصة لإقامة الولايات المتحدة العربية، ولا يُقصد بذلك وحدة شاملة، بل اتحاد يقوم على ركيزتين أساسيتين:
العنصر الأمني والعسكري والمصالح المشتركة: يتمثل في تشكيل جيش عربي موحد، بتمويل محدود من ميزانية كل دولة؛ هذا التكتل سيكون أكثر قوة وفاعلية واقتصاديًا، وسيخفض تكلفة الدفاع على كل دولة على حدة، كما أن التكامل الأمني سيحد من أطماع القوى الخارجية، ليكون خير وقاية وضمان لجميع الدول مع احتفاظ كل منها بنظامها الداخلي وميزانيتها.

العنصر الاقتصادي: يشمل إطلاق حرية التصدير والاستيراد، وإلغاء الضرائب والجمارك بين الدول العربية، مما يدعم اقتصاداتها جميعًا. يعد تحقيق الأمن العسكري وإنعاش الاقتصاد أهم مقومات نجاح أي كيان، ويمكن بعد ذلك التوسع في أبعاد أخرى يتفق عليها الجميع.

من المؤكد أن تحقيق هذا الاتحاد سيمنح العرب الكلمة العليا والمسموعة دوليًا، لا سيما في التعامل مع القوى الكبرى. فالمشكلة لا تنحصر في إسرائيل، التي هي العدو الأول والدائم، بل تتعداها إلى أطماع قوى إقليمية أخرى مثل تركيا وإيران، التي تحتل أراضي عربية ولديهما أطماع تاريخية في الوطن العربي. إن قيام الولايات المتحدة العربية يمثل إضافة وقوة هائلة لجميع الدول.

أمام نحو 500 مليون عربي، يمثلون قوة سكانية تضعهم في مصاف الدول الكبرى، إلى جانب ثقلهم الاقتصادي والتاريخي والثقافي والجغرافي، تكمن فرصة تاريخية يجب الاستفادة منها. 

يجب على العرب أن يفكروا بجدية في هذا المشروع، وأن يستلهموا تجربة الاتحاد الأوروبي. فرغم الخلافات والصراعات والحروب العالمية التي راح ضحيتها الملايين واختلاف اللغات بين أعضائه، استطاع الاتحاد أن يتعاون لتحقيق المصلحة المشتركة. 

فهل العرب، الذين يملكون جذورًا تاريخية واحدة ولغة واحدة وحضارة واحدة ودين واحد ومصالح مشتركة ويواجهون عدوًا واحدًا، أقل قدرة على تحقيق ذلك؟

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: