ساعات قليلة وتقدم مصر هديتها الثقافية والحضارية للعالم بافتتاح المتحف المصري الكبير بموقعه المتفرد وبمساحته التي تتجاوز نصف مليون متر مربع ليصبح أكبر متحف في العالم.
حلم المتحف الذي طال انتظاره يتجاوز بمسافات بعيدة أنه مجرد متحف لعرض الآثار.. هو فرصة ذهبية، ومفتاح لرواج سياحي، وعوائد اقتصادية كبيرة.. افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل فرصة ذهبية لإطلاق طفرة في السياحة المصرية إدارة المتحف اقتصاديًا لا تتعارض مع إدارته ثقافيًا وحضاريًا، الهدفان لا يتقاطعان بل يمكن تحقيقهما بتكامل للاستفادة من الثراء الحضاري والثقافي في تحقيق نقلة نوعية ذات مردود اقتصادي.
متحف اللوفر في باريس يستقبل ما يتراوح بين ٩ إلى١٠ ملايين زائر سنويًا محققًا طبقًا للبيانات المنشورة نحو ١٨٠ مليون يورو من مبيعات التذاكر وحدها إضافة إلى نحو٩٤٠ مليون يورو من التأثير السياحي والأنشطة المصاحبة، تقديرات المؤسسات السياحية العالمية تشير إلى أن المتاحف الكبرى حول العالم لم تعد تعتمد على تذاكر الدخول وحدها، بل تنوعت مصادر دخلها بين المعارض المؤقتة، والمنتجات الثقافية، والفعاليات الفنية، والرعاية التجارية.
الفرصة متاحة أمامنا لتقديم نموذج ناجح في الإدارة الاقتصادية للثروة الأثرية من خلال العمل على عدد من المحاور تبدأ بعدم توقف الحملة الترويجية للمتحف على الافتتاح بتحويلها إلى حملة عالمية للهوية المصرية تتضمن الثقافة، والسياحة الترفيه، والتعليم بمزيج تمويلي يتضمن عوائد التذاكر، والرعاية، والدعم الخاص.
المتحف الكبير يمكن أن يكون منصة انطلاق لزيارة مواقع أخرى مثل منطقة الأهرامات، وسقارة، والأقصر، أو ما يمكن تسميته "رحلة الفراعنة" من خلال إصدار "بطاقة مصر الثقافية" التي تتيح دخول عدد من المتاحف، والمواقع الأثرية مقابل اشتراك سنوي. من المهم إطلاق تطبيق رسمي للمتحف بتقنية الواقع المعزز لعرض القطع الأثرية رقميًا، وجذب الزوار قبل قدومهم، وتتيح حجز التذاكر، والجولات الافتراضية، والمحتوى التعليمي بلغات متعددة . أيضًا الاستثمار في الخدمات والمنتجات الثقافية والتجارية وتطوير علامة تجارية رسمية للمستنسخات المستوحاة من الآثار، والمجسمات وبيعها داخل المتحف وعبر متجر إلكتروني عالمي.
يمكن تنظيم مهرجان ثقافي سنوي باسم "أيام المتحف المصري الكبير" يجمع بين الحفلات الفنية العالمية والأنشطة والأبحاث العلمية المتخصصة في الحضارة المصرية القديمة . تنفيذ ما سبق سيجعل المتحف ليس مجرد صرح للحضارة، بل أداة قوة ناعمة تعزز صورة مصر الحديثة، وتضعها في موقع الريادة الثقافية، والسياحية إقليميًا ودوليًا. فهو يجسد قدرة الدولة على الجمع بين حماية التراث، وتقديمه بروح العصر، ويؤكد أن الاستثمار في الثقافة يمكن أن يكون استثمارًا اقتصاديًا بامتياز.