إذا كانت أنظار العالم تتجه اليوم نحو هضبة الأهرامات للاحتفال بافتتاح أكبر متحف يضم أضخم مجموعة آثار مصرية، فلا بد أن يكون جليًا أن هذا الحدث هو نتاج عمل ضخم بدأ منذ أكثر من عقدين من الزمان.
موضوعات مقترحة
بدأ كل شيء في أوائل التسعينيات، عندما راود الحلم الوزير الفنان فاروق حسني وأراد أن يبرز عظمة الحضارة المصرية فى كل فتراتها، خاصة أنها كانت تجسد فقط من خلال الأهرامات الثلاثة والمتحف المصري في ميدان التحرير.
ومنذ ذلك الحين بدأ الوزير والقيادة السياسية فى العمل ووضع الخطط والدراسات لتنفيذ الحلم، ورغم فترات التوقف لأسباب سياسية ومالية، لم تتوقف الرغبة فى إنجاز مشروع القرن، تباطأت الأعمال أحيانا ولكن خلف الكواليس، كان الجميع يعمل في صمتٍ وإصرار.
وفي عام 2002 تم وُضع حجر الأساس للمشروع، لتبدأ الأعمال فعليًا في عام 2005.
وقد واجه القائمون على المشروع تحديات ضخمة ومتعددة، أبرزها نقل القطع الأثرية العملاقة مثل مركب خوفو ، والقطع شديدة الحساسية كـ كنوز توت عنخ آمون، فضلًا عن نقص التمويل الذي أثقل كاهل المشروع في فترات عدة.
رغم كل ذلك، تم تجاوز جميع العقبات ليصبح هذا المتحف ملحمة حقيقية.
إرادة سياسية قوية
ما سيراه العالم هو نتيجة إرادة سياسية قوية، ولكن قبل كل شيء ثمرة عمل دؤوب شارك فيه علماء آثار ومهندسون ومعماريون ومُرممون وآلاف العمال، يتقدمهم اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف الكبير والمنطقة المحيطة به منذ عام 2016، الذي تمكن من مواجهة التحديات الهائلة وتحقيق هذا الإنجاز الفريد.
في الحقيقة، فإن ما سيلمسه زوار المتحف هى عبقرية حقيقية، سيتأكدون أن وراء بريق الذهب وعظمة القطع المعروضة، قصة أعمق بكثير: قصة شعبٍ شكلت أعماله وإنجازاته ملامح العالم.
إن المتحف المصري الكبير هو مشروع وطني حقيقي تقدمه مصر للعالم، يعكس عظمة حضارتها وتاريخها. وهو متحف يجسد أسمى القيم التاريخية والإنسانية التي عرفتها مصر، ويعرضها في تصميم معماري فريد لم يشهد الزائر مثله من قبل.
هكذا سيبقى اليوم الأول من نوفمبر محفورًا في ذاكرة البشرية باعتباره حدثًا تاريخيًا، ليس لمصر فحسب، بل للعالم أجمع وللثقافة والتراث الإنساني الممتد عبر آلاف السنين.
عرض آلاف القطع الأثرية لأول مرة
مع آلاف القطع الأثرية التي تُعرض لأول مرة، يصبح المتحف المصري الكبير أضخم متحف في العالم مكرّس لحضارة واحدة. وسيتم عرض كنوز توت عنخ آمون كاملة للمرة الأولى منذ اكتشافها عام 1922، لتتألق كنجمة المعرض بلا منازع.
كما يُعد هذا المتحف أيضًا أداة للقوة الناعمة، تُعزز من مكانة القاهرة كـ عاصمة ثقافية عالمية، وتُسهم في إحياء السياحة، أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
إيمانا بأهمية وعظمة هذه المناسبه التاريخيه أصدر الأهرام إبدو عددا استثنائيا يحتفي بافتتاح المتحف المصري الكبير... هذا الصرح الثقافي العملاق الذي يقدَّم كهدية من مصر إلى العالم، ليكون كمنارة حضارية تُضيء دروب الإنسانية.
في هذا العدد الخاص، يأخذكم فريق الأهرام إبدو في رحلة شيقة بين أروقة المتحف وقصته التي بدأت بحلمٍ كبير، ليصبح اليوم واقعًا مدهشًا يروي مجد الفراعنة وإبداع المصريين المعاصرين الذين شيدوه.
ستجدون في الصفحات حوارات حصرية ومقالات لا تُفوَّت: وقد أجرى فريق العمل مجموعة من الحوارات المتميزة مع شخصيات كان لها دور محوري في هذا المشروع الحضاري العملاق. من أبرزها حوار مع الوزير الفنان فاروق حسني، صاحب الفكرة والرؤية، الذي أراد أن يُبرز عظمة الحضارة الفرعونية من خلال إنشاء أكبر متحف للحضارة المصرية القديمة. كما كتب العالم الأثري الكبير الدكتور زاهي حواس مقالًا مميزًا تناول فيه عظمة المشروع وما يحمله من رمزية تاريخية وحضارية.
كذلك أجرت كتيبة الأهرام أبدو حوارًا مع الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي للمتحف، تحدث فيه عن تفاصيل العمل والاستعدادات للعرض المتحفي، ومن اليابان لقاء مع السيدة أكيكو نيشيساكا ممثلة مؤسسة الجايكا اليابانية ، تتحدث عن التعاون المصري الياباني سواء من الناحية المادية أو الفنية، من خلال برامج تدريب وتأهيل الكوادر المصرية
ولم يغفل العدد لقاءً خاصًا مع المايسترو العالمي ناير ناجي، قائد الأوركسترا في حفل الافتتاح، الذي تحدث عن رؤيته الفنية لهذا الحدث التاريخي الفريد
ومن خلال 32 صفحة غنية بالصور والمقالات، يصحبكم العدد في جولة داخل قاعات المتحف، حيث تلتقون بأجمل كنوز توت عنخ آمون، وتتعرفون على القطع الأثرية النادرة التي تُعرض لأول مرة بهذا الشكل المبهر. ولم يغفل العدد التحديات الكبرى التي واجهت بناء هذا الصرح، من عقبات فنية ومادية، إلى مشكلات لوجستية معقدة، كاشفًا كيف نجح القائمون على المشروع في تجاوزها بإصرارٍ.
عبقرية المصري القديم في البناء والهندسة
من أجمل الموضوعات التي يضمها العدد، مقال خاص عن متحف مركب خوفو الذي يرمز إلى عبقرية المصري القديم في البناء والهندسة، إلى جانب تقرير متميز عن مصير المتحف المصري بالتحرير وكيف سيواصل أداء دوره الثقافي بعد افتتاح المتحف الكبير.
لأن المتحف ليس مجرد مبنى، بل مشروع حياة، يسلّط الأهرام إبدو الضوء على تأثيره في المجتمع المحيط، وعلى الجهود الضخمة التي بذلتها الدولة في تطوير المنطقة، من إنشاء الكباري وتخطيط الطرق إلى تهيئة المداخل و تطوير البنية التحتية لتسهيل الوصول إلى المتحف والممرات لتسهيل الوصول إلى المتحف.
ولم يغب عن العدد رأي الخبراء العالميين ومديري المتاحف الدولية، الذين أجمعوا على أن المتحف المصري الكبير حدث سيغيّر خريطة السياحة والثقافة في العالم بأسره.
وفي الختام، يقدم الأهرام إبدو دليلًا عمليًا شاملاً للزائرين، يتضمن أسعار التذاكر ومواعيد الزيارة وكل ما يلزم لجعل تجربة الزائر أكثر سلاسة ومتعة.
عدد خاص للأهرام أبدو عن المتحف الكبير