قال الدكتور محمود حامد الحصري، أستاذ الآثار واللغة المصرية القديمة المساعد – جامعة الوادي الجديد، إن المتحف المصري الكبير (GEM) والذي يقع في حضن أهرامات الجيزة، أكثر من مجرد صرح أثري ضخم. واصفًا إياهه بأنه بوابة الحضارة المصرية إلى المستقبل الرقمي، ومنصة ثقافية عالمية تسعى لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان وتاريخه.
موضوعات مقترحة
المتحف المصري الكبير
ويأخذنا محمود الحصري فى تصريحات لـ «بوابة الأهرام» للعالم الرقمي للمتحف الكبير، مؤكدا على أنه وفي قلب هذه الرؤية المبتكرة، تقف تقنيات الواقع الافتراضي (Virtual Reality - VR) والواقع المعزز (Augmented Reality - AR) التي لم تعد أدوات ترفيهية فحسب، بل تحولت إلى محاور أساسية في استراتيجية العرض المتحفي، لتقدم تجربة غامرة تمزج ببراعة بين القطعة الأثرية المادية والمحتوى الرقمي التفاعلي. الهدف من هذا الدمج ليس فقط جذب الأجيال الجديدة، بل تعميق الوعي الثقافي وجعل التعلم عن التاريخ رحلة شخصية في قلب الحدث، حيث يجد الزائر نفسه مشاركاً في السرد التاريخي لا مجرد مشاهد خارجي.
المتحف المصري الكبير
الواقع المعزز (AR) إثراء الحاضر بتفاصيل الماضي
تُعد تقنية الواقع المعزز AR هي الأداة الأكثر استخداماً لربط الزائر بالقطعة الأثرية في موضعها الفعلي. تعمل هذه التقنية من خلال تطبيقات ذكية على هواتف الزوار أو الأجهزة اللوحية المخصصة، حيث يتم توجيه الكاميرا نحو قطعة معينة لتظهر عليها طبقات إضافية من المعلومات الرقمية في الوقت الفعلي.
المتحف المصري الكبير
وفي المتحف المصري الكبير، يُستخدم الواقع المعزز بعدة طرق مبتكرة:
أولاً: في إعادة الترميم الافتراضي للقطع الناقصة أو المتضررة. فتماثيل الفراعنة التي فقدت رؤوسها أو أجزاء من ألوانها يمكن للـ AR أن يعيد بناءها رقمياً ليري الزائر شكلها الكامل الأصلي، معتمداً على أسس علمية ونماذج مرجعية دقيقة.
ثانيًا: يُستخدم الواقع المعزز في شرح سياق القطعة؛ فعند مسح قطعة أثرية، قد تظهر رسوم متحركة ثلاثية الأبعاد (3D) تبين طريقة استخدامها في العصور القديمة، أو تظهر نصوص هيروغليفية وترجمتها الفورية. هذا التفاعل يمنح القطعة الصامتة "صوتًا" و"حركة"، ويحوّل قراءة الوصف المكتوب إلى تجربة بصرية سمعية متكاملة، مما يرسخ المعلومة ويشعل شرارة الفضول المعرفي. كما أن التعاون مع شركات تكنولوجيا عالمية يضمن أن تكون هذه التجارب في طليعة الابتكار، مما يجعل التجربة المصرية في تطبيق الـ AR فريدة ورائدة على مستوى المتاحف الكبرى عالمياً.
المتحف المصري الكبير
الواقع الافتراضي (VR) رحلة شاملة عبر آلة الزمن الرقمية
على الجانب الآخر، تتيح تقنية الواقع الافتراضي للزائر الانغماس الكلي في بيئات رقمية تحاكي الماضي أو تكتشف جوانب لا يمكن الوصول إليها في العالم المادي. باستخدام نظارات الواقع الافتراضي (VR Headsets)، يُنقل الزائر بالكامل من قاعة العرض إلى عالم افتراضي محاكٍ للعصر الفرعوني. تشمل تطبيقات الـ VR في المتحف المصري الكبير.
المتحف المصري الكبير
ويواصل محمود الحصري حديثه: الجولات الافتراضية بزاوية 360 درجة سوف تمكن الباحثين والزوار حول العالم من التجول بين قاعات المتحف عن بعد، ورؤية تفاصيل المقتنيات بدقة عالية، وكأنهم يسيرون في أروقته بالفعل. والأهم من ذلك، تجارب المحاكاة التاريخية؛ فبدلاً من مشاهدة مجموعة كنوز توت عنخ آمون في واجهات زجاجية، يمكن للزائر أن يرتدي نظارة الـ VR ليجد نفسه افتراضيًا داخل مقبرة الملك لحظة اكتشافها عام 1922، أو يشهد مراسم الدفن الملكية، أو يرى القناع الذهبي الشهير قبل ترميمه. هذه التجارب لا تقدم فقط معلومات تاريخية، بل تثير التفاعل العاطفي وتترك أثرًا وجدانيًا عميقًا، محوّلة الزيارة إلى قصة لا تُنسى.
المتحف المصري الكبير
ويوضح محمود حامد الحصري، أنه ولذلك يتدرب المرشدون الأثريون على استخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتقديم جولات رقمية إرشادية داخل وخارج القاعات، مما يوسع نطاق الشرح ليشمل مواقع أثرية أخرى أو تفاصيل معمارية لم تعد قائمة. وبهذا لا يصبح المتحف مجرد وجهة سياحية فقط، بل يصبح مركزًا عالمياً للتعلم والبحث، يدعم الوصول إلى التراث وحفظه وتوثيقه رقمياً بأحدث طرق الرقمنة ثلاثية الأبعاد.
المتحف المصري الكبير
إن دمج تقنيتي الواقع المعزز والواقع الافتراضي في المتحف المصري الكبير هو شهادة على التزام مصر بتقديم حضارتها العريقة بلغة العصر الحديث، مما يجعل من التجربة المتحفية مزيجًا فريدًا من الجلال التاريخي والابتكار التكنولوجي، ويضمن بقاء تراث الأجداد حيًا ومتجددًا في وعي الأجيال القادمة.
المتحف المصري الكبير
استخدام تقنية الهولوجرام في المتحف المصري الكبير
تبرز تقنية الهولوغرام A hologram كواحدة من أهم الأدوات التي يعتمد عليها المتحف لإثراء تجربة الزوار ونقلهم إلى عمق التاريخ بطريقة ساحرة ومبتكرة. فالهولوجرام، وهو نوع من الإسقاط الضوئي ثلاثي الأبعاد، يتيح خلق صور وهمية مجسمة وعائمة في الهواء، تبدو حقيقية تماماً وتتفاعل مع البيئة المحيطة، مما يمحو الحدود بين الماضي والحاضر.
المتحف المصري الكبير
وفي داخل أروقة المتحف الكبير تم توظيف هذه التقنية لـ"إعادة إحياء" شخصيات وفعاليات تاريخية لم يعد لها وجود مادي، لعل أبرزها إمكانية عرض الهولوجرام لملوك وملكات مصر القديمة، مثل الملك توت عنخ آمون أو الملكة حتشبسوت، حيث تظهر هذه الشخصيات وكأنها تستيقظ من الظلام لتتحاور مع الزوار أو تروي قصتها، مما يضفي بعداً درامياً وحيوياً على السرد المتحفي.
المتحف المصري الكبير
وتستخدم الهولوجرامات أيضاً في عروض ضوئية مهيبة، خاصة في المناطق الواسعة مثل الردهة الرئيسية أو الدرج العظيم، لخلق مشهد أسطوري يربط بين عظمة التماثيل والقصص المرتبطة بها، حيث يمكن لتقنية الهولوغرام أن تعرض معركة تاريخية كاملة أو مشاهد من الحياة اليومية الفرعونية بنبض وحركة. ويساهم هذا النمط من العرض التفاعلي في تحويل المتحف من مكان للعرض الثابت إلى مساحة للحوار الديناميكي مع التاريخ، خاصة لدى فئة الشباب والأطفال، الذين يجدون في هذا الأسلوب التكنولوجي لغة تتناسب مع اهتماماتهم المعاصرة. كما يمكن للهولوغرامات أن تعمل كـ"مرشد ذكي" ثلاثي الأبعاد يقدم شروحات مخصصة عن القطع الأثرية أو يوجه الزوار في مساراتهم داخل المتحف بطريقة غير تقليدية، ليصبح التفاعل مع التراث تجربة حسية وبصرية لا تُنسى، وتأكيدًا على أن المتحف المصري الكبير هو بالفعل جسر حضاري يربط بين آلاف السنين من الماضي ومستقبل التكنولوجيا.
المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير