من أمن العقاب .. أساء الأدب (4 من 5)

30-10-2025 | 12:28

رد الفعل الكبير على تعدِّي بلطجي السويس على الرجل المسن كان لافتًا جدًّا؛ ويدل على أننا ما زلنا قابضين على قيمنا وعاداتنا رغم ما قد يعتريها في بعض الأحيان من عوار مؤلم.

تعددت أسباب تفسير ما حدث، لكن يظل الثابت ردودَ الفعل المشرفة، بعضها كان مبهرًا؛ مثل من تبرع للرجل بوحدة سكنية؛ وآخر بعمرة... هكذا كانت تَهِلُّ عليه عطايا الناس؛ دون أن يطلب منهم شيئًا؛ وذلك يدل على تراحم وتكاتف الناس.

ولكن هذا المشهد الصادم يدفعنا للتساؤل: ما هو الدافع الحقيقي وراء استقواء هذا البلطجي على رجل مسن؟ هل هي مجرد محاولة لاستعراض قوته على الضعيف؟! أم أنَّ البلطجي كان يثق في حصانته من العواقب؟!

في الحقيقة في الآونة الأخيرة شهدت بعض المشاهد المصورة؛ لعدد من المواطنين الخارجين ليس على القانون فحسب؛ ولكن الخارجين عن كل أصول التربية. شابَّان يركبان دراجة نارية؛ كلما مَرَّا بأحد ضرباه؛ سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، امرأة أو فتاة صغيرة، سلوك عدواني غير مفهوم أسبابه.

عدد آخر من المشاهد لأُناس يعتدون على مواطنين آخرين. منهم من يعتلي سيارة أحدهم محاولًا ترويعه. وآخر يعتدي على سيارة آخر بشكل فج. وعدد آخر لا أحبذ الكتابة عنهم. يمارسون البلطجة؛ أو التنمر أو معاكسة الفتيات.. إلخ.

يحدث ذلك رغم ما تفعله وزارة الداخلية مشكورة من إجراءات سريعة وحاسمة للقبض عليهم وتقديمهم للنيابة العامة لممارسة دورها. ورغم ما تعلنه الوزارة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مصور؛ بما لا يدع مجالًا للشك من القبض عليهم!

يحدث ذلك وما زال هناك من يمارس أفعال التنمر والتحرش والاعتداء على الغير. دون فهم السبب. كنا سابقًا نقول: "من أَمِنَ العقاب أساء الأدب". اليوم من يسيء الأدب ينال عقابَه بسرعة رائعة؛ فما السبب؟

هل هؤلاء يتعاطون موادَّ مخدرة تذهب عقولَهم؛ فلا يستطيعون تمييز ما يفعلون؛ ومن ثم تحدث تلك الكوارث، وقد تصل بعضها للقتل؟ أم أن هناك أمرًا آخر نجهله؛ العلم به قد يفسر لماذا الاستمرار في ممارسة أعمال البلطجة بتلك الصورة المشينة؟

لذلك؛ أرى عمل حملات توعية ينتهجها المجلس الأعلى للإعلام؛ يوضح فيها عقوبة التعدي على حقوق الغير؛ ودور وزارة الداخلية والنيابة العامة. كما يوضح تصدي الدولة بكل حزم لتلك الأعمال التي تقيِّد حرية الناس. مع التركيز على النماذج التي تم القبض عليها، وتوضيح ما ارتكبته من جرم ونتيجة تلك الأفعال.

علَّ تلك الحملة تكون سببًا في الحفاظ على الناس وعلى أرواحهم وكبريائهم الذي يحاول قلةٌ مُنحلة العبث بهم.

والله من وراء القصد. 

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: