نميرة نجم: فقدان أرض الأسلاف تدمير لثقافة الشعوب وللحق في تقرير المصير| صور

26-10-2025 | 17:00
نميرة نجم فقدان أرض الأسلاف تدمير لثقافة الشعوب وللحق في تقرير المصير| صورالسفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي
سمر نصر

أكدت السفيرة الدكتورة نميرة نجم، الرئيس الشرفي للجمعية الإفريقية للقانون الدولي بباريس (AfSIL)، وخبيرة القانون الدولي، ومديرة المرصد الإفريقي للهجرة بالاتحاد الإفريقي، أن الارتباط بين الأرض والثقافة في إفريقيا يمثل أحد أهم ركائز الهوية الجماعية للشعوب الإفريقية، مشددة على أن فقدان الأراضي الأجدادية «الأراضي الموروثة عن الأسلاف" أو السيطرة عليها يؤدي مباشرة إلى تآكل الثقافة واللغة والعادات، بل وإلى تهديد الحق في تقرير المصير ذاته.

موضوعات مقترحة

جاء ذلك خلال كلمتها في جلسة تحت عنوان «إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي» في مؤتمر الجمعية الإفريقية للقانون الدولي (AfSIL) بالشراكة مع نقابة المحامين في موزمبيق (OAM) في مؤتمرها السنوي الرابع عشر في مابوتو عاصمة موزمبيق ،والذي بحث قضايا التراث الثقافي الإفريقي، العدالة التاريخية، واسترداد الممتلكات الثقافية المنهوبة.

وفي كلمتها استعرضت السفيرة نميرة نجم عدداً من القضايا القانونية التي أرست هذا المبدأ في الاجتهاد الإفريقي والدولي، مشيرة أولاً إلى قضية المطالبات بين إثيوبيا وإريتريا أمام لجنة المطالبات (EECC)، حيث أبرزت إريتريا كيف أن عمليات الطرد من الأراضي الأجدادية أدّت إلى تآكل التقاليد الشفوية والهويات العرقية، وربطت اللجنة بين احتلال الأراضي والأضرار الثقافية، مستندةً إلى المادة 56 من لائحة لاهاي لعام 1907 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية، والمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة، حتى دون تصديق على اتفاقية لاهاي لعام 1954.

وأوضحت اللجنة أن تدمير الثقافة يفاقم مسألة الاغتراب عن الأرض من خلال محو الروابط المجتمعية، وهو ما يمس مباشرة الحق في تقرير المصير.

ثم تناولت السفيرة نجم قضية مجتمع الأوغوني ضد نيجيريا أمام اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (ACHPR)، ووصفتها بأنها محطة مفصلية في تطوير مفهوم الحقوق الثقافية في إفريقيا، إذ اعترفت اللجنة لأول مرة بـ الحق في بيئة سليمة بموجب الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (ميثاق بانجول)، وربطت بين الأضرار البيئية وفقدان الأراضي من جهة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والجماعية من جهة أخرى.

وأشارت السفيرة إلى أن اللجنة، رغم عدم استخدامها لعبارة “فقدان الأرض يعني فقدان الثقافة”، قد أقامت رابطاً مباشراً بين تدمير أراضي الأوغوني وتآكل أسلوب حياتهم، مؤكدة أن مثل هذه الخسائر تهدد بقاء المجتمعات الأصلية وهويتها وتنميتها الجماعية. وأضافت أن اللجنة اعتبرت الاغتراب عن الأرض مأساة ثقافية لأنها تفكك الأنماط التعاونية التقليدية لاستخدام الموارد، وهي الأساس في استمرارية الثقافة الإفريقية.

كما أوضحت السفيرة نميرة نجم أن هذا التطور القانوني توطد لاحقاً في قضية مجتمع الأوغيك ضد الحكومة الكينية أمام المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (AfCHPR) عام 2017، حيث وجدت المحكمة أن كينيا انتهكت أحكام الميثاق الإفريقي، وخاصة المواد 3 (الحق في التعليم والثقافة)، 21 (الحق في التصرف الحر في الثروات والموارد الطبيعية)، و22 (الحق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية).

وبيّنت أن المحكمة الإفريقية ربطت صراحة بين فقدان الأراضي الأجدادية وتآكل ثقافة الأوغيك، واعتبرت ذلك انتهاكاً للمادة 17 (الفقرتين 2 و3) من الميثاق، التي تضمن الحق في المشاركة في الحياة الثقافية وتُلزم الدول بحماية القيم التقليدية.

وأضافت السفيرة نجم أن تسبيب المحكمة استند إلى ثلاثة محاور رئيسية هي أولا الهوية الأصلية وصلتها بالأرض: حيث اعترفت المحكمة بالأوغيك كشعب أصلي بناءً على تعريفهم الذاتي واحتلالهم التاريخي لغابة ماو وثقافتهم المميزة، مستندة إلى إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (UNDRIP) ولا سيما المادتين 8 و26 منه.

ثانيا تأثير الإخلاءات القسرية: إذ رأت المحكمة أن تقييد الوصول إلى الأرض أثّر بشكل كبير في قدرتهم على الحفاظ على تقاليدهم ومعتقداتهم وطقوسهم المرتبطة بالمواقع المقدسة ومناطق الدفن.

ثالثا التزامات الدولة ، فألزمت كينيا باتخاذ إجراءات لحماية اللغة والممارسات الدينية والحقوق الثقافية للأجيال القادمة، ورفضت الادعاء بأن ثقافتهم “تحولت” بفعل الحداثة، معتبرة أن هذه التغييرات فُرضت بسياسات إقصائية قسرية.

وأكدت السفيرة نجم أن هذا الاجتهاد يعكس تطوراً نوعياً في الفكر القانوني الإفريقي، إذ يؤكد أن الأرض بالنسبة للشعوب الأصلية ليست مجرد مورد اقتصادي بل هي أساس الاستمرارية الثقافية والهوية الجمعية.

وأشارت إلى أن تنفيذ الحكم ما زال يواجه تحديات عملية، حيث أصدرت المحكمة الإفريقية في عام 2024 أمراً جديداً يُلزم كينيا بمهل زمنية محددة للامتثال وسط تقارير عن استمرار عمليات الإخلاء.

وفي ختام كلمتها، شددت السفيرة الدكتورة نميرة نجم على أن الطب التقليدي والمعارف الأصلية الإفريقية جزء من التراث المنهوب بفعل الاستعمار، وأن عرض هذا التراث في المتاحف حول العالم يجب أن يحفز جهود استعادته وحمايته وتعليمه للأجيال القادمة.


السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان  إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي

السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان  إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي

السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان  إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي

السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان  إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي

السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان  إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي

السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان  إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي

السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان  إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي السفيرة نميرة نجم خلال جلسات تحت عنوان إفريقيا، الثقافة، والقانون الدولي
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة