تواصل مصر، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، اضطلاعها بدورها التاريخي والإقليمي كركيزة أساسيَّة للاستقرار والأمان في المنطقة، خاصَّةً في ملف القضية الفلسطينية الشائك، مستندةً إلى ثقلها السياسي والدبلوماسي وعلاقاتها الدولية المتوازنة.
لقد برزَ التحرك المصري الأخير كمحور رئيسي لإنهاء الصراع وتثبيت الهدنة، والدفع الجادِّ نحو مسار سياسي شامل، وذلك من خلال سلسلة من الخطوات الحاسمة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حاصدًا بذلك تقديرًا دوليًّا واسعًا تجسَّد في المحطات الرئيسة التالية:
المحور الدولي والإقليمي: اعترافٌ عالميٌّ بدور مصر
1. زيارة الرئيس للاتحاد الأوروبي والاستقبال الحافل:
فقد قوبل الرئيس السيسي باستقبال حافل في مقرات الاتحاد الأوروبي، وتصفيق حار من البرلمان الأوروبي، وهو ما عدَّهُ المراقبون دلالة واضحة على التقدير العالمي للدور المحوري الذي تضطلعُ به مصر في إدارة ملف الأزمة والتفاوض، وقد أشاد الاتحاد الأوروبي بجهود مصر الفعَّالة في التهدئة، واعتبرها جزءًا أساسيًّا من أي حل دائم.
ومن جانبه، أكَّد السيد الرئيس السيسي تثمين دعم البرلمان الأوروبي "المشرِّف" لوقف الحرب في غزة، مُشدِّدًا على أهمية التعاون لتنفيذ محاور الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين.
2. قمة شرم الشيخ واتفاق وقف إطلاق النار:
فقد تُوِّجَتِ الجهود المصرية بعقد قمة سلام في شرم الشيخ برئاسة مشتركة للرئيس السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة واسعة من قادة ومسئولين من أكثر من 20 دولة، وقد أُعلِنَ عن التوصُّل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الأمر الذي دفع المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ومعه كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، للتعبير عن شكر بلادهم وتقديرها لدور مصر المحوري في إنجاز اتفاق شرم الشيخ، ورغم وجود عقبات، تشير التقارير إلى جهود مستمرة من القاهرة لضمان التزام الأطراف بتنفيذ المرحلة التالية من الاتفاق، والدفع نحو إنهاء الحرب بشكل كامل وتحقيق سلام دائم.
3. ترحيب الدول الأوروبية بالدور المصري الضاغط:
عبَّرَتْ رئيسة البرلمان الأوروبي عن الشكر والتقدير لجهود مصر، مؤكِّدةً أنَّهُ لولا الدور المصري ما كان من الممكن التوصُّل إلى اتفاق وقف الحرب، كما شهدت اللقاءات توافقًا حول أهمية الدور المصري في ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي، ودفع مسار حل الدولتين.
وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أشرف على توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق، أنَّهُ يمثل "صفقة عظيمة لإسرائيل، وللعرب، وللمسلمين، وللعالم أجمع"، مؤكِّدًا دعمَهُ للاتفاق كخطوة حاسمة نحو السلام، وهو ما يشكِّل ضغطًا دوليًّا على إسرائيل للالتزام بتنفيذ جميع البنود.
المحور الداخلي الفلسطيني والإنساني: حجرُ الزاوية
استمرت مصر في لعب دورها كراعية للحوار وصانعة للسلام وداعمة رئيسيَّة لوقف الحرب على غزة، وذلك من خلال المحاور التالية:
1. احتضان مصر للفصائل الفلسطينية:
احتضنت مصر أغلب الفصائل الفلسطينية المهمة على أرضها في مفاوضات مستمرة، وقد أشادت الفصائل بالدور المحوري للرئيس السيسي وجهود مصر الحثيثة، مؤكِّدين أن الموقف المصري يعكس أصالة شعبها وتاريخها في نُصرة القضايا العربية، كما أشار ممثلون عن الفصائل إلى أن مصر أفشلت مؤامرة تهجير الفلسطينيين، ومنعت التطهير العرقي.
2. رعاية الهدنة وحرص الفصائل على إنجاحها:
بالتزامن مع الدور المصري، أظهرت الفصائل الفلسطينية والفلسطينيون عمومًا حرصًا كبيرًا على إنجاح الهدنة وتنفيذ بنود اتفاق شرم الشيخ، وقد دعت حماس، بعد التوقيع، الدول الضامنة للاتفاق، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى إلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ البنود بالكامل، ما يعكس الرغبة في استمرار مسار السلام الذي ترعاه القاهرة.
3. شريانُ الحياةِ الإنسانيُّ لغزَّةَ:
تُعدُّ مصر البوابة الرئيسية لدخول المساعدات لقطاع غزة، فقد تجاوز حجم المساعدات الإجمالي الذي دخل القطاع عبر معبر رفح حتى الآن 7,000 شاحنة، حاملةً ما يزيد عن 130,000 طن من الإمدادات المتنوعة، وساهمت مصر وحدها بأكثر من 60 ألف طن من المساعدات. كما استقبلت المستشفيات المصرية أكثر من 5 آلاف جريح فلسطيني لتلقِّي العلاج، وأنشأت مستشفًى ميدانيًّا كبيرًا، مؤكِّدةً بذلك دورها الثابت كشريان حياة للشعب الفلسطيني.
ختامًا:
تظل مصر حجر الزاوية في أي محاولة جادة لإنهاء الصراع وتحقيق الأمن؛ حيث إن تحرُّكَها الدبلوماسي، من العواصم الأوروبية إلى قمة شرم الشيخ ولقاءات الفصائل في القاهرة، يرسِّخ مكانتها كقوة لا غنى عنها لترسيخ الاستقرار الإقليمي والدفع نحو حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.