التطوير العقاري في انتظار القانون

23-10-2025 | 10:23

النمو الكبير والمتسارع الذي يشهده السوق العقاري المصري، واتجاه الدولة لاجتذاب الاستثمارات العالمية في هذا القطاع على قدر ما يحمله من علامات واضحة على انطلاقة تنموية مبشرة بالمناطق الساحلية بمصر على قدر ما يحمل الحكومة مسئولية ضرورية وعاجلة تتمثل في سرعة إصدار قانون تنظيم نشاط التطوير العقاري.

خلال السنوات القليلة الماضية دخل عدد كبير من الشركات إلى هذا المجال وطبقا لتقرير غرفة التطوير العقاري يبلغ عدد الشركات حاليًا ما يقرب من 2000 شركة منها من يمتلك خبرة، وإمكانات حقيقية، والبعض الآخر دون إمكانيات مالية، أو فنية كافية، ويعاني من مشكلات تتعلق بتأخر التسليم، أو عدم الالتزام بالمواصفات، وبالخدمات الخاصة بكل مشروع آلاف الحالات من المواطنين لا يستطيعون الحصول على حقوقهم من الشركات غير الملتزمة، ويعانون سنوات طويلة في طريق التقاضي، أو تنفيذ ما يصدر لصالحهم من أحكام بسبب الاعتماد حاليا على آليات تنظيم تتوزع بين جهات متعددة، منها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وجهاز حماية المستهلك، وهيئة الاستثمار، دون وجود إطار قانوني حاكم يحقق مصالح الدولة، والمستثمر، والعميل، ويضمن استدامة جاذبية هذا القطاع.

القانون المنتظر لتنظيم هذا السوق ليس رفاهية، ولكنه ضمانة، ورسالة اطمئنان لكل من يرغب، أو يخطط لشراء عقار في مصر . تقرير نشرته إحدى الجهات المتخصصة أوضح أن نحو٥٠٪؜ من الأثرياء العرب يخططون لشراء عقارات  خاصة بالمحافظات السياحية المصرية، كما أشار تقرير آخر إلى أنه من المتوقع ضخ استثمارات عربية وأجنبية تقدر بنحو 150 مليار دولار بمشروعات مماثلة لمشروع رأس الحكمة.

مشروع القانون طبقا لما نشر عنه لا يهدف إلى التضييق على المطورين، بل إلى وضع معايير تفرق بين الجاد والعشوائي، وتمنح السوق مصداقية طال انتظارها. التسجيل الإلزامي، والتصنيف وفق القدرات، وسابقة الأعمال، وكذلك ربط سداد الأقساط بتقدم التنفيذ الفعلي للمشروع، وإلزام المطور بالإفصاح الكامل عن الوضع المالي، والجدول الزمني، إلى جانب إنشاء لجنة لحل النزاعات بعيداً عن التقاضي الطويل سوف يحقق التوازن بين مصالح جميع الأطراف.

أتمنى أن يتضمن مشروع القانون معاقبة الشركات غير الملتزمة حاليا، وحرمانها من أي مشروعات مستقبلية حتى تحل مشكلاتها مع عملائها. تنظيم سوق التطوير العقاري في مصر ليس خيارًا اقتصاديا فقط بل ضرورة لاستمرار انطلاقة هذا القطاع الذي تتمتع مصر فيه بمزايا نسبية كثيرة؛ حيث يصبح الالتزام والشفافية شرطين للبقاء، وليس خيارين للمنافسة. فالسوق القوي لا يبنى فقط بالأبراج والمنتجعات، بل بقواعد عادلة تحمي الجميع.

كلمات البحث