أحفاد الزيتون.. مبادرة تحمل الأمل لأطفال غزة في قلب القاهرة

22-10-2025 | 18:10
أحفاد الزيتون مبادرة تحمل الأمل لأطفال غزة في قلب القاهرةأحفاد الزيتون (أطفال غزة)
أميمة رشوان
الشباب نقلاً عن

نحو 2000 متطوع يوفرون مساحة آمنة لدعم أطفال غزة نفسيًا وتعليميًا

موضوعات مقترحة

منذ اندلاع العدوان على غزة، صدمتنا مشاهد قاسية لم نكن نتخيّل أن نشهدها يومًا: أطفال يُنتشلون من تحت الركام، آخرون يودّعون ذويهم أمام أعينهم، ووجوه صغيرة تتلمّس بين الدمار ملاذًا أو حضنًا يخفف عنهم الفقد والخوف، وفي خضم هذا المشهد، اختارت "إسراء علي" أن تخوض معركتها الخاصة.. لا بالسلاح، بل بالأمل، ومن القاهرة أطلقت مبادرة "أحفاد الزيتون"، لتصنع حلمًا بسيطًا سرعان ما أصبح مساحة آمنة للأطفال الفلسطينيين، يتعلّمون فيها، يعبّرون عن آلامهم، ويستعيدون شيئًا من طفولتهم المفقودة، وفي هذا الحوار، نتعرف علي تفاصيل أكثر عن هذه المبادرة من مؤسستها. 

كيف وُلدت فكرة المبادرة؟  

كنت أعيش في كندا، وجئت إلى القاهرة في نوفمبر 2023، وكان هدفي أن أجد عملاً تطوعياً أشارك فيه، خاصة في ظل اندلاع حرب الإبادة في غزة، وخلال شهور قليلة تعرّفت على عائلات وأطفال ورأيت بعيني آثار ما مروا به من دمار، وكيف سُلبت طفولتهم وتعليمهم، وفي رمضان 2024 كنت على وشك العودة إلى كندا، لكن بشكل عفوي صوّرت فيديو على "تيك توك" و"إنستغرام" قلت فيه إنني أرغب في مساعدة أطفال غزة في جانب الصحة النفسية والتعليم، وطلبت من أي شخص يرغب أن يتطوع. لم أكن أتوقع شيئاً كبيراً، لكن فوجئت بأن خلال 48 ساعة سجّل أكثر من ألفي شخص، وأبدوا رغبتهم في التطوع. كانوا من خلفيات متنوعة : مدرسين، أطباء، مهندسين، أخصائيين نفسيين. عندها شعرت بمسئولية ضخمة. لاحقاً، عندما فتحت باب التسجيل للأطفال، خلال يومين فقط سجل 2000 طفل، فاضطررت لإغلاق التسجيل، عدت إلى كندا فترة قصيرة، لكنني لم أستطع التوقف، وعدت إلى القاهرة في مايو 2024، ومن هنا انطلقت المبادرة بشكل رسمي.

أحفاد الزيتون (أطفال غزة)

ما أبرزالتحديات التي واجهتك عند الانطلاق؟

على الصعيد الشخصي، كنت هنا مع زوجي فقط، بينما أهلي جميعهم في كندا. لم أكن أعرف الشوارع أو الناس، وكنت أواجه كل شيء وحدي تقريباً. أما على صعيد المبادرة، فلم يكن هناك أي دعم مادي، كل شيء اعتمد على الجهود الذاتية من المتطوعين والأصدقاء والأقارب. ومازلنا نأخذ الأمور خطوة بخطوة دون خطة واضحة بعيدة المدى، لأننا لم نكن نعرف ما سيحدث. الأطفال خرجوا لتوهم من حرب إبادة، ومستقبلهم كان مجهولاً، نحن فقط نستمر في بذل الجهد ونتوكل على الله.

أحفاد الزيتون (أطفال غزة)

وكيف تمكنتم من تكوين فريق عمل متماسك من المتطوعين؟

الراغبون في المساعدة كثيرون. لكن التحدي كان في تنظيم الأوقات، وتدريب المتطوعين، والتأكد من أن خبراتهم تناسب احتياجات الأطفال. حتى اليوم لدينا أكثر من 90 متطوعًا يعملون معنا بانتظام. أما التمويل فلا يزال ذاتيًا، يعتمد على تبرعات بسيطة من المحيطين بنا ومن المجتمع المصري الذي لم يبخل علينا

أحفاد الزيتون (أطفال غزة)

بعد هذا الإقبال الكبير، كيف كانت البداية الفعلية على أرض الواقع؟

بدأنا تسجيل الأطفال وإجراءات الأوراق الرسمية، وأدركت أننا بحاجة إلى مقر خاص للعمل بفعالية أكبر . بدأنا التدريب مع أخصائيين نفسيين، المدرسون بدأوا إعداد المناهج، وكان علينا تنظيم الاجتماعات وتوزيع المهام، وكل ذلك مع متطوعين لم يلتقوا بي شخصيًا إلا من خلال فيديو واحد فقط ، كما ساعد المجتمع المصري في التبرعات العينية، مثل الكراسي والسبورات والأدوات الأساسية، وكان ذلك دعمًا كبيرًا لإنجاح المشروع. ومنذ مايو 2024، ونحن مستمرون بدون توقف.

أحفاد الزيتون (أطفال غزة)

هل كل الأطفال الذين تستقبلونهم يأتون للعلاج فقط؟

حالياً نعم، نحن الآن في الموسم الرابع، وكل الأطفال المسجلين لدينا ـ ما بين 280 إلى 300 طفل ـ جاءوا إلى مصر ضمن تحويلات طبية بسبب إصابات أو أمراض. لكن في البداية كان هناك مزيج: بعضهم جاء مع عائلته، وآخرون مصابون، وآخرون بسبب ظروف مختلفة.

أحفاد الزيتون (أطفال غزة)

ما شعورك الشخصي خلال الأيام الأولى للمبادرة؟

أكثر ما يؤثر فيَّ هو رؤية القهر والظلم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال والتعليم. ما مر به أطفال غزة شيء لا يمكن لبشر أن يستوعبه: سنوات بلا تعليم، أيتام، إصابات، فقدان للأمان. من اليوم الأول وحتى الآن أشعر بثقل الظلم الذي عاشوه، وأسعى لتقديم أي دعم ممكن ليشعروا بالأمان والطفولة الطبيعية، وكان التحدي الأكبر أن نكون سنداً لهم ونجعلهم يشعرون بذلك وأننا لم نكن هناك بدافع الشفقة، بل لنقف بجانبهم وتدريبنا الأول ساعدنا على فصل مشاعرنا والتركيز على الأطفال. والتعامل مع 300 طفل لأول مرة كان تحديًا كبيرًا جدًا تعلمنا أن نترك مشاعرنا الشخصية خارج باب "أحفاد الزيتون"، ونركز فقط على ما يحتاجه الطفل.

أحفاد الزيتون (أطفال غزة)

حدثينا عن المنهج الذي تتبعونه مع الأطفال؟

الأساس عندنا هو توفير بيئة آمنة تعيد إليهم طفولتهم. بعدها يأتي التعليم. نعمل على الصحة النفسية من خلال العلاج بالفن، الكورال التراثي الفلسطيني، الجلسات الإرشادية الجماعية، المسرح، والأنشطة التربوية. أما في التعليم فنُعيد تأهيل الصغار في اللغة العربية والإنجليزية والحساب، والكبار يدرسون الإنجليزية والبرمجة والتصميم وكل موسم نعدل المنهج حسب احتياجات الأطفال.

إلى أي عمر تستقبلون الأطفال؟

من 6 إلى 17 سنة

هل هناك قصة معينة لطفل ما زالت عالقة في ذاكرتك؟

نعم، قصة "ليان". جاءت في الموسم الأول وهي مصابة بعدما فقدت اثنين من إخوتها في غزة. كانت في بداية المراهقة وتغيرت حياتها بالكامل. ورغم ذلك، أدهشني حنانها وحرصها على من حولها. كانت مليئة بالحب والعطاء. رغم ألمها، كانت تسألني دومًا: هل أكلتِ؟ هل تحتاجين ماء؟ "ليان" علمتني الكثير على مدار عام كامل رأيتها تتغير وتتحول إلى فتاة رائعة متسامحة وستظل قصتها محفورة في قلبي.

ما الذي تعلمته شخصيًا من أطفال غزة؟

تعلمت معنى الإنسانية الحقيقية. هؤلاء الأطفال مروا بمآسٍ هائلة، ومع ذلك يملكون من التسامح والحب ما يفوق التصور. تعلمت منهم القدرة على العطاء رغم الألم والثبات والإصرار على العودة لبلدهم . لهذا سمينا المبادرة "أحفاد الزيتون" رمزًا للجذور والصمود.

هل هناك خطط لتوسيع المبادرة مستقبلًا؟

حاليًا نركز على استمرارية العمل الحالي، وما زلت لم أحدد خطط التوسع بعيدة المدى. تركيزي الآن على تلبية احتياجات الأطفال اليومية وهى كثيرة جدا ، وأهم ما نحتاجه الآن هو مكان أوسع، ليستوعب الأنشطة والأطفال بشكل أفضل. لذلك أدعو كل من يرغب بالمساعدة أن يزور صفحتنا على إنستجرام أو موقعنا الإلكتروني، ليرى بنفسه ما نقوم به. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: