كش ملك.. باسم أمين يهجر الطب من أجل الشطرنج

التعارض بين كأس العالم والدراسة اضطره لإعادة السنة. ثم ترك المهنة بعد التخرج

هل تتخيل أن هناك من يكون متفوقا دراسياً ويصل إلى كلية الطب وبعد التخرج يترك المجال من أجل لعبة يحبها؟.. هذا ما فعله باسم أمين، الذي ترك مهنة الطب من أجل شغفه بلعبة الشطرنج، والتي بدأ رحلته معها من سن 5 سنوات، ليحصد العديد من البطولات والألقاب، ويصل إلى أعلى لقب في لعبة الشطرنج وهو الجراند ماستر كأول مصري وعربي وإفريقي يحقق ذلك، ولكن الرحلة كانت مليئة بالتحديات سواء أثناء الدراسة أو بتواجده مع المنتخب المصري، ورفض الحصول على الجنسية الأمريكية واللعب باسم أمريكا، تفاصيل تلك الرحلة يتحدث عنها باسم أمين في الحوار التالي..
كيف بدأت علاقتك بالشطرنج؟
بدأت من سن 5 سنوات، فوالدي شعر بأنني أحب اللعبة وأتعلق بها، وبدأ يهتم بي بشكل أكبر وبتدريبي عليها، ونحن عائلة من طنطا، وبدأ يوفر لي مدربين من طنطا، ومع الوقت شاركت في بطولة الجمهورية تحت 12 سنة وحصلت على المركز الثاني، وبعدها لعبت في الدوري الممتاز، واستمرت المسيرة.
وكيف كنت تحقق التوازن بين اللعب والدراسة؟
كنت دائما أضع في تفكيري أن الدراسة شيء مهم، ولذلك سعيت لتحقيق التوازن بين الدراسة والشطرنج، وأسرتي دعمتني في ذلك بشكل كبير، وكان أمرا مرهقا بالتأكيد ولكن كان لديّ إصرار على التفوق في الجانبين، والحمد لله حصلت على 97% في الثانوية العامة، وكنت وقتها قد حصلت على بطولة إفريقيا تحت 20 سنة فحصلت على 7% كحافز رياضي، وكل ذلك دعمني في دخول كلية الطب.
وهل كان هدفك من البداية الالتحاق بكلية الطب؟
نعم كان لديّ هدف في الالتحاق بكلية الطب أو الصيدلة، فوالدي طبيب، وأخي أيضا طبيب ويعمل في ألمانيا، فكنت متأثرا بهما وبنجاحهما، ولذلك أردت أن أسلك هذا المسار، وهو ما تحقق.
وهل كان من السهل أن تلعب الشطرنج بجانب الدراسة بكلية الطب؟
حدثت لي مشكلة في السنة الثالثة عام 2008، حيث كانت لديّ فرصة لآخر مشاركة في بطولة العالم تحت 20 سنة، وكانت البطولة متعارضة مع الامتحانات، فإذا دخلت الامتحان فلن ألعب البطولة، وإذا شاركت في البطولة سأعيد السنة، فكان الاختيار صعبا، إما أن أتنازل عن حلمي بالمشاركة في البطولة أو أعيد السنة، واخترت المشاركة في البطولة لأنها كانت آخر فرصة، وحصلت على الميدالية البرونزية وأعدت السنة، رغم محاولات العميد لدعمي ولكن اللوائح لم تدعمني، وتخرجت في 2012.

وهل مارست مهنة الطب؟
مارست المهنة في أول سنة امتياز لأنها أساسية من أجل التخرج، ثم التحقت بالجيش عام 2015، وكان قراري وقتها الاستقالة من وزارة الصحة والتركيز بشكل أكبر في الشطرنج.

وهل هذا القرار كان سهلا بعد سنوات الدراسة بالكلية؟
كان سهلا لأني وصلت إلى مرحلة مهمة في الشطرنج، فكنت رقم واحد في مصر، وحققت العديد من الإنجازات وقتها، وهذا كان شغفي من صغري، وأسرتي دعمتني في قراري، والحمد لله لم أشعر أبدا بالندم لأني أفعل ما أحبه.

وما أبرز الإنجازات التي حققتها؟
حصلت على بطل إفريقيا 7 مرات، والبطولة العربية 3 مرات، بجانب لقب بطل البحر المتوسط، وبرونزية العالم مرتين تحت 20 سنة، بجانب المشاركة في بطولات دولية كبرى، ومنها مهرجان أبوظبي، وعلى مستوى التصنيف العالمي كنت أول مصري وأفريقي وعربي يتجاوز 2700 نقطة، فلم يصل أى أحد من مصر والوطن العربي إلى ذلك، وأفضل تصنيف وصلت إليه هو المركز الـ 33 على العالم، وانضممت إلى قائمة أفضل 100 لاعب في العالم، والتي دخلتها عام 2012 ومازلت فيها حتى الآن، وحصلت على لقب الجراند ماستر وهو أعلى لقب رسمي في لعبة الشطرنج مثل الدكتوراه على سبيل المثال، وحصلت عليه نتيجة تفوقي في اللعبة، بجانب لقب السوبر جراند ماستر، وهو لقب غير رسمي يحصل عليه اللاعبون المتفوقون، فهناك 2000 لاعب في العالم حصلوا على لقب الجراند ماستر وأنا منهم، ومنهم 120 لاعبا فقط في تاريخ اللعبة الذين تعدوا 2700 نقطة وأنا منهم، ومنذ أيام حصلت على المركز الثالث والميدالية البرونزية فى بطولة كأس قوناييڤ بكازاخستان برصيد 6 نقاط من 9 مباريات وبدون هزيمة بمشاركة أكثر من 60 لاعبا ولاعبة من 18 دولة بينهم أكثر من 20 أستاذا دوليا كبيرا.

وما أهم العوامل التي اعتمدت عليها للاستمرار بتفوق في الشطرنج؟
كلها جهود ذاتية، فلا يوجد أي دعم من أي جهة، والروابط الرياضية تسعى إلى توفير أي رعاية لي بدون جدوى، وكان هناك رعاية مع البنك الأهلي ولكن توقفت، فالروابط تستقطب الرعاة، ولكن ليس هناك أي راع حتى الآن، بجانب أن الإمكانيات ضعيفة، وأتمنى أن يكون هناك رعاة للاتحاد والمنتخب وللاعبين المميزين مثلما يحدث في ألعاب أخرى، فنحن حققنا إنجازات عربية وقارية وعالمية، وأحد اللاعبين بمصر فاز بكأس العالم، فيجب توفير رعاة.

وما التحديات الأخرى التي تواجهك؟
كل شيء في الرياضة يحتاج إلى أموال والمشاركة في بطولات خارجية ومدربين، فنحن ليس لدينا مدرب لمنتخب مصر الأول ونعتمد على أنفسنا، ولا توجد مكافآت للاعبين، وكل لاعب لديه أسرة والتزامات، فلكي نحقق البطولات يجب ألا يكون لدينا قلق من التكلفة والمصاريف واحتياجاتنا واحتياجات أسرنا، حتى نستطيع تحقيق نتائج جيدة، فاللاعبون يحتاجون إلى دعم، ويجب أن يبدأ الدعم خلال سنوات الدراسة، فللأسف ليس هناك أي ترابط بين الدراسة والرياضة، وهو ما أثر عليّ في كلية الطب، فيجب أن يكون هناك قانون ينظم هذا الأمر، حتى في الدراسة بالمدرسة، فأتذكر أني كنت في المدرسة الإعدادية وكنت أسافر للعب بطولة كأس العالم وأعود لأجد 3 إنذارات فصل من المدرسة، ويقولون لى ليس لنا علاقة بالأمر، فيجب حل هذا الأمر لمساعدة اللاعبين على التألق، بجانب أهمية وجود مدرب أجنبي، فنحن نلعب بدون مدرب منذ 2003، والأندية بالخارج لا توفر أى مدربين لأنهم يعتمدون على لاعبين أجانب من المفترض أن يكونوا مؤهلين في بلادهم.
وكيف تحقق الربح من الشطرنج؟
لا أحقق أي ربح بمشاركتي مع منتخب مصر، ولكن الاعتماد يكون على البطولات العالمية التي أشارك فيها، فأنا لاعب محترف وألعب في أندية بألمانيا والمجر وفرنسا والسويد، فنظام الشطرنج مختلف عن أي لعبة، ويمكن للاعب تمثيل أندية في دول مختلفة، فالدوري في ألمانيا على سبيل المثال يبدأ من أكتوبر حتى مايو، وفي السويد الدوري عبارة عن 9 مباريات على 3 مراحل والمواعيد مختلفة، وفي فرنسا الدوري يكون في يونيو، فمسموح باللعب في أكثر من مكان، فأستطيع اللعب في كل تلك الدوريات حتى أحقق مكسب مادي.