في خطوة تعكس توجه الدولة نحو التحول الرقمي وتعزيز الابتكار الصناعي، تسعى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة إلى تبنّي تقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد ضمن مشاريعها المستقبلية في مجالات الصيانة، وتطوير مكوّنات محطات الطاقة، وإنتاج النماذج الهندسية بدقة وكفاءة عالية.
موضوعات مقترحة
تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الوزارة إلى خفض التكلفة التشغيلية، وتسريع عمليات الإنتاج، وتعزيز الاعتماد على التصنيع المحلي المدعوم بالتقنيات الحديثة، بما يتماشى مع رؤية الدولة نحو التنمية المستدامة والطاقة النظيفة.
تطبيقات عملية للطباعة ثلاثية الأبعاد في الصناعة والرعاية الصحية والطاقة
كما تهدف الوزارة من خلال هذا التوجّه إلى توطين التكنولوجيا ودعم الكفاءات الوطنية في مجالات الهندسة والتقنيات المتقدمة، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة والصناعات الذكية.
وعبر السطور التالية نستعرض أهم وأبرز المعلومات عن تكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد التي سوف تكون بوابة مصر إلى قلب الثورة الصناعية الرابعة.
الطباعة الثلاثية الأبعاد.. ركيزة الثورة الصناعية الرابعة
لم تعد الطباعة الثلاثية الأبعاد مجرد تقنية مبتكرة، بل أصبحت إحدى ركائز الثورة الصناعية الرابعة، حيث تُعيد صياغة مفهوم الصناعة والإنتاج، فبفضلها أصبح بالإمكان تصنيع قطع معقدة ودقيقة خلال ساعات بدلًا من شهور، مع خفض التكلفة وزيادة الكفاءة، وفي ظل هذا التطور، تسعى مصر إلى الاستفادة من التجربة الروسية لتكون في قلب التحول الصناعي العالمي لا على هامشه.
تطبيقات عملية للطباعة ثلاثية الأبعاد في الصناعة والرعاية الصحية والطاقة
التصنيع بالحزمة الإلكترونية
قدّمت مؤسسة روساتوم الحكومية والمسئولة عن انشاء محطة الضبعة النووية نموذجًا متكاملًا في التصنيع الإضافي، يمتد من تطوير المواد المتقدمة إلى تصنيع الطابعات الصناعية الثلاثية الأبعاد، وتشمل أنظمتها طابعات RusMelt 600M بتقنية الانصهار بالليزر الانتقائي (SLM) لإنتاج المكونات الضخمة، وRusMelt 300M للمهام الدقيقة، بالإضافة إلى تقنيات الإيداع المباشر للمعادن (DMD) والتصنيع بالحزمة الإلكترونية (EBAM) لتلبية احتياجات قطاعات الطيران والهندسة الميكانيكية.
صناعة متكاملة ومراكز تدريب متقدمة
لم تكتف روسيا بتطوير الأجهزة فحسب، بل أنشأت صناعة متكاملة تشمل تصنيع الليزرات والمجسات وإنتاج مساحيق المعادن وتطوير البرمجيات، كما افتتحت مؤخرًا أول مركز روسي لتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في بيلاروس ليكون مركزًا للأبحاث والتدريب والتطبيق الصناعي، ما يفتح المجال أمام نقل الخبرة إلى مصر من خلال برامج تدريبية مشتركة.
تطبيقات عملية تدعم الاقتصاد المصري
تتجلّى القيمة العملية للطباعة الثلاثية الأبعاد في قطاعي الصناعة والرعاية الصحية؛ ففي الصناعة تُنتج قطع الغيار عند الطلب، مما يقلل فترات التوقف ويحافظ على كفاءة التشغيل، أما في القطاع الطبي، فتتيح حلولًا اقتصادية تشمل الأطراف الصناعية المخصصة والأدوات الجراحية الدقيقة، وهي مجالات تتوافق مع رؤية مصر 2030 لتحسين جودة الحياة وتعزيز الابتكار المحلي.
الاستثمار في الإنسان هو الأساس
ترى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة أن نجاح هذه التقنية لا يتوقف على الأجهزة فقط، بل يعتمد على تأهيل الكوادر البشرية القادرة على التعامل مع مفاهيم التصميم الرقمي، والهندسة العكسية، وإدارة الإنتاج الذكي، كما تتسق هذه الجهود مع توجه مصر نحو الاقتصاد الأخضر، إذ تسهم الطباعة ثلاثية الأبعاد في تقليل الفاقد وإعادة تدوير المواد، مما يعزز الاستدامة ويحافظ على الموارد الطبيعية.
رهان على المستقبل
الطباعة الثلاثية الأبعاد ليست مجرد تكنولوجيا جديدة، بل رهان على مستقبل الصناعة المصرية، فكما أثبتت التجربة الروسية قدرتها على إعادة تعريف التصنيع، تمتلك مصر بشبابها الطموح وإرادتها السياسية الواضحة المقومات الكاملة لتحويل هذه التجربة إلى واقعٍ ينهض بالصناعة ويعزز مكانتها في الاقتصاد العالمي.