تحديات تسجيل العقارات

20-10-2025 | 12:47

يواجه تسجيل العقار في مأموريات الشهر العقاري في مصر تحديات كثيرة تعطل الرغبة والحاجة لدى المواطنين لتسجيل عقاراتهم، على الرغم من مناداة الحكومة بالتسجيل لضمان الحقوق.

وأول هذه التحديات هي عدم قدرة الشهر العقاري على تسجيل العقار مباشرة من دون رفع مساحي معتمد أولًا حتى يمكن تسجيل العقار. وهنا يبدأ التحدي، فالرفع المساحي متوقف منذ بضعة أشهر في الأحياء التي كانت تقوم سابقًا بالمهمة، وأن الرفع لم يعد متاحًا إلا عبر موقع حكومي على شبكة الإنترنت أو في المراكز النموذجية للتسجيل العقاري. 

وفي تلك المراكز، حيث من المفترض أن يجد طالب التسجيل ضالته المنشودة، لا يقدمون المساعدة، إما لضعف في البنية الرقمية أو عدم التدريب والكفاءة الوظيفية.

وتضيق فرص التسجيل إذ اختفى منها العنصر البشري وبات لها موقع موحد لا يتلقى طلبات المسح العقاري إلا بالصدفة الحسنة؛ لأن الصدف السيئة هي الزاد اليومي للموقع. والمثير في الأمر هو ما سمعته من ضغوط على الموقع حتى أنه لا يكون متاحًا إلا عند منتصف الليل، ولمدة نصف ساعة فقط، وأنت وحظك. 

والحياة الرقمية لا يمكن أن تعيش بالحظ؛ لأنه من المفترض أن تصمم المواقع على قبول كافة الطلبات، والرد برسالة إلى صاحب الطلب تؤكد له وصول طلبه، وسيقومون بالرد عليه في غضون أسبوعين مثلًا. وعلى نمط البنوك: جميع الموظفين مشغولون الآن وسنرد عليك بعد أن يفرغ بعضهم، وبعـد دقائق من الموسيقى يتم الرد فعلًا.

إن موقع تسجيل طلبات الرفع المساحي بهذا الشكل وبهذه الإمكانية لا يتماشى مع قرارات الحكومة في تسهيل وتشجيع مُلّاك العقارات على التسجيل ضمانًا لحقوقهم ولحقوق الدولة أيضًا، وأجهزة التحول الرقمي لا تقبل، وكأنها أصبحت أجهزة طرد مركزي ورفض مؤسسي، مما يكشف عن تحديات عميقة للتحول الرقمي في مصر، قد تكون مرتبطة بالعنصر البشري أو بالبنية التحتية أو بهما معًا.

وحتى نكون منصفين فإنه يبدو أن هناك ضغطًا مُضاعفًا على خبراء أو موظفي الرفع المساحي، والذين باتوا مُطالبين بتلقي طلبات هائلة للرفع في ظل تسهيلات الحكومة في تسجيل العقارات. 

ولنلقي نظرة على حجم طالبي خدمات التعامل الرقمي في مصر، وهو حديث عهد بالبلاد، فقد بدأ قبل خمس سنوات فقط، ووصل إلى حوالي 10 ملايين مستخدم، بحسب تصريحات وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، وهو رقم ليس كبيرًا إذا قارناه بعدد السكان الفعلي.

لكن ليتذكر مسئولو الحكومة أن التحول الرقمي جاء برغبة وبقرار منها للقضاء على البيروقراطية، وأن الحكومة رأت ضرورة "الرقمنة" لمحاصرة الرشوة وفساد الإدارة، وخصوصًا المحليات وحوكمة العمليات. وهي أهداف نبيلة كان يجب أن تتبعها الحكومة بالتدريب والخبرات ورفع الكفاءة والتنمية البشرية، لكي ننتقل بسلاسة من ظلام عصر الدفاتر والأضابير والقلم الكوبيا إلى أضواء الشاشات الذكية، من دون أن نبخس الجهود الواضحة في بنود كثيرة تُقدم فيها الخدمة بكفاءة.

وحسب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، فإن منصة مصر الرقمية توفر 180 خدمة حكومية، وتتعهد الوزارة بتدريب مئات الآلاف من الشباب، ما يجعل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأعلى نموًا بين قطاعات الدولة على حد تعبيره.

لقد بدأت مصر في تقديم الخدمات عبر حلم الحكومة الإلكترونية منذ عهد حكومة الدكتور أحمد نظيف، وكان تأسيس القرية الذكية في هذا الإطار ولهذا الغرض، لكن لم تتمكن حكومته سوى من تقديم خدمات بسيطة لا تتجاوز خمسة أو ستة خدمات في مجال الاستعلام. بينما الآن تضاعفت الخدمات المقدمة بشكل غير مسبوق، لكن تظل المشكلة القائمة هي في قصر الخدمات على التعامل الإلكتروني، من غير تصور مسبق عن حجم الطلب الذي يلامس الحلم، مع محدودية الإمكانيات وحوكمة العمليات، فتحدث تحديات وأزمات ليس لها حل واضح وسهل مثل الرفع المساحي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: