نظمت رابطة الجامعات الإسلامية ندوة ثقافية تحت عنوان "دور الجامعات في ترسيخ السلم المجتمعي"، وذلك في بيت السناري بحي السيدة زينب، فى أجواء فكرية جمعت بين عبق المكان وثراء الفكرة، وبمشاركة نخبة من الأساتذة والمفكرين، أدارها الإعلامى أيمن عدلي أمين الإعلام بالرابطة.
موضوعات مقترحة
شهدت الندوة حضورًا نوعيًّا من الأكاديميين والشخصيات العامة والمهتمين بقضايا التعليم والثقافة والإعلام، في إطار جهود الرابطة لتعزيز الوعي بقيم التعايش والسلام ونشر ثقافة الحوار في المجتمعات الجامعية والعربية.
السلم المجتمعي لا يتحقق إلا بثقافة الحوار
وفي كلمته أكد الدكتور سامي الشريف، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أن الجامعات ليست مجرد مؤسسات تعليمية، بل هي مؤسسات لبناء الإنسان وصناعة الوعي ونشر القيم الإنسانية العليا.
وقال :إن السلم المجتمعي لا يتحقق إلا بزراعة ثقافة الحوار وقبول الآخر، مشيرًا إلى أن الإسلام جاءت برسالته رحمة للعالمين، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم جسّد في حياته أنموذجًا للتعايش والاحترام الإنساني مما يؤكد أن الإيمان الحق سلوك حضاري وليس شعارات جوفاء.
وأشار إلى أن رابطة الجامعات الإسلامية تسعى من خلال برامجها ومبادراتها إلى بناء وعي طلابي يقوم على الانفتاح والفهم المشترك، مؤكدًا أن المرحلة الحالية تتطلب من الجامعات أن تكون في طليعة مواجهة الفكر المتشدد عبر نشر العلم والثقافة والبحث العلمي الرصين.
تطوير المناهج ضرورة ملحة لتعزيز قيم التسامح
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد بلبولة، عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أن الطالب هو محور العملية التعليمية والركيزة الأساسية في بناء مجتمع مستنير، مشيرًا إلى أن تطوير المناهج الجامعية بات ضرورة ملحة لتعزيز قيم التسامح والابتكار.
وأضاف (د.بلبولة): "نحن في دار العلوم لم نعد نكتفي بتدريس التراث فقط، بل أدرجنا موضوعات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي ومقارنة الأديان والحوار الثقافي؛ لأننا نريد طالبًا يجمع بين العقل والضمير، وبين العلم والإيمان".
وأكد أن الثقافة هي السلاح الأقوى في مواجهة العنف والتطرف، مستشهدًا بأعمال الأدب والمسرح التي أسهمت في ترسيخ قيم الإنسانية والوعي المجتمعي.
وتحدث الدكتور حسين أمين، أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عن الدور الحيوي للإعلام في دعم السلم المجتمعي، قائلاً إن الإعلام الحقيقي هو الذي يفتح نوافذ الحوار لا معارك الكراهية، ويعزز ثقافة التفاهم لا الإقصاء.
وأضاف أن العالم اليوم يعيش ما وصفه بـ"حرب الوسائط"، حيث تتداخل الصورة مع الكلمة والصوت، مما يفرض على الإعلاميين أن يكونوا أكثر وعيًا بمسؤولياتهم، وأوسع انفتاحًا على الثقافات الأخرى.
ودعا الدكتور أمين إلى تجديد الخطاب الإعلامي بما يواكب متغيرات العصر ويستند إلى أخلاقيات المهنة، مؤكدًا على أهمية إحياء التراث الصحفي العربي وتدريب الأجيال الجديدة على إنتاج المعرفة لا مجرد استهلاكها.
وفي مداخلة ثرية، شدّد الدكتور محمد زينهم، أستاذ الفنون التطبيقية بجامعة حلوان، على أن الفن هو لغة الشعوب وأداة راقية لتحقيق السلم المجتمعي، موضحًا أن الجمال والفن الصادق يطهّران النفس ويهذّبان الوجدان.
وقال د.زينهم: "حين يتشابك الفن مع الإيمان يتحرر الدين من الجمود، وتصبح الثقافة طريقًا إلى النور والسلام".
وأشار إلى ضرورة دعم الأنشطة الفنية في الجامعات لتكون جسرًا للتقارب بين الطلاب من مختلف الاتجاهات، ولإعلاء قيم الجمال والاحترام المتبادل.
وفي ختام الندوة، أكد المشاركون أن الجامعة ليست جدرانًا للتلقين، بل جسورًا تمتد نحو المجتمع، وأن رسالتها الحقيقية هي بناء إنسان مستنير يؤمن بالحوار ويحتضن الاختلاف بوصفه ثراءً إنسانيًا لا تهديدًا.
ومن الجدير بالذكر أن أنشطة رابطة الجامعات الإسلامية تأتي في إطار رسالتها الكبرى لبناء الإنسان الجامعي الواعي القادر على الإسهام في ترسيخ السلم المجتمعي على المستويين الوطني والعالمي، فضلًا عن إرسال كل ما من شأنه الارتقاء بالإنسان سلوكًا وثقافة من خلال إلقاء الضوء على مستحدثات العصر وكيفية الاستفادة منها.