أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، بعدما أشاد مرتين بانخفاض معدلات الجريمة في مصر خلال زيارته الأخيرة إلى شرم الشيخ؛ ليسلط الضوء من جديد على تجربة مصر في فرض الأمن ومكافحة الجريمة والإرهاب خلال السنوات الأخيرة.
ولا شك أن إشادة ترامب تعكس واقع التحسن الملحوظ في مؤشرات الأمن داخل مصر خلال السنوات الأخيرة، بعد تبني إستراتيجية شاملة لمكافحة الجريمة والإرهاب تقوم على الردع المبكر، والانتشار الأمني المكثف، والتوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة.
وأشاد ترامب خلال لقائه المشترك مع الرئيس عبدالفتاح السيسي على هامش قمة السلام حول غزة في شرم الشيخ بسياسات مصر الصارمة في مكافحة الجريمة، قائلًا: "لقد قاموا (المصريون) بعمل رائع.. لديهم نسبة جريمة منخفضة جدًّا كما تعلمون؛ لأنهم لا يتعاملون مع الأمور باستهتار كما نفعل نحن في الولايات المتحدة".
وفي طريق عودته إلى واشنطن، جدد ترامب إشادته بمقارنة الأوضاع في مصر ببعض الولايات الأمريكية، قائلًا إنهم "أقوياء جدًّا، ليس لديهم جرائم عنيفة مثلنا"، مضيفًا: "أريد أن يكون حكام الولايات في أمريكا مثل حكام مصر بل وأقوى؛ للحد من جرائم العنف (...) يمكنك في الواقع أن تمشي في الحدائق بمصر دون أن تُسرق أو تُضرب على رأسك بمضرب بيسبول".
وأوضح أنه "كان هناك 4 آلاف حادث إطلاق نار في شيكاغو، وجرائم قتل على مدى فترة زمنية قصيرة نسبيًّا، أي في غضون عام ونصف تقريبًا". ووفق بيانات منصة "ماكرو ترندز" البحثية الأمريكية، شهدت مصر انخفاضًا واضحًا في معدل جرائم القتل بين الأعوام 2015 و2017، حيث وصل المعدل إلى 1.34 لكل مئة ألف نسمة في 2017، بانخفاض نحو 13 بالمئة عن 2016. ولا تتوافر بيانات بشأن معدل الجريمة في 2025 حتى الآن.
وإشادة الرئيس الأمريكي بانخفاض معدلات الجريمة في مصر ما هي إلا انعكاس لحقيقة واضحة يشهد بها الداخل والخارج على حد سواء. فهذا الانضباط الأمني لم يأت من فراغ، بل نتيجة لإستراتيجية أمنية متكاملة نفذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة. الأجهزة الأمنية في مصر اعتمدت خلال السنوات الماضية على تطوير شامل في البنية التكنولوجية والأدوات الميدانية، حيث تم تزويد الأكمنة الأمنية بالأنظمة الذكية، وتوسيع نطاق كاميرات المراقبة، وتدريب ضباط البحث الجنائي على أحدث أساليب التحليل المعلوماتي دون انتهاك لحقوق الإنسان، وهي الإجراءات التي أدت إلى تحقيق معدلات ضبط غير مسبوقة وانخفاض نوعي في الجرائم الجنائية الكبرى.
الجريمة مفهوم نسبي يختلف من دولة إلى أخرى. فنوع الجرائم السائدة في مصر يختلف تمامًا عن تلك المنتشرة في الولايات المتحدة؛ حيث لا توجد عصابات منظمة أو شبكات مافيا مثل الموجودة في أمريكا، حيث تنتشر العصابات المسلحة والتجارة غير المشروعة المنظمة. وبالتالي، فنوع الجريمة وفداحتها مختلفان كليًّا. فبينما هناك جريمة عنيفة ومنظمة في الولايات المتحدة، نجد في مصر جرائم فردية في الأغلب العام. وللحديث بقية.