لعبة العض على الأصابع بين "العم والتنين"!

19-10-2025 | 14:06

المُراقب لما يحدث عالميًّا في عالم السيارات ويتابع ما يحدث فوق السطح بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ويَقِيسُ درجة اشتعال المواقف والقرارات بمعاييرنا الإنسانية، لا بد من أن يتوقع قيام الحرب العالمية الثالثة بعد لحظات.

المخطئ من يقيس مواقف وصراع الدول الكبرى بمعاييرنا الإنسانية في العلاقات الخاصة؛ فالأولى تَحْتَمِلُ الكثير من المراوغة والشد والجذب والضرب والعض على الأصابع، وفي الغُرَفِ المُغْلَقَةِ تدور المباحثات والتنازلات. 

هذا ما يتأكد لنا كل يوم في القرارات الأمريكية والصينية في مجال صناعة الأجهزة التكنولوجية والسيارات -تحديدًا-، فالولايات المتحدة الأمريكية تريد العناصر النادرة، والصين تملك نحو حوالي 44 مليون طن متري من احتياطيات العناصر الأرضية النادرة، مما يُشَكِّلُ حوالي 48% من إجمالي احتياطيات العالم، وأمريكا تستخدم هذه العناصر في صناعة الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي. وذات صباح خرجت الأخبار من داخل الصين بقرار عدم توريد المعادن النادرة لأمريكا. 

وكان الرد السريع من أمريكا بقرار رفع الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية بنسبة 100%، فاهتزت البورصات العالمية وشعر العالم في تلك اللحظات باهتزاز الأرض من شِدَّةِ القرارات من الجانبين.

حكايات وقرارات لكل طرف يَدْفَعُ العلاقات بين الطرفين لحافة الهاوية في الصراع التكنولوجي من جانب، ومن جانب آخر صناعة السيارات وسيادة اللغة الصينية عالميًّا في مجال السيارات الكهربائية أصاب الولايات المتحدة بجنون التسارع في هذه الصناعة، خاصة وأن الصين الآن أصبحت مُتَسَيِّدَةَ تلك الصناعة وفي مقدمة المتسابقين في مضمار السباق عالميًّا بمسافات متباعدة، وهذا دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التسرع بإعلان القرارات.

إن صناعة السيارات ذات التقنية المتقدمة، مثل السيارات الكهربائية والهيدروجينية وذاتية القيادة، دفعت بوتيرة الصراع (الغربي-الشرقي) لمُنْعَطَفٍ جديدٍ غير مأمون الجانب، وقد يؤدي إلى ارتفاع درجة سُخُونة الصراع إلى درجة الاشتعال -من جديد- بين التنين الصيني والعم سام، فلا أحد يتوقع نهايةً لهذا الصراع. فهل ستلجأ الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا لسد حاجتها من المعادن النادرة، أم أنها سوف تعيد اكتشافها -من جديد- داخل أراضيها؟

إن الصراع العالمي في تلك الصناعة لا يتحمل المزيد من البحث، فماكينات المصانع في احتياج شديد لتلك العناصر من أجل اللحاق بالسباق والأسواق العالمية والمكاسب الاقتصادية.

الصين تعرف جيدًا كيف تلعب بورقة العناصر النادرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أنها تدخل في صناعة العديد من الصناعات المتفوقة تكنولوجيًّا في السلاح والأجهزة الطبية، وكل هذا يُعَدُّ من أساسيات التفوق الأمريكي عالميًّا.

لا شك أن الصراع الصيني الأمريكي يدخل في مُنْعَطَفٍ جديدٍ قد يصل لدرجة من الخطورة تصعب تداركها، وقد يُفْلِتُ زِمَامُ الأمر من الجانبين، جانب يمنع وجانب يعاقب، والأسواق العالمية تَئِنُّ اقتصاديًّا، فيدفع المواطنون والمستثمرون فاتورة الحرب بين الطرفين. الأيام المقبلة تَحْمِلُ في رَحِمِهَا الكثير في الحرب الباردة التي بلغت درجة الانصهار.

كلمات البحث