تروّج شركة ميتا لنظاراتها الجديدة Ray-Ban Display باعتبارها قفزة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء، تمزج بين الأناقة والتقنيات الذكية، لكن خلف هذا الإطار المصنوع من الألومنيوم اللامع، تخفي النظارات عددًا من المشكلات التقنية والتصميمية التي بدأت تُثير خيبة أمل بين المستخدمين الأوائل الذين أنفقوا ما يقارب 25 ألف جنيه مصري (نحو 800 دولار أمريكي) للحصول عليها، وفقا لـ geeky-gadgets
موضوعات مقترحة
بين وعود ميتا المستقبلية وواقع الاستخدام اليومي، تتكشف أسئلة كثيرة حول ما إذا كانت هذه النظارات تستحق قيمتها فعلًا، خاصة في ظل منافسين مثل Rokid الذين يقدمون حلولًا أكثر توازنًا وسعرًا أقل.
شاشة متقدمة لكن بتصميم مربك
تتميز نظارات ميتا بشاشة عرض عالية الدقة تصل إلى 600×600 بكسل ومعدل تحديث 90 هرتز وسطوع مذهل يبلغ 5000 شمعة. لكن المفاجأة أن الشاشة موجودة في العين اليمنى فقط، وهو ما يتسبب في ظاهرة تُعرف بـ"التنافس الثنائي"، عندما يتلقى الدماغ صورًا مختلفة من كل عين، مما يؤدي إلى إجهاد بصري وصداع وغثيان لدى كثير من المستخدمين.
الأمر يصبح أكثر صعوبة لمن يعتمدون في الرؤية على العين اليسرى، وهم ما يقارب 30% من الناس، إذ يجدون استخدام النظارات شبه مستحيل. ورغم التقدم التقني في الشاشة، إلا أن هذا التصميم أحادي العين تجاهل الأساسيات الفسيولوجية والراحة البصرية، ما جعله من أكثر النقاط إثارة للجدل.
سوار عصبي مبتكر.. لكنه غير عملي
واحدة من أكثر الميزات التي تتباهى بها ميتا هي السوار العصبي الذي يرتديه المستخدم للتحكم في النظارات عبر الإشارات العضلية. التقنية تبدو مذهلة على الورق، لكنها في الواقع مزعجة. فالسوار يجب أن يُشد بإحكام ليعمل بدقة، مما يسبب انزعاجًا عند الاستخدام الطويل، كما أنه يخطئ كثيرًا في تفسير الحركات مما يؤدي إلى أداء متذبذب.
ويُضاف إلى ذلك أن فقدان السوار أو تلفه يعني تعطل معظم وظائف النظارة، ما يجعل التجربة غير موثوقة لمستخدمي الأجهزة اليومية الذين يبحثون عن بساطة واعتمادية.
عدسات طبية محدودة ومكلفة
تتيح ميتا دعم العدسات الطبية، لكن بشروط معقدة. إذ تقتصر النظارات على درجات بين +4 و-4 فقط، وتكلف العدسات الإضافية نحو 200 دولار، أي حوالي 6 آلاف جنيه مصري، وتحتاج أسابيع للتصنيع.
الأسوأ أن العدسات غير قابلة للاستبدال، ما يعني أن تغيّر قياس نظر المستخدم يجعل النظارات عديمة الفائدة لاحقًا. ومع السعر المرتفع للنظارة الأصلية (800 دولار)، يرى كثيرون أن هذه القيود تمثل نقطة ضعف رئيسية أمام شريحة كبيرة من المستخدمين.
الكاميرا.. الجانب المضيء في التجربة
رغم العيوب السابقة، تحظى الكاميرا المدمجة في النظارات بإشادة واسعة. فهي بدقة 12 ميجابكسل وتدعم تسجيل فيديوهات بدقة 4K مع تقريب بصري حتى 3x وثبات عالي، ما يمنح الصور والفيديوهات جودة احترافية حتى في الإضاءة الضعيفة.
هذه الميزة تجعل النظارات خيارًا جذابًا لمحبي التصوير وصناع المحتوى، لكنها لا تكفي لتبرير السعر الباهظ عندما تؤخذ التجربة الكاملة بعين الاعتبار.
مواد فاخرة وذكاء اصطناعي محدود الفائدة
من ناحية التصميم، استخدمت ميتا مواد فاخرة مثل التيتانيوم والألومنيوم وعدسات السافير، ما يمنح النظارات مظهرًا راقيًا. كما تضم تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة مثل الترجمة الفورية وتعليمات الإصلاح والتوجيه أثناء الطهي.
لكن رغم هذا البريق، يظل الاستخدام العملي محدودًا بسبب عيوب التصميم الأساسية والاعتماد الكبير على السوار العصبي. بمعنى آخر، الذكاء الاصطناعي هنا لا يستطيع إنقاذ التجربة عندما تفشل الراحة وسهولة الاستخدام.
Rokid.. المنافس الذي يتفوق بهدوء
في الوقت الذي تثير فيه نظارات ميتا جدلًا، تقدم شركة Rokid بديلًا أكثر توازنًا وسعرًا أقل يبلغ 479 دولارًا فقط (نحو 15 ألف جنيه مصري).
تعتمد Rokid على شاشتين مزدوجتين بمعدل تحديث 144 هرتز لتوفير تجربة بصرية أكثر راحة وشمولية. كما تستبدل السوار العصبي بأزرار لمس ذكية أبسط وأكثر دقة. وتدعم العدسات الطبية بإدخالات مغناطيسية قابلة للتبديل بسهولة لتناسب مختلف المستخدمين.
وتتميز النظارات أيضًا بعمر بطارية جيد وجودة تصوير مقاربة لميتا، لكنها تتفوق من حيث الاعتمادية وسهولة الاستخدام اليومي.
التكنولوجيا وحدها لا تكفي
تكشف تجربة ميتا أن الابتكار التقني لا ينجح ما لم يُبنَ على تجربة مستخدم مريحة وشاملة. فرغم تفوقها في الكاميرا والمواد الفاخرة، فإن الاعتماد على عرض أحادي العين وسوار عصبي صعب الاستخدام يجعل النظارات بعيدة عن الواقع العملي.
وفي المقابل، تقدم Rokid درسًا مهمًا: الابتكار الحقيقي ليس في المظاهر، بل في الراحة والبساطة. ومع استمرار سباق الشركات نحو "النظارات الذكية المثالية"، سيبقى الفائز الحقيقي هو من يحقق المعادلة بين التكنولوجيا والإنسان.