هؤلاء النجوم في المنطقة الرمادية

18-10-2025 | 11:56

ليس مطلوبًا منا أن نبحث في نوايا الآخرين أو طبائعهم طالما أننا لسنا مَعْنِيِّينَ بأمرهم. ولكن هل النجوم والمشاهير، وبخاصة من الفنانين، تهمنا سُلوكياتهم وطرق تعاملهم معنا، أو بالأحرى مع من هم حولهم من الجمهور العادي (المُعْجَبِينَ) مثلًا؟

الحوادث كثيرة جدًّا التي تسبب فيها تصرف مُعْجَبٍ في غضب فنان أو أحد المشاهير، ولا يمكن حصرها. 

وعادةً يصف البعض الفنان -مثلًا- بأنه مُتَعَالٍ أو مغرور، برغم أن التصرف قد يكون شَكَّلَ إهانةً له، فاضطر لأن يخرج عن طبيعته أو عما هو مطلوب منه أمام العامة كفنان، حتى يحافظ على صورته، لأنه ليس شخصًا عاديًّا يُقْبَلُ منه تجاوز، مع أن القاعدة هي أنه شخص عادي.

الفنانة منة شلبي في حديث لها عقب تكريمها في الدورة الثامنة من مهرجان الجونة تحدثت كثيرًا عن الغرور، وعن علاقتها بزملائها، وعن الود والمشاعر المتبادلة، وقالت إنها تربَّتْ في بيت إلهام شاهين وتحبها كثيرًا، وهي أستاذتُها، وكل من تابع اللقاء الموسَّع من الفنانين بكل فئاتهم هم أساتذتها. 

حازت كلمات منة شلبي على الإعجاب والثناء لأنها تؤكد للجميع أنها على طبيعتها، وليست مغرورة، وأن الغرور صفة سيئة. وهنا نقف عند نقطة فاصلة.

نسأل ونجيب، ولو على سبيل الشرح لمواقف شاهدتها بأم عيني: هل يُصاب الفنان بالغرور؟

نعم، يُصاب بالغرور، وبخاصة في مناسبات مثل المهرجانات السينمائية أو الحفلات أو حتى في سرادقات العزاء. ألوم بالطبع "البلوجرز" ومُتَتَبِّعي المشاهير في مناسبات كالسرادقات التي تُقام للعزاء أو في الجنازات، لكن النجوم هم من صنعوهم، هم من مَنَحُوهم الضوءَ الأخضر. علينا أن نعترف أن لكل نجم عددًا من "البلوجرز" وأدْمِنِ الصفحات، وهم من يقومون بنشر الصور والتعليقات له.

في العالم كله توجد مثل تلك الظواهر، ولكنها ليست "بلوجرز" أو "أدمن صفحات"، بل مُتَخَصِّصُون في دعم صورة النجم وتوصيل أخباره بشياكة دون تطفل أو محاولات للإثارة، كأن يُطْلِقَ فنان عن نفسه شائعةَ زواجٍ أو طلاق، أو حتى أنه تحول من ممثل إلى سائق تاكسي بسبب البطالة.

وأعود إلى ما قالته منة شلبي في الجونة، نعم هناك غرور يُصاب به الفنان، يُحَوِّلُه هذا الغرور في نصف مشواره إلى كائن   غير قابل للمرور إلى قلوب الجمهور الذي أحبه؛ ولدينا أمثلة لكوميديانات أصابتهم لوثة الغرور، وجلسوا في بيوتهم يبحثون عن مُنْقِذٍ، ونجوم شباب أحدهم يمر حاليًّا بأسوأ أيام عمره، لم يعد يذكر حتى بعض من وقفوا بجانبه. مع أنه ببساطة يمكن لممثل أن يصبح نجمًا بين جمهوره دون أن يصعد على المسرح ويتفلسف بأن له رأيًا شخصيًّا ورأيًا فنيًّا، ويُلْقِي بالتُّهَمِ على مواقع وصفحات هو كان شريكًا في صناعتها.

يا سادة، هناك فرق بين الكبرياء والغرور؛ فالكبرياء قد يكون نابعًا من اعتزازٍ مشروعٍ بالنفس والكرامة، بينما الغرور يقوم على وهم التفوق لا على الحقيقة. وهذا الوهم هو ما أصاب بعض الفنانين الشباب، فأصبحوا في منطقة رمادية لأن ثقافتهم لن تمنحهم تصريحًا بالمرور إلى مرحلة أخرى أكثر أمانًا. هم في المنطقة الرمادية، إن نجحوا في تفهم طبيعة الجمهور المصري انتقلوا بموهبتهم وبقليلٍ من الثقافة -مثلًا- إلى منطقة تسمح لهم بالنجاح.

وللأسف، ما أُنْتِجَ خلال السنوات العشر الماضية من ممثلين شباب، منهم من قد يمرون بنفس ظواهر من سبقوهم، ظواهر تختفي دون رجعة إن لم يعيدوا قراءة علاقاتهم ويتخلوا عن نبرة وسلوك الغرور الذي أصابهم، فأصبح بعضهم يتحدث وكأنه صنع تاريخًا فاق أنتوني هوبكنز وآل باتشينو وروبرت دي نيرو، وحتى دي كابريو أو كيت بلانشيت التي بدأت كومبارسًا ولا تزال تُمَثِّلُ بتواضع المبتدئة.

رحم الله من تواضعوا فأبدعوا، فقد كان نور الشريف مثالًا يُحْتَذَى به في الثقافة والتواضع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: