شهدت القاعة الكبرى في البلازا بالجونة، مساء اليوم، عرض الفيلم المصري «عيد ميلاد سعيد» في عرضه الأول في العالم العربي، ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، وسط حضور جماهيري كبير، ووجود لافت لنقاد وفنانين وصناع سينما.
موضوعات مقترحة
الفيلم، رغم بساطته الشديدة، يحمل وجعا حقيقيا. المخرج سارة جوهر اختارت أن تفتح ملفا حساسا مثل «عمالة الأطفال» بلغة ناعمة وهادئة، من دون مباشرة أو افتعال، لتترك للمشاهد مشاعر الألم تتسلل بهدوء وتترك أثرها بعمق.
الطفلة خديجة، التي تجسد شخصية «توحة» الخادمة الصغيرة، كانت مفاجأة الفيلم. أداؤها فطري وصادق، قادر على إيصال المشاعر من دون مبالغة أو افتعال، وهو ما يحسب للمخرجة التي أدارتها بحس إنساني رفيع، لكن الفضل الأكبر يعود لموهبة الطفلة نفسها التي حملت العمل على كتفيها ببراعة.
القصة بدت متماسكة. رغم تركيزها على قضية أساسية، فإن الفيلم أشار بذكاء إلى قضايا فرعية مهمة، منها خطر تعرض الأطفال للعنف والاغتصاب كما في مشهد محاولة الخطف من سائق توك توك، وكذلك النظرة الطبقية التي يتعرض لها الفقراء في الأماكن العامة، إلى جانب تصوير مهنة صيد السمك بشكلها البدائي القاسي. كل هذه العناصر أضافت عمقا واقعيا للفيلم من دون أن تثقل على حكايته.
الموسيقى التصويرية كانت أحد مفاتيح جمال العمل. جاءت هادئة ومنسجمة مع روحه، فدعمت الإحساس بدلا من أن تفرض نفسها عليه. أما على مستوى الأداء التمثيلي، فقدمت حنان مطاوع كعادتها أداء من النوع «السهل الممتنع»، وأدت نيللي كريم دورها باتزان، فيما لفتت حنان يوسف الأنظار بتألقها وحضورها القوي.
سارة جوهر، في تجربتها الإخراجية الأولى، لم تحاول استعراض مهارات أو إغراق العمل بتفاصيل شكلية. اختارت البساطة كعنوان، ونجحت في توصيل رسالتها بأقل قدر من الزحام البصري، وهو ما يجعل الفيلم قادرا على ملامسة مشاعر الجمهور، ويبرر اختياره لتمثيل مصر في سباق الأوسكار عن فئة أفضل فيلم دولي.
«عيد ميلاد سعيد» فيلم صغير في حجمه، كبير في أثره. يوجعك من دون ضجيج… ويتركك بعد نهايته تفكر طويلا.