«حصة شبشير».. قلعة صناعة العسل في مصر

16-10-2025 | 15:00
;حصة شبشير; قلعة صناعة العسل في مصرأحد العاملين بصناعة العسل
شيرين أبو شعيشع
الشباب نقلاً عن

يخرج منها 70 % من إنتاج مصر من العسل.. وفى كل بيت خلايا نحل تنتج "مختلف الألوان"

موضوعات مقترحة
دكتور عبد الفتاح خضر: نطالب وزير الزراعة بوضع سعر استرشادى للطرد لإنقاذ المهنة
جرام سم النحل يباع بألف دولار فى الخارج ونتائجه جيدة فى علاج العظام والمفاصل وخشونة الركبة  

حصة شبشير ..قرية تابعة لمحافظة الغربية وتبعد نحو 15 دقيقة عن طنطا، تعتبر قلعة صناعة العسل في مصر، وهى نموذج  لقرية لا تعرف البطالة .. فى كل بيت خلايا نحل تنتج العسل مختلف الألوان والفوائد، ولذلك يعد مصدرا أساسيا لدخل أهل القرية التي يعمل كل سكانها في تربية النحل وإنتاج العسل، فهي تنتج نحو 70 % من إنتاج مصر من العسل بما يكفى الإنتاج المحلى ويصدر للخارج . 


القرية فرضت اسمها دوليا لكونها قلعة انتاج أجود أنواع العسل منذ عشرات السنين وتتوارثها الأجيال الجديدة ، قبلها كانت مركزا لزراعة البصل حتى أنها سميت بحصة البصل، لكن بدأ أهالى القرية تدريجيا في تغيير مهنتهم من زراعة البصل الى تربية النحل واستغلوا المساحات الزراعية الكبيرة وتنوع الازهار من الفواكه المزروعة بها لإنتاج أنواع عديدة عالية الجودة من العسل مثل عسل الينسون وعسل الموز وعسل القطن وغيرها، كما تعلم أهالى القرية أنفسهم من النحل النظام والنشاط حتى أصبحوا رواد صناعة العسل في مصر ووصلت شهرتهم الى العالمية، وكما يقول خالد شاهين صاحب مصنع عسل نحل: إن قريتهم هي الأشهر في تربية النحل، ويوافقه مصطفى البنهاوى ،صاحب منحل، ويقول: أكثر من 90 % من أهل القرية يشتغلون في تربية نحل العسل، ولكن منذ عام 2022 بدأت تظهر العديد من المشاكل أمام هذه المهنة ، بداية من فيروس كورونا مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على ارتفاع أسعار المستلزمات المختلفة، فنحن نحتاج الى هيئة للثروة النحلية على غرار هيئة الثروة السمكية وهيئة الثروة الحيوانية حتى تهتم بمشروعات تربية نحل العسل وحل المشكلات التي تواجه المهنة والتي قد تهددها بالانقراض تدريجيا، ومصر تحتل المركز الأول في تصدير النحل الحى إلى الدول الأوروبية بما يصل الى مليون و250 ألف طرد على مستوى التصدير، كما يصدر الى  الدول العربية وعلي رأسها السعودية والامارات والكويت وقطر وباقى الدول التي تسمح باستيراد النحل الحى.

أحد العاملين بصناعة العسل

أحد العاملين بصناعة العسل


القرية تسمى "قرية الشفائين" نسبة الى عسل النحل والقرآن الكريم.. وبخلاف العسل فهي لها تاريخ مع القرآن الكريم من خلال الكتاتيب والتي تزيد على 30 كتابا، وقد أسست فيها مسابقة في حفظ القرآن الكريم وتشتهر بكثرة حافظي كتاب الله والقراء، يقول د.عبد الفتاح خضر أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم وعميد كلية أصول الدين بالمنوفية وعميد كلية القرآن الكريم بطنطا: خرج من قريتنا عدد كبير من أساتذة اللغة العربية وأصول الدين والصيدلة والطب والهندسة، لا توجد عندنا مقاه وتحل أغلب المشكلات بجلسات عرفية، لذلك لا نحتاج الى المحاكم، ولدينا في القرية معاهد أزهرية على أعلى درجات الجودة والاعتماد، فأنا أستاذ منذ 21 عاما وهناك أساتذة يطوفون حول العالم، والقرية تعد مسقط رأس الامام محمد عبده حيث تزوجت والدته السيدة حبيبة عتمان في حصة شبشير ثم انتقلت الى محلة نصر بالبحيرة قبل أن ينتقل شيخنا الفاضل الى الجامع الأحمدى بالقاهرة ثم يسافر إلي فرنسا ويصبح من أهم مجددى العلم والمعرفة في الأزهر، وله في القرية معهد أزهرى باسمه، ويكفي القول بأن قريتنا خرج منها نحو 2000 عالم دكتوراه وماجستير داخل الجامعات المصرية وخارجها رغم أن عدد سكانها لا يزيد حالياً على 15 ألف نسمة .

أحد العاملين بصناعة العسل


هذا فيما يتعلق بالشفاء الأول وهو القرآن الكريم، أما الشفاء الثانى وهو عسل النحل فيتحدث عنه الدكتور فتحى بحيري أمين صندوق جمعية النحالين المصريين، فيقول: بدأت القرية في تربية النحل وإنتاج العسل على يد الحاج أحمد النادى وابن شقيقه بسيونى النادى والحاج إسماعيل عتمان الذى يعتبر كبير نحالى مصر منذ الاربعينيات، وهناك حالياً نحو 6 مناحل في كل بيت في القرية، وحصة شبشير هي القرية الأولى لإنتاج النحل على مستوى العالم، وللأسف الشديد بدأت المهنة تتدهور في السنوات الأخيرة نظرا لارتفاع أسعار المنتجات الخام ومستلزمات الإنتاج، وكنا نناشد المسئولين بوزارة الزراعة بوضع سعر استرشادى للطرد منذ أيام التسعينات حينما كان سعره 40 دولاراً تقريبا ، وحاليا وصل سعر طرد العسل الذى يوازى كيلو وربع عسل الى 3 دولارات .. بينما يصل سعر الطرد العالمى الى 80 دولاراً، والتجار هم الذين يشترون العسل بأرخص الأسعار، وبصفتى أمين صندوق جمعية النحالين المصريين نطالب الوزارة بحل المشكلة ووضع سعر استرشادى للطرد ، فنحن نريد عودة عدد خلايا النحل الى مليوني خلية بعد تراجعها للنصف تقريبا خلال الأربع سنوات الأخيرة، فقد كنا بلدة فقيرة ولكن بفضل عقول أبنائها في التوسع في تربية النحل أصبحنا قرية منتجة بلا بطالة.

د.عبد الفتاح خضر


وعن دورة تربية النخل يقول: النحل 3 أنواع .. الملكة والشغالة والذكر.. والأخير معجزة إلهية لأنه يخلق بدون أب ووظيفته تلقيح الملكة، وعمر النحلة يحسب من يوم خروجها الى الحياة حتى موتها وهو مرتبط بمجهودها خاصة في المواسم وكثرة العمل، مثل موسم البرسيم أو الموالح والبرتقال واليوسفى .. ممكن أن تموت بعد شهر وفى الشتاء تعيش أكثر لأنها فترة ركود، وتربية النحل سريعة المكسب، خلال شهرين من بداية المشروع تستطيع ان تحقق ربع المدفوع .. وبعده بشهر ونصف يبدأ موسم البرسيم وتحقق ثلاثة أرباع المصروف، ثم مع زراعة القطن أو السمسم ومع تعديل الأسعار يمكن أن تحقق ربحا عاليا .
وعما يفعله النحال طوال فترة الركود في الشتاء يقول: هذا هو الفارق بين النحال الشاطر عن غيره، فهو يقوم بمعالجة حشرة الفروة التي تهاجم النحل، وينقل النحل الى مكان دافئ بعيدا عن تيارات الهواء وسط الزهور مثل الكافور أو الكراوية ثم يتنقل على الموالح، ونضع له في الشتاء مياها بسكر أو سكر بعجينة بهدف الغذاء، والعسل الطبيعى يكون مجمداً في الشتاء .. ولذلك أغلب منتجات العسل الموجود في السوبر ماركت سائل صيفا وشتاء وبالتالي "مغشوش"، والتاجر يشتري سعر كيلو العسل من نحالى القرية بـ 75 جنيهاً، كما أننا نطالب بوضع اسم القرية واسم النحال على العبوات.


ويكمل الحديث يوسف أحمد، أحد شباب القرية، يقول: أنا خريج كلية الهندسة جامعة المنوفية وأعمل منذ صغرى في تربية النحل وإنتاج العسل مع والدى رحمه الله، وهذه المهنة يعمل فيها أكثر من 90 % من أبناء القرية ويوجد فيها مناحل صغيرة ومناحل كبيرة ويقوم الهواة أو المبتدئون بعدد صغير من خلايا النحل وعندما يتكاثر النحل يزيد عدد الخلايا، وأشهر مواسم إنتاج العسل هما موسمى البرسيم والموالح، حيث توضع الخلايا في حقول البرسيم ويخرج النحل لجمع الرحيق وحبوب اللقاح ونقلها للخلايا، أما موسم الموالح فننقل النحل الى المناطق الجبلية التي تزرع الموالح مثل البرتقال واليوسفى والليمون، ويقوم النحل بجمع حبوب اللقاح والرحيق ويتم فرز النحل وإعادة الخلايا للقرية وجمع العسل .
ويلتقط طرف الحديث ياسين محمود قائلا : تشتهر القرية بجانب تربية النحل وإنتاج العسل ببيع مستلزمات النحل والطرود التي أعمل فيها، ونشهد ركودا فيها في فصل الشتاء  كما أن هناك منتجات أخرى للنحل مثل الشمع والعسل وحبوب اللقاح والجينسنج والبروبليس وطلع النخل.


ويقول عبد الرحمن وليد- طالب في كلية أصول الدين جامعة طنطا- : منذ صغرى وأنا أعمل في مجال تربية النحل، ففي كل بيت في القرية مناحل كثيرة، ومؤخرا بدأت أتعلم كيفية شفاء المريض بسم النحل وهو يحتاج الى حرص شديد من النحال، وإذا تم اعتماده رسميا من قبل المؤسسات الرسمية ومارسه الأطباء بطريقة صحيحة سيدر مليارات الدولارات على بلادنا.. فجرام سم النحل في الخارج يباع بألف دولار أي ما يساوى تقريبا 50 ألف جنيه مصري، وحاليا يباع الجرام منه بألف جنيه ونتائجه ممتازة في علاج العظام والمفاصل وخشونة الركبة ومعظم الأمراض العضوية.
تبدأ السيدة أم بطة تعمل في أحد مصانع تعبئة وتغليف العسل فتقول: أنا حاصلة على دبلوم تجارة وأعمل منذ 6 سنوات في المصنع ونقوم بتحليل كل المستلزمات ونراعى الجودة في كل مراحل تعبئة وتغليف العسل تحت إشراف مسئولي الجودة، ويعمل في المصنع فتيات وشباب من أهل القرية .

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة