طالب مصري ضمن العشرة الأوائل في كلية اللغة العربية بالأزهر.. كيف؟

16-10-2025 | 14:26
طالب مصري ضمن العشرة الأوائل في كلية اللغة العربية بالأزهر كيف؟طلبة كلية اللغة العربية بجامعة الازهر
روان عبد الباقى
الشباب نقلاً عن

طلاب باكستان والهند وإندونيسيا أشطر من المصريين في اللغة العربية

موضوعات مقترحة
 

عميد الكلية: الأمر ذاته تكرر في كلية أصول الدين.. ومعظم الطلاب غير مؤهلين للدراسة بها

أثارت قائمة الأوائل التي أعلنتها كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر جدلا واسعا، بعدما تصدّرها الطلاب الوافدون، في مقابل غياب شبه تام للطلاب المصريين، وبناء عليه فتح هذا المشهد غير المألوف الباب لتساؤلات عديدة: أين ذهب الطلاب المصريون؟ وما الذي جعل الكلية التي أخرجت عظماء في اللغة العربية وعلومها تعاني من فتور في رغبة الالتحاق بها؟ وما سبب تراجع مستوى الخريجين المصريين بهذا الشكل لدرجة أنه تفوق عليهم طلاب غير عرب أصلا؟
ونشرت كلية اللغة العربية بالقاهرة، عبر صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، قوائم لأوائل خريجيها، حيث تصدر 9 طلاب وافدين قائمة الأوائل في الشعبة العامة مقابل طالب مصري واحد، بينما في شعبة التاريخ حصل الوافدون على 5 مراكز مقابل 5 مصريين.

عميد الكلية د.علاء جانب


ليست حالة فردية
المفاجأة أن عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، الدكتور علاء جانب، قال إن الأمر ذاته تكرر في كلية أصول الدين، حيث تصدّر الطلاب الوافدون قوائم الأوائل على حساب المصريين في سابقة لم تكن معتادة. وفي الأعوام السابقة، فقد كنا نشهد وجود طالبين أو ثلاثة من الوافدين ضمن قائمة العشرة الأوائل، بينما كان باقي المتفوقين من المصريين، إلا أن هذا العام شهد غيابا شبه تام للطلاب المصريين.


من أبرز تلك الأسباب، من وجهة نظر العميد، هو تدني مجموع القبول بكلية اللغة العربية حيث تقبل الطلاب الحاصلين على 53% بالثانوية الأزهرية، مما يجعل كثيرا منهم غير مؤهلين فعليا للدراسة في هذا التخصص العلمي واللغوي الدقيق. ورغم ذلك فهناك نماذج مصرية متميزة التحقت بالكلية عن رغبة حقيقية، مثل الطالب علي سامي الذي ترك كلية الهندسة ليلتحق باللغة العربية، ويعمل الآن إماما بوزارة الأوقاف.
وأشار "جانب" في تصريحاته لمجلة "الشباب" إلى أن الطلاب المصريين يقعون تحت ضغط اقتصادي كبير، حيث يضطر كثير منهم إلى العمل أثناء الدراسة، ما يقلل من وقتهم المخصص للتحصيل العلمي، في حين يحظى الطالب الوافد بمنحة كاملة وتفرغ كامل للدراسة، وهو ما يجعل المقارنة تميل دائما لصالحه.

الطلبة أثناء تأدية الامتحانات


أزمة اللغة العربية
ويرى العميد أن أزمة اللغة العربية ليست مرتبطة بالأزهر وحده، بل تعكس تراجعا عاما في نظرة المجتمع إلى اللغة، يبدأ من التعليم قبل الجامعي، مرورا بالحد الأدنى للقبول في كليات اللغة العربية، والذي غالبا ما يفتح الباب أمام الطلاب الحاصلين على أقل مجموع، وليسوا أصحاب الرغبة أو الشغف الحقيقي، وهذا يؤدي إلى مشهد متكرر: طلاب يدخلون الكلية دون رغبة، وبالتالي يعانون من الإحباط، ويواجهون مستقبلا غامضا بعد التخرج.


الواقع كما يصفه الدكتور علاء، أصبح أكثر صعوبة، حيث باتت مهمة الأساتذة في الكلية تتركز على دعم الطلاب المتعثرين، ومحاولة إيصالهم إلى درجة النجاح، في وقت تراجع فيه الحماس العام للدراسة، وتقلصت فرص التميز.
الخريجون، بحسب العميد، يتجهون إلى العمل في مجالات مثل التدقيق اللغوي، والتعليم، والخطابة، والمشاركة في المسابقات، وأحيانا في الإعلام أو الأعمال الدرامية ذات الطابع التاريخي، لكن هذه الفرص غالبا ما تكون محدودة وغير محفّزة ماديا.
ولخطورة ما جرى، أوضح عميد كلية اللغة العربية أن شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، تحرّك سريعا فور اطلاعه على النتائج، ودعا إلى عقد اجتماع مع المستشار الثقافي بالأزهر لمناقشة الأمر، مؤكدا أن استمرار قبول الطلاب في الكلية بمجموع 50% سيؤدي إلى إضعاف الهوية اللغوية والثقافية، ليس في الأزهر وحده، بل في المجتمع كله.

الطلبة أثناء تأدية الامتحانات


مقترح لرفع الحد الأدنى للقبول بالكلية
وتحدث عميد الكلية عن أبرز المقترحات التي تم عرضها في الاجتماع من رفع الحد الأدنى للقبول بالكلية لضمان التحاق الطلاب المؤهلين وتقديم حوافز مادية ومعنوية للطلاب المتفوقين ودمج الطلاب في أنشطة ثقافية وميدانية لتحفيزهم على الالتحاق بالكلية وإعادة النظر في المناهج وطرق التدريس، والانتقال من التلقين إلى المشاركة الفعالة بالإضافة إلى ربط الكلية بسوق العمل من خلال تدريب الطلاب في المدارس، والصحف، والمؤسسات التي تحتاج إلى متخصصين في اللغة.
وختم جانب حديثه بأن اللغة العربية ليست مجرد تخصص جامعي، بل هي قضية هوية وثقافة وانتماء، وما نراه اليوم ليس أزمة مصرية فحسب، بل أزمة عربية.


طلاب يروون تجربتهم
وتباينت آراء خريجي وطلاب كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر حول تجربتهم الدراسية، ما بين من التحق بها اضطرارا بسبب المجموع، ومن اختارها حبا وشغفا باللغة العربية، رغم التحديات المادية وسوق العمل المحدود.

يقول محمد غانم خريج كلية اللغة العربية جامعة الأزهر دفعة 2025: "دخلت الكلية لأن مجموعي في الثانوية الأزهرية كان ضعيفا، ولم أحب الدراسة فيها، رغم أن الأساتذة بالكلية على أعلى مستوى".
ويضيف محمد: الاهتمام باللغة عند الوافدين أعلى من الطلاب المصريين، وبعد الامتحانات كنت أرى الطلاب المصريين يشتكون من صعوبة الامتحان أكثر من الوافدين، وربما هذا الأمر لأن الطالب الوافد يكون متفرغا للدراسة أكثر من الطالب المصري.


أما إسلام حمدي، خريج كلية اللغة العربية، فقال إنه تخرج في كلية التجارة، وعمل موظفا ببنك لكنه التحق بكلية اللغة العربية عن رغبة شخصية. وخلال السنوات الثلاث الأولى في الدراسة كان يحجز لنفسه مكانا في قائمة العشرة الأوائل لكن في السنة الرابعة تراجعت تقديراته بسبب ضغط العمل.
ويروي محمد يحيى، الحاصل على بكالوريوس صيدلة ويعمل بإحدى شركات الأدوية، أنه التحق بالكلية رغم دراسته للصيدلة، حبا في اللغة العربية، مؤكدا أن العديد من الأساتذة بالكلية التحقوا بها بعد دراستهم في تخصصات مختلفة، ولكن هذه الحالات تكون نادرة لأن 90% من طلاب الكلية غير مهتمين بدراسة موادها
ويضيف أحد الطلاب بالكلية فضل عدم ذكر اسمه أن هناك حالة من الإحباط تواجه الكثير من الطلاب المصريين، بسبب ندرة الفرص في سوق العمل بعد التخرج، كما أشار إلى أن هناك عددا كبيرا من الطلاب المصريين الذين يلتحقون بالكلية وهم غير حافظين للقرآن الكريم، ومعظم الشواهد والأدلة في الامتحانات تكون من القرآن، وهذا يصعّب عليهم الدراسة.


ويستكمل: "أنا أعمل في الخطابة والدعوة، وأدرّس في مكتب لتحفيظ قرآن، وأعطي دروس تحفيظ للوافدين وهذا يكون له عائد، لكنه ليس متاحا للجميع، ولا توجد فرص كافية توصل للطلاب الإحساس بقيمة اللغة أو تفتح لهم طريقا مهنيا واضحا".


الطلاب الوافدون
في المقابل، تحدث أحد الطلاب الوافدين، عبد الله محمد، من دولة إندونيسيا عن تجربته داخل الكلية، قائلا: التحقت بكلية اللغة العربية لأنني أحب هذه اللغة وأريد أن أتخصص فيها، فهي لغة القرآن، ووجودي في الأزهر فرصة عظيمة لتعلّمها من مصادرها الأصلية.
وأكد عبد الله أنه يخصص معظم وقته للدراسة، ويحضر المحاضرات بانتظام، ويجد دعما كبيرا من الأساتذة، موضحا أن تفوق الطلاب الوافدين لا يعود فقط إلى المناهج، ولكن إلى التركيز والتفرغ

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: