يصل نهضة بركان المغربي إلى القاهرة لمواجهة مضيفه بيراميدز بكأس السوبر الإفريقي لكرة القدم، بعد غد السبت، بشعور مألوف، وهو كأس قارية على المحك وزخم قوي.
موضوعات مقترحة
ويواجه النادي المغربي، الفائز بكأس الاتحاد الإفريقي (الكونفيدرالية الإفريقية) الموسم الماضي، منافسه المتوج بلقب دوري أبطال إفريقيا في نسخته الماضية، على ملعب (30 يونيو) بالعاصمة القاهرة.
إنها مباراة فريدة من نوعها بين الفائزين بمسابقتي الأندية الإفريقية، حيث يحصل الفائز على 500 ألف دولار أمريكي، في حين ينال الوصيف 250 ألف دولار، حيث يسعى بركان للفوز بكأس السوبر للمرة الثانية بعدما أحرز اللقب عام 2022.
وتأسس نادي نهضة بركان الرياضي في مدينة بركان، المدينة المشهورة بزراعة الحمضيات بالمغرب، وتطور من ناد إقليمي ذي إدارة جيدة إلى أحد أكثر الفرق الإفريقية موثوقية في الأدوار الإقصائية.
جاءت نقطة التحول خلال العقد الماضي، الذي شهد تحسين البنية التحتية، وتوظيف أكثر ذكاء، وهوية واضحة. ثم تبع ذلك نهائيات قارية، بداية بخيبات أمل، ثم اعتياد على اعتلاء منصة التتويج، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف).
وفاز بركان بكأس الكونفدرالية الإفريقية عام 2020، وعاد ليحرزها مجددا عام 2022، ثم استعاد اللقب الموسم الماضي ليؤكد سمعته كفريق متخصص في حصد الكؤوس.
لقد سارت هذه المسيرة بنجاح، حيث اشتهر نهضة بركان بصعوبة اختراق دفاعاته خلال رحلاته الخارجية، وشراسته على ملعبه أمام جماهيره النابضة بالحياة في الملعب البلدي.
ويستند بركان في أدائه على التنظيم الدفاعي أولا، ثم السرعة والدقة في الانتقالات نحو الهجوم، مدعوما بتهديد المنافسين من خلال الكرات الثابتة.
يقود نهضة بركان المدرب التونسي الشاب معين الشعباني، الذي ينعكس أسلوبه في اللعب على خططه في المباريات، حيث يعتمد على المهارة والتكتيك، والدقة في الأداء.
الشعباني، الذي قاد بركان أيضا للفوز بآخر انتصاراته القارية، أعاد إلى الأذهان السمات المميزة التي تجعل مواجهة "الفريق البرتقالي" صعبة للغاية، في ظل تواجد كتلة متماسكة في وسط الملعب، وظهيران يحسنان توقيت تداخلاتهما، وخط هجوم مدرب على استغلال المساحات في دفاعات المنافسين بدلا من الاستحواذ على الكرة.
ويولي جهاز الشعباني اهتماما خاصا بالتفاصيل، وتنفيذ خطط لتنفيذ الكرات الثابتة على أفضل وجه، ويستخدم الفيديو في تحديد محفزات الخصم، والتناوب الدقيق بين اللاعبين في المباريات للحفاظ على مستويات عالية من الطاقة خلال المنافسة الشرسة على البطولات المحلية والقارية.
ويبدو هذا الأسلوب مصمم لمباريات الأدوار الإقصائية، وقد ظهر ذلك بوضوح خلال مسيرة بركان في كأس الكونفدرالية الموسم الماضي، حيث لم يستقبل الفريق سوى القليل من الأهداف، وسجل لاعبوه في اللحظات الحاسمة، وأداروا المباريات بنضج.
ويظل المهاجم أسامة المليوي محورا أساسيا في شخصية بركان، حيث يقود النجم المغربي، المصاب حاليا، خط هجوم الفريق بهيمنته في الكرات العالية وتمركزه الهادئ، ويشكل خطرا دائما من الكرات الثابتة.
إلى جانبه، لطالما تميز خط هجوم بركان بوجود شريك مخضرم هو بول باسين، الذي يعتبر أحد الخيارات الهجومية الخطيرة، بينما يقدم الجناح الأيمن المخضرم يوسف مهري قوة ودقة في التمريرات من الأطراف.
في خط الوسط، يمزج بركان بين القوة البدنية والبراعة، حيث يتولى لاعب الوسط الدفاعي مهمة التغطية وإعادة تدوير الكرة بسرعة، مما يسمح للاعبين المتقدمين بتجاوز خطوط الضغط.
كان التوازن بين لاعب قادر على انتزاع الكرة ولاعبٍ متحكم بها عاملا أساسيا في قدرة بركان على تغيير مسار اللعب خلال المباريات، حيث يمتص الضغط ثم ينطلق بسرعة إلى المساحات.
في الهجوم، يعتمد بركان على المليوي، وهو مهاجم على الأطراف يتميز بتسديداتٍ دقيقة وتوقيت رائع في منطقة الجزاء، حيث أحرز أهدافاً حاسمة في الكونفدرالية الموسم الماضي، كما يعزز باسين قدرات بركان بفضل ركضه السريع الذي يشكل تهديدا لدفاعات الفرق الأخرى.
يضاف إلى ذلك الكرات الثابتة الموجهة لإسماعيل قندوس، ويشكل بركان، الذي توج الموسم الماضي بدوري المحترفين المغربي ويلعب في النسخة الحالية لدوري أبطال إفريقيا، تحديات متنوعة دون الاعتماد على عدد كبير من اللاعبين.
كان البدلاء أيضا سلاحا فعالا لدى نهضة بركان، لا يخشى الشعباني تغيير التشكيلات والانتقال من 4 / 2 / 3 / 1 إلى 3 / 4 / 3 في اللحظات الأخيرة، للحفاظ على التقدم أو السعي وراء هدف بروح قتالية عالية، وأثبتت هذه التغييرات في اللعب أنها حاسمة في العديد من مباريات كأس الكونفدرالية الموسم الماضي.
وتكمن ميزة بركان في عاداته التي اكتسبها من خلال تكرار المباريات النهائية التي خاضها، حيث يعرف الفريق إيقاع مباريات الأدوار الإقصائية، وهو إبطاء اللعب في اللحظات المناسبة، وتضييق المسافات، واستغلال أخطاء المنافسين.
ويقابل ثباتهم خارج أرضهم إصرار لا هوادة فيه على الملاعب المحايدة، حيث يعتمدون على التنظيم والركلات الثابتة لتحقيق فوز بفارق ضئيل. إنها شخصية مصممة خصيصا لكأس السوبر التي تقام من مباراة واحدة.
وفي آخر مرة التقى فيها بركان وبيراميدز في نهائيٍ قاري، كانت الغلبة للفريق المغربي، والآن يواجه الفريق المغربي بطل إفريقيا على أرض القاهرة مع فرصة لتأكيد جدارته.
من المتوقع أن يبقي الشعباني المسافات ضيقة، ويدفع بيراميدز إلى الازدحام، مع البحث عن اندفاعات سريعة على الجانبين لخدمة المهاجمين والقادمين من الخلف، وستكون إدارة المباراة، وليس عدد الفرص بمثابة أولوية لبركان.
خلف الفريق الأول، استثمر بركان بهدوء ولكن بثبات في استكشاف المواهب المحلية في جميع أنحاء شمال شرق المغرب والبلدان المجاورة، والنتيجة هي نواة قوية لعدة مواسم.
قادة مثل المليوي، ولاعبون محليون مخضرمون، ولاعبون شباب متعطشون للمشاركة في دقائق محددة. هذا التناغم يفسر لماذا نادرا ما يصاب بركان بالذعر في المباريات الحاسمة، ولماذا يصل غالبًا إلى المراحل الحاسمة من البطولات الإفريقية.
ومهما حدث تحت أضواء ملعب 30 يونيو، فإن مكانة نهضة بركان واضحة، فهو قوة مغربية عصرية مبنية على الوضوح والتماسك وسلسلة انتصارات لا هوادة فيها عند اقتراب الألقاب.